زودت «الرئات المصغرة’’ المزروعة من أنسجة وقع التبرع بها لمستشفيات كامبريدج، فريقا من العلماء من كوريا الجنوبية والمملكة المتحدة برؤى مهمة حول كيفية إتلاف «كوفيد-19» للرئتين.
كتب العلماء في مجلة Cell Stem Cell، بالتفصيل، الآليات الكامنة وراء عدوى SARS-CoV-2 والاستجابة المناعية الفطرية المبكرة في الرئتين.
ويبدو أن الأنسجة المستهدفة الرئيسية لـ SARS-CoV-2، الفيروس المسبب لـ»كوفيد-19»، وخاصة في المرضى الذين يصابون بالالتهاب الرئوي، هي الحويصلات الهوائية، وهي أكياس هوائية صغيرة في الرئتين تمتص الأكسجين الذي نتنفسه وتبدله بثاني أكسيد الكربون في الزفير.
ولفهم كيفية إصابة SARS-CoV-2 بالرئتين بشكل أفضل والتسبب بالمرض، تحول فريق من العلماء من المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية إلى العضيات (organoids)، «أعضاء صغيرة» تنمو في ثلاثة أبعاد في طبق المختبر لتقليد سلوك الأنسجة والأعضاء.
واستخدم الفريق الأنسجة التي تم التبرع بها لبنوك الأنسجة في مستشفى Royal Papworth Hospital NHS Foundation Trust ومستشفى Addenbrooke وCambridge University NHS Foundations Trust بالمملكة المتحدة ومستشفى جامعة سيئول الوطنية لاستخراج نوع من خلايا الرئة المعروفة باسم الخلايا النسخية (الحويصلات الهوائية) البشرية من النوع 2 (AT2s)، من خلال إعادة برمجة هذه الخلايا إلى مرحلة «الخلايا الجذعية»، وتمكنوا من تنمية هياكل ثلاثية الأبعاد ذاتية التنظيم تحاكي سلوك أنسجة الرئة الرئيسية.
وقال الدكتور جو هيون لي، المؤلف الرئيسي المشارك وقائد المجموعة في معهد ويلكوم إم آر سي كامبريدج للخلايا الجذعية بجامعة كامبريدج: «ما زلنا نعرف القليل بشكل مفاجئ عن كيفية إصابة SARS-CoV-2 للرئتين والأسباب. وسمح لنا نهجنا بتنمية نماذج ثلاثية الأبعاد لأنسجة الرئة الرئيسية، بمعنى ما الرئتين المصغرتين، في المختبر ودراسة ما يحدث عندما تصابا بالعدوى».
وأصاب الفريق عضيات (organoids) الرئة بسلالة من SARS-CoV-2 مأخوذة من مريض في كوريا الجنوبية تم تشخيص إصابته بـ»كوفيد-19» في 26 يناير 2020 بعد السفر إلى مدينة ووهان الصينية.
وباستخدام الفريق مزيجا من التصوير الفلوري والتحليل الجيني للخلية الواحدة، تمكنوا من دراسة كيفية استجابة الخلايا للفيروس.
وعندما تعرضت النماذج ثلاثية الأبعاد لـ SARS-CoV-2، بدأ الفيروس في التكاثر بسرعة، ووصل إلى عدوى خلوية كاملة بعد ست ساعات فقط من الإصابة. والتكاثر يُمكّن الفيروس من الانتشار في جميع أنحاء الجسم وإصابة الخلايا والأنسجة الأخرى.
وفي الوقت نفسه تقريبا، بدأت الخلايا في إنتاج الإنترفيرون، وهي بروتينات تعمل كإشارات تحذير للخلايا المجاورة، تطلب منها تنشيط دفاعاتها المضادة للفيروسات. وبعد 48 ساعة، أطلقت الإنترفيرون الاستجابة المناعية الفطرية، خط دفاعها الأول، وبدأت الخلايا تقاوم العدوى.
وبعد ستين ساعة من الإصابة، بدأت مجموعة فرعية من خلايا الأنساخ الرئوية (AT2s) في التفكك، ما أدى إلى موت الخلايا وتلف أنسجة الرئة.
وعلى الرغم من أن العلماء لاحظوا تغيرات في خلايا الرئة في غضون ثلاثة أيام من الإصابة، إلا أن الأعراض السريرية لـ»كوفيد-19» نادرا ما تحدث بهذه السرعة وقد تستغرق أحيانا أكثر من عشرة أيام بعد التعرض للظهور.
ويقول الفريق إن هناك عدة أسباب محتملة لذلك. وقد يستغرق الفيروس عدة أيام من تسلل الفيروس أولا إلى الجهاز التنفسي العلوي وصولا إلى الحويصلات الهوائية. وقد يتطلب أيضا إصابة نسبة كبيرة من خلايا الحويصلات الهوائية أو لمزيد من التفاعلات مع الخلايا المناعية ما يؤدي إلى الالتهاب قبل ظهور الأعراض على المريض.
وقال الدكتور يونغ سيوك جو، المؤلف الأول المشارك في الدراسة، وأستاذ مشارك في المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا: «بناء على نموذجنا، يمكننا معالجة العديد من الأسئلة الرئيسية التي لم تتم الإجابة عنها، مثل فهم القابلية الوراثية للإصابة بـ SARS-CoV-2، وتقييم العدوى النسبية للطفرات الفيروسية، والكشف عن عمليات تلف الفيروس في الخلايا النسخية البشرية.. والأهم من ذلك، أنه يوفر الفرصة لتطوير وفحص العوامل العلاجية المحتملة ضد عدوى SARS-CoV-2».