أكد أستاذ القانون العام بالمركز الجامعي الشهيد أحمد زبانة بغليزان، الدكتور قويدر منقور، أن مشروع التعديل الدستوري قدم عدة مضامين في الشق المتعلق بحرية الصحافة، باعتبار الإعلام أحد أعمدة البناء السياسي التعددي والفضاء الذي تتجلى عبره أهم صور التعبير عن الرأي وممارسة حرية الإبداع الفكري.
أوضح د. منقور أنه مما لا شك فيه أن حرية الصحافة عرفت تطورا ملحوظا منذ دستور الانفتاح لسنة 1989، وحققت عبر العقود الثلاثة الماضية أشواطا كثيرة؛ انعكس ذلك من خلال كثرة العناوين العمومية والخاصة باللغة العربية واللغة الأجنبية، ناهيك عن امتداد التعددية الإعلامية إلى القطاعين السمعي والبصري.
وحسب أستاذ القانون العام، فإن التشريع رافق هذا التطور ببعض الضمانات كحظر حبس الصحفيين وإنشاء سلطة لضبط السمعي البصري، لكن رغم ذلك بقيت بعض المعوقات قائمة في مجال الحقل الإعلامي كإشكالية الإشهار وأخلاقيات المهنة وعدم وضوح الوضع القانوني للقنوات التلفزيونية الخاصة الناشطة حاليا وكذلك القيود الإدارية المبطئة لحركية تأسيس وسائل إعلامية جديدة.
وبخصوص الإضافة التي جاء بها التعديل الدستوري في هذا المجال، أكد د. منقور أنه من خلال قراءته لأحكام المادة 54 من المشروع استطاع استخلاص عدة نقاط، تتعلق بتأكيد المشرع وتمسكه بمكسب حرية الرأي والتعبير، وكذلك بمكسب حماية الصحفيين ضد العقوبات السالبة للحرية.
وعلى الصعيد المهني والأخلاقي يطرح المشروع- حسب المتحدث - ضرورة تحقيق استقلالية الصحفيين وحماية السر المهني؛ مؤكدا في هذا السياق أن هذا المبدأ الدستوري يحتاج إلى آليات للتفعيل تقتضى في حال قبول الشعب لمشروع التعديل الدستوري في الفاتح نوفمبر 2020 أن يعاد النظر مستقبلا في جميع التشريعات التي تتصل بالصحافة والإعلام والنشر.
في المقابل أشار د. منقور أن مشروع التعديل الدستوري تضمن تبسيط إجراءات إنشاء الصحف والنشريات وجعل ذلك يتم عبر إجراء التصريح فقط، أما مسألة تأسيس القنوات الإذاعية والتلفزية والمواقع الإلكترونية فقد ترك أمر تحديدها للقانون، تفاديا للغموض والفراغ القانوني الحالي الذي يحيط بوسائل الإعلام السمعية البصرية الخاصة التي تستهدف المشاهد والمستمع الجزائري.
من جهة أخرى، تم ضبط الإطار الدستوري لحرية الصحافة والذي يتجسد من خلال حظر الترويج لخطابات الكراهية، وضرب الثوابت الوطنية وقيم المجتمع الأخلاقية والدينية، وبالرجوع إلى المادة 34 من مشروع التعديل الدستوري فإن البرلمان سيحظر عليه كسلطة تشريعية أن يحد أو يقيد من حرية الصحافة إلا في حالة استهدافه للأهداف التي سبق ذكرها، مع إضافة أهداف تحقيق النظام العام وحماية حقوق وحريات أخرى يضمنها الدستور.
في المقابل يطرح التعديل الدستوري حسب المتحدث ضمانة تحد من تدخل السلطة التنفيذية في العمل الإعلامي من خلال جعل القضاء السلطة الوحيدة المخولة باتخاذ قرار توقيف أية وسيلة إعلامية عن النشاط.