أكد كمال حجام، أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة ورقلة، أن المشهد الإعلامي بالجزائر يعرف مشاكل عميقة وتجاوزات كثيرة، لا ترتبط فقط بعدم احترام أخلاقيات المهنة أو نقص التكوين الأكاديمي، الذي تبقى - بحسبه- أمورا ثانوية وسطحية، مقارنة بالأزمة العميقة التي حالت دون بناء إعلام تنويري هادف كما هو متفق عليه في أبجديات الإعلام المتدارسة عبر الزمن وفي كبرى المدارس الإعلامية الانجلوساكسونية والفرنسية والعربية.
بحسب الأستاذ حجام، يكمن المشكل في عدم السماح بتشكيل صحافة حقيقية تكون في شكل سلطة مضادة تمارس مهامها الرقابية والتثقيفية والتوعوية والتنويرية في المجتمع ككل، بل اتجه الأمر إلى تمييع المشهد الإعلامي ودخول المتطفلين على الصحافة وأصبحوا هم القاعدة، فيما أصبح الصحفي الملتزم الاستثناء، مشيرا إلى أن جزءا من الممارسة الصحفية في قبضة دخلاء على المهنة.
وأشار المتحدث، إلى أن أصحاب المال وأغلبهم لا يمتلكون رأسمال أو رصيدا ثقافيا، أصبحوا هم من يتحكمون في الخطاب الإعلامي والمؤسسات الإعلامية، عبر السيطرة على شريان الفضاء الإعلامي ككل، أي أن السلطة المالية استحوذت على الفضاء الإعلامي والمؤسسات الإعلامية وقاسمت السلطة نفوذها على وسائل الإعلام.
وقدم أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة ورقلة قراءة بانورامية للمشهد الإعلامي الجزائري، بحيث وجد أنه مشهد مشوه وملوث، خاصة بعدما طال هذا التلوث الفضاء السمعي البصري الذي يعتبر بمثابة هوية بصرية للبلاد ككل.
وأشار الأستاذ حجام، إلى أن الخطاب السياسي الحالي يؤكد وجود رؤية لبناء مشهد إعلامي جديد في الجزائر الجديدة، وأنه لابد أن يعاد النظر في الخارطة الإعلامية ككل ويتم تطهير المشهد الإعلامي من كل هذه الشوائب بالتطبيق الصارم للقوانين، وبناء مشهد إعلامي جديد وفقا لما تنص عليه القوانين وبالتالي اندثار ممارسات الاحتكار لرجال الأعمال والطفيلين في المشهد الإعلامي.
في المقابل، يرى المتحدث أنه يتعين تعزيز منظومة التكوين الأكاديمي الجامعي واحترام مخرجات الجامعة، حتى يتم تمكين أهل الاختصاص وأصحاب التكوين الجامعي من ممارسة المهنة، بدل الاستعانة بـ»البودكاستر»، أو ما يعرف «اليوتيوبر»، وبالتالي هذه الأمور بحاجة إلى إرادة سياسية، إذا ما أريد أن تساهم وسائل الإعلام في بناء الدولة ومشروع المجتمع. وإضافة إلى هذا الفضاء الأكاديمي، يجب إعطاء أهمية للتكوين في الإعلام والسمعي البصري، وعدم إبعاده عن التوجيه، لتفادي تخرج صحفي دون مستوى كبير.
وبخصوص سلطة الضبط التي يفترض أن يكون لها دور أساسي في ضبط المشهد الإعلامي بالجزائر، تأسف حجّام لما وصفه غياب تفعيل القوانين ومضمونها، منها سلطة ضبط الصحافة المكتوبة الغائبة تماما، ومجلس أخلاقيات المهنة، الذي لم ينتخب منذ الإعلان عنه في قانون الإعلام لـ2012، ولحد الساعة لم ينصب.
وعن سلطة الضبط السمعي البصري، يرى أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة ورقلة، أنها لا تتخذ أي قرار بحيث أصبحت عالة على المشهد الإعلامي، وتكتفي ببعض التدخلات وتوجيه الاعتذارات عن بعض التجاوزات الطفيفة، على الرغم من أن القراءة العميقة للمشهد الإعلامي توحي بوجود تجاوزات خطرة بكل الأبعاد، سواء في ملكية وسائل الإعلام التي تتناقض مع روح القوانين، أو في الشبكة البرامجية التي لا تحترم القاعدة التي تنص على أن تكون 60٪ من البرامج التي تبث وطنية.