طباعة هذه الصفحة

رئيس هيئة الوقاية من الفساد:

المؤسس الدستوري منح للشفافية مركزها القانوني

زهراء. ب

 التعديل يحمل إرادة سياسية واضحة لمكافحة الفساد
 أرجع رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته طارق كور، أمس، فشل الهيئة في مكافحة الفساد في السنوات الماضية، إلى الدستور السابق حيث قال «إنه وضعها ضمن الهيئات الاستشارية مما قوض صلاحياتها»، وهو ما استدركه مشروع التعديل الدستوري الحالي، مثلما ذكر «حين وضع المشرّع يده على مواطِن الخلل وحاول معالجة هذه المسألة بإعطاء المكانة والمركز القانوني للهيئة ضمن الهيئات الرقابية».


قال كور، لدى نزوله ضيفا على فوروم الإذاعة، إن مشروع تعديل الدستور المطروح للاستفتاء الشعبي يوم 1 نوفمبر الداخل، منح نقلة نوعية لمكافحة الفساد، حيث نصّ في ديباجته على تمسك الدولة بالعمل للوقاية من الفساد ومكافحته وفقا للاتفاقيات والصكوك الدولية التي صادقت عليها، وهي إرادة سياسية واضحة لمكافحة الفساد على المستوى الداخلي والدولي.
ورقى المؤسس الدستوري في الفصل الرابع من نص المشروع، الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إلى السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وصنفها ضمن الهيئات الرقابية، من أجل أن تقوم بدورها المنوط بها على أكمل وجه، وخصها بثلاث مهام، الأولى الرقابة حيث يمكن لها أن تضطلع برقابة المؤسسات والأجهزة، وأعطاها مهام الضبط وفق المادة 205 التي تنص على إصدار أوامر عند الاقتضاء للمؤسسات والأجهزة المعنية التي لا تعتمد إجراءات الشفافية، ومنحها مهمة الاستشارة لتبني الرأي في كل النصوص ذات الصلة بمراقبة الفساد.
وأضاف كور، أن مشروع تعديل الدستور منح صلاحيات أوسع للسلطة العليا لمكافحة الفساد، في أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية، الحكم الراشد والوقاية ومكافحة الفساد، يسمح للهيئة بالتدخل في عدة مجالات، دون التداخل مع صلاحيات ومهام المؤسسات المعنية بمحاربة هذه الآفة.
وعن عدم محاربة ظاهرة الفساد، بالرغم من توفر الجزائر على ترسانة قانونية، برر رئيس هيئة مكافحة الفساد بعدم فعالية الهيئة في السنوات الماضية، بسبب غياب التنسيق مع المؤسسات التي لها علاقة بمكافحة الفساد، على غرار مجلس المحاسبة.
 وقد دستر مشروع التعديل الدستوري علاقة السلطة مع مجلس المحاسبة، حيث منحها صلاحية إخطاره للتدخل ومراقبة الحسابات، وكذلك رسم العلاقة بين السلطة العليا للشفافية والجهات القضائية، ودستر علاقتها مع المجتمع المدني الذي نص صراحة على دعم قدرات المجتمع المدني وإشراكه فعليا في مكافحة الفساد من خلال نشاطات التوعية والتحسيس والتبليغ.
وذكر في هذا السياق، بمشروع تأسيس الشبكة الوطنية للنزاهة، التي ستضم كافة أطياف المجتمع المدني، وتدعم بمنصة رقمية تنخرط فيها الجمعيات النشطة وفق دفتر شروط، للقيام بمهمتين أساسيتين، دعم برامج التوعية والتحسيس وأخلقة الحياة العامة. والمهمة الثانية التبليغ عن الفساد، عن طريق مخطط للإنذار تسهر عليه خلية اليقظة والمتابعة والتوجيه تنسق بين أطياف المجتمع وتعالجها وتوجهها إلى الجهات المختصة.
وأوضح كور، أن الهدف من المبادرة، تنظيم المجتمع وتأطيره في شبكة اتصال حتى لا تكون عملية التبليغ عشوائية، وتسمح لجميع المواطنين بالتبليغ عن الفساد من خلال المجتمع المدني، معلنا عن تنظيم دورات تكوينية لأطياف المجتمع المدني، لدعم قدراتهم في مكافحة هذه الآفة، ويشمل التكوين الإعلاميين في مجال الصحافة الاستقصائية.
ومن أجل نزاهة الموظف العمومي، سطرت هيئة الوقاية من الفساد برنامجا للتحسيس والتكوين، شمل أكثر من 5000 موظف عمومي في مجال الوقاية من الفساد وإعلامهم بالنصوص ومنظومة مكافحة الفساد خاصة وقواعد وسلوكيات أخلاقيات المهنة.
وأكد كور، أن مهمة مكافحة الفساد هي مسؤولية الجميع، بدءاً من المواطن، وصولا إلى المؤسسات المعنية. وقال «لابد أن يعي المواطن أن طلب الوثائق الإدارية هو حق وليس مجبرا على تقديم مقابل ليتحصل عليها، لأن هذا ما جعل الرشوة الصغيرة تتفشى بسبب البيروقراطية. أما الرشوة الكبيرة، خاصة ما يتعلق بالصفقات العمومية، لابد من إجراءات الرقمنة للقضاء عليها»، مشيرا إلى أن الرقمنة ساهمت بتقليص الفساد بنسبة 30 بالمائة في أوروبا.
أما عن سبب تصنيف تقارير دولية، الجزائر في مراتب أخيرة في مجال مكافحة الفساد، رده كور إلى عدة عوامل، منها ضعف الإتصال الذي لم يبرز، كما قال، جهود الجزائر في مجال مكافحة الفساد والترويج لها داخليا وخارجيا، بالرغم من أن التعريف بجهود الدولة في هذا المجال من ضمن توصيات مكتب الأمم لمكافحة الجريمة والمخدرات، فضلا عن غياب استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد والوقاية منه وهو ما تداركته الجزائر هذه السنة، وأعدت مشروعا سيكون التزاما دوليا ومقتضى دستوريا، وورقة طريق للسلطات العمومية لقياس أداء القطاعات الوزارية والمؤسسات الأخرى ومدة تنفيذها لقواعد الحكم الراشد وتعزيز منظومة النزاهة على المستوى الوطني.