طباعة هذه الصفحة

الملتقى الدولي حول «الدستور في خدمة المواطن»

فنيش: الوثيقة الدستورية تكرّس الديمقراطية التشاركية

حمزة محصول

 

إضافات نوعية تعزّز النظام شبه الرئاسي

أكد رئيس المجلس الدستوري كمال فنيش، أمس، أن مشروع تعديل الدستور، حمل إضافات نوعية في مجال حماية حقوق المواطنين واستقلالية القضاء، واعتبر أن دسترة المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية «إضافة نوعية» لتسيير الشأن العام، لافتا إلى أهمية تبني التعايش والتوازن بين السلطات.

سلّط اليوم الثاني، للملتقى الدولي حول «الدستور في خدمة المواطن: المحاور الكبرى للتعديل الدستوري 2020»، الضوء على طبيعة نظام الحكم الذي استقر عليه المؤسس الدستوري (لجنة الخبراء) والديمقراطية التشاركية ودور المؤسسات الرقابية في الحياة السياسية والعامة.
وقال رئيس المجلس الدستوري كمال فنيش، إن مشروع تعديل الدستور الذي تبنى «النظام الشبه الرئاسي»، أضفى على مبدأ الفصل بين السلطات «مرونة» بالشكل الذي يمكنها من العمل مع بعضها البعض «دون تداخل أو تغول سلطة على أخرى».
وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أكد أمس الأول، أن تحديد نظام الحكم «شبه الرئاسي»، سيزيل نهائيا الغموض والضبابية التي لازمت منظومة الحكم في البلاد.
وفي تعقيبه على مداخلة الخبير الدولي في القانون الدستوري دومينك روسو، الذي أكد أن قوة النظام شبه الرئاسي تكمن في الاعتراف بحقوق المعارضة السياسية وضمان استقلالية القضاء، أكد فنيش أن «مسودة تعديل الدستور أدرجت إضافات نوعية في مجال الحقوق والحريات وكرست استقلالية القضاء من خلال تغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء وضمان حماية القاضي».
وأكدت البروفيسور سليمة مسراتي، أن الوثيقة الدستورية «أقرت باستقلالية القاضي»، و»عدم قابلية عزله لتحصينه إداريا ضد السلطة التي عينته»، مفيدة بأن «الحصانة ضد العزل «جوهر استقلال القاضي».
ولضمان التعايش بين مؤسسة رئاسة الجمهورية المنتخبة بالاقتراع العام والمباشر، والبرلمان الذي يتمخض عن انتخابات تشريعية، اقترح المؤسس الدستوري «مبدأ التعايش»، الذي يكمل «مبدأ الفصل»، من خلال تعيين رئيس الحكومة في حالة الأغلبية البرلمانية، والوزير الأول في حالة الأغلبية الرئاسية.
وفي مداخلة له، أكد رئيس المجلس الدستوري أن مسودة تعديل الدستور، حملت الكثير من المواد التي تضع النص القانوني الأسمى في خدمة المواطن، « لما جاءت به من ضمانات ترسخ اللامركزية وتعزيز دور المجتمع المدني في الحياة العامة».
وقال: «إن ترقية الديمقراطية التشاركية تنتج التنمية المستدامة ومؤسسات قوية وفعالة وترسي دولة القانون والعدالة الاجتماعية، والتي تأتي على أجندة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون».
وأشار في السياق، إلى نص الفقرة 11 من ديباجة وثيقة المشروع، التي تؤكد أن «الشعب الجزائري يهدف إلى بناء مؤسسات بمشاركة كل المواطنين والمجتمع المدني، بما في ذلك الجالية الوطنية بالخارج في تسيير الشأن العام، والتنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الراوبط الوطنية».
ولفت إلى المادة 53 التي « ستحقق نقلة نوعية في حالة الموافقة على المشروع»، حسب فنيش، لكونها تنص على حق إنشاء الجمعيات بمجرد «التصريح»، إلى جانب ربط حلها بقرار قضائي « ما يحميها من احتمال مواجهة أي تعسف إداري».
وتعترف الوثيقة الدستورية بالبلدية والولاية كجماعات محلية للدولة تقوم بينهما «علاقة على مبادئ اللامركزية وعدم التركيز»، وأكد فنيش أن ذلك «يخفف العبء على المؤسسات المركزية لاسيما في حالة اشراك المجتمع المدني».
المحكمة الدستورية
المداخلات في اليوم الثاني للملتقى المنظم من قبل المجلس الدستوري وتحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تمحورت حول استقلالية القضاء والمؤسسات الرقابية والاستشارية التي حملتها وثيقة مشروع تعديل الدستور.
وفي السياق، أكد مستشار رئيس الجمهورية للشؤون القانونية والإدارية، بوعلام، أن تحويل المجلس الدستوري إلى محكمة دستورية سيضفي نقلة نوعية في عمل الهيئة، بعد منحها اختصاص التدخل في النقاش السياسي وفض النزاعات بين مؤسسات الدولة ومراقبة مدى مطابقة القوانين.
واعتبر في المقابل، أن الوثيقة الدستورية التي ستعرض للاستفتاء في الفاتح نوفمبر، «تداركت كل ما كان لا يخدم الدولة والمجتمع». وأشار إلى إبعاد المحكمة الدستورية عن التجاذبات السياسية، بإبعاد أعضاء البرلمان بغرفتيه عن تركيبة المحكمة التي سيكون نصفها أساتذة للقانون الدستوري.
سلطة وشرعية الانتخابات
وفي سياق آخر، قال عضو المجلس الدستوري عبد النور قراوي، إن «دسترة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، يتم لأول مرة في تاريخ البلاد»، مؤكدا أن الهيئة مطالبة بالمساهمة في رفع الثقافة الانتخابية، إلى جانب دورها الجوهري في الإشراف على العملية الانتخابية ومراقبتها.
وقال إن سلطة الانتخابات تستمد مرجعيتا من السيادة الشعبية التي «تمارس عبر الانتخاب وتتسم بالحرية والشفافية والتعددية والنزاهة».
وفيما يتعلق بمنح رئيس الجمهورية صلاحية «تعيين رئيس الهيئة وأعضائها»، قال رئيس المحكمة العليا، عبد الرشيد طبي إنه «لا ينبغي التحسس أو التوجس من مصطلح التعيين في هذه الحالة لأن رئيس الجمهورية منتخب باقتراع شعبي عام ومباشر ويمثل مؤسسة شرعية». وأضاف في السياق، أن انتخابات 12 ديسمبر الماضي، «أفرزت رئيسا منتخبا (عبد المجيد تبون) بطريقة شفافة ونزيهة ولا غبار عليها»، مشيرا إلى تعامل كل دول العالم مع الجزائر ورئيسها بكثير من الاحترام والتطلع للعمل معها كشريك فاعل في المنطقة. وبشأن استحداث السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد، أكد طبي أن مهامها لا تتداخل مع الديوان المركزي لمكافحة الفساد، التي يشتغل تحت وصاية وزارة العدل، ويملك صفة الضبطية القضائية بين تقوم السلطة بإعداد تقرير سنوي وترفعه لرئيس الجمهورية. أما مجلس المحاسبة، فيتطلع إلى مزيد من الإمكانيات المادية والبشرية وتكييف القوانين الكفيلة التي تسمح له بأداء دوره بفعالية أكبر، حسب ما أكد ناظره العام عمر دباخ في مداخلته.