طباعة هذه الصفحة

المختص في علوم الإعلام والاتصال الدكتور باديس لونيس لـ»الشعب ويكاند»:

الأنترنت أنشأت وضعا عالميا جديدا ومجتمعات افتراضية

أجرى الحوار: حمزة لموشي

أصبحت التكنولوجيا هي المصطلح السائد في العصر الحالي في مختلف المجالات، ولعلّ أبرز سماتها، هو التطوّر المتسارع في تقنية الأنترنت ودورها المتعاظم في تنمية الحياة وجعلها أفضل، مع الحذر في نفس الوقت من السلبيات التي يجنيها مستخدمو هذه التقنية، في اختراق الحياة الخاصة للأفراد وتبعات ذلك اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.
الأهمية القصوى للأنترنت جعلت الدكتور باديس لونيس، أستاذ بقسم علوم الإعلام والاتصال، بجامعة باتنة 01، يبحث في أغوار هذه التقنية، خاصة الجانب الثقافي، من خلال إصداره الجديد، «الأنترنت، من المنظومة التقنية إلى المنظومة الثقافية» عن دار النشر «ألفا للوثائق»، وهو باكورة أبحاثه من الماجستير وإلى الدكتوراه، قدم فيه نظرة بنائية وظيفية شاملة للأنترنت كمنظومة تقنية شهدت تطورا تاريخيا متسارعا، ثم كمنظومة ثقافية متكاملة بما يتخللها من قيم وممارسات وخلل وظيفي كذلك.
حاورت «الشعب ويكاند» الباحث المتخصص في علوم العلام والاتصال الدكتور باديس لونيس في الموضوع وحول إصداره الجديد.

 الشعب ويكاند: ما هي دوافع إنجازكم هذا البحث؟
د- لونيس: يمكن تحديدها بداية في أهمية الموضوع في حد ذاته، والتي يستمدها من أهمية الانترنت أولا، ثم أهمية البعد الثقافي في تأثيراتها. فأهمية الانترنت، تأتي انطلاقا من انتشارها الواسع والمتزايد واختراقها لشتى مناحي حياة الأفراد والمجتمعات بمختلف مؤسساتها، والتصاعد الكبير للنقاش والجدال حول تأثيراتها المختلفة على مختلف شرائح المجتمع، هذا النقاش الذي لم يعد حكرا على الأوساط البحثية والأكاديمية فحسب، وإنما انتقل إلى مختلف الفضاءات الأخرى خاصة منها شبكات التواصل الاجتماعي، يُضاف إلى ذلك باقي المؤسسات المجتمعية الأخرى؛ التعليمية والدينية والتثقيفية التي وجدت نفسها ملزمة بالمشاركة في النقاش الدائر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
كما أن ما تشهده الانترنت من تطور متسارع ومستمر على المستوى التقني وما تتيحه من تطبيقات وخدمات تتكاثر وتنمو دون توقف، بالإضافة إلى التحوّلات الكبيرة على مستوى المحتوى وإنتاج الرسائل، مع التزايد الكبير لمستخدميها مع كل دقيقة وثانية تمر، يجعل من دراسة مستجداتها أمرا مهما وحيويا لتتبع نتائج هذا التطور أولا بأول.
أما أهمية دراسة الآثار الثقافية؛ فتستند إلى محورية الموضوع الثقافي وارتباطه بالتغيرات التي تطرأ على الفرد من حيث هو عضو في جماعة ما. خاصة إذا نظرنا إلى الثقافة كمفهوم مقابل للطبيعة ما يعني أنها كل ما أوجده ويُوجِده الإنسان في حياته؛ هنا تكون أهمية دراسة الآثار الثقافية على مستوى بالغ من الأهمية؛ إذ نكون بصدد الحديث عن احتمال حدوث تغييرات تمس أسلوب حياة المستخدم مع ما يشير إليه ذلك من تغيرات قد تطرأ على المجتمع في حد ذاته.
- التحوّلات التي تحدثها هذه التكنولوجيات ليست فقط علمية وتقنية ومادية بل اجتماعية نفسية وحتى أنثروبولوجية، مسّت مجالات الحياة، كيف ذلك؟
 يعود أساسا سبب هذا التحوّل إلى هذه التكنولوجيا التي تأتي على رأسها الانترنت كوسيلة ثورية شهدت تطورا ونموا متسارعين لم تعرفهما أية وسيلة اتصالية أخرى، إن كان ذلك في الجانب الفني والتقني، أو كان على مستوى المحتوى، أو عدد المستخدمين الذين تعدى عددهم 4.6 مليار مستخدم، بحسب آخر الإحصاءات (ماي 2020).
ولوصف الإقبال الكبير عليها وفهم هذه الظاهرة بشكل أوسع، يمكن أن نستعير من عبد الرحمن عزي مفهوم الهجرة حيث ينظر عزي إلى انتقال المجتمع إلى الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بالتحديد على انه نوع من الهجرة ، وهي جزء من الهجرات السابقة؛ حيث كانت الهجرة الجماعية الأولى نحو المثل في عصر الأديان، ثم الهجرة الجماعية الثانية هي المدفوعة بالبيئة الطاردة وخاصة في أوقات الأزمات والحروب، ثم الهجرة الجماعية الثالثة هي الهجرة الجماعية المدفوعة بالبيئة الجاذبة نجدها مثلا في الهجرة من الأرياف إلى المدن، ومن البلدان الفقيرة إلى البلدان المتقدمة، أما الهجرة الجماعية الرابعة فهي الهجرة الجماعية نحو الإعلام الجديد بدافع التواصل وهي مدفوعة على خلاف الهجرات السابقة بعوامل طاردة وجاذبة في نفس الوقت؛ طاردة في الواقع الاجتماعي وجاذبة من خلال العالم الرمزي الذي يؤسسه الإعلام الجديد.
- كيف تدّعم الانترنت الهوّيات المحلية وتحافظ عليها، في زمن العولمة والتدفق المتسارع للمعلومات والاخبار والثقافات؟
 رغم وجود الكثير ممن يتشاءمون فيما يخص مستقبل التنوع الثقافي وحماية الهويات المحلية من الاندثار، إلا أن هناك فرقة أخرى من الباحثين ترى العكس.
وقد عمل الإعلام الجديد على توسيع فضاء المرجعيات الثقافية، وربط أفراد وجماعات ما كان لهم أن يلتقوا ويتحاوروا ويتفاعلوا لولا وجوده. إنها أداة فاعلة في تجزئة وتقسيم الأفراد إلى جماعات افتراضية، تلتقي حول اهتمامات مشتركة، بالرغم من أنها لا تملك القدرة على بناء وعي جماعي.
- الكثير من شباب الجزائر يستخدم الإنترنت لأغراض غير مفيدة تتسبب له في مشاكل، هل هناك ضوابط أو آليات قانونية تحميه؟ أو على الأقل تقييد نوعا ما استدراجه للتغرير به؟
 للعلم، أقرّت الحكومة الجزائرية تدابير وإجراءات في هذا الشأن، منذ 2009 من خلال القانون رقم 09-04 المؤرخ في 5 أوت 2009، المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها.
ومن بين ما جاء فيه ما تعلق بمراقبة الاتصالات الالكترونية بما يضمن عدم استعمالها للتخطيط لأهداف تخريبية وإجرامية، كما وضع على عاتق مقدمي خدمات الانترنت التدخل الفوري لسحب المحتويات بمجرد العلم بمخالفتها للقوانين وضرورة حصر امكانية الدخول إلى الموزعات التي تحوي معلومات مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة.
وتخول التدابير الجديدة التي تضمنها القانون المتعلق بالوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال للحكومة وضع الترتيبات التقنية اللازمة، التي تمكنها من مراقبة الاتصالات الالكترونية وتجميع وتسجيل محتواها في حينها والقيام بإجراءات التفتيش والحجز قبل نشر المعلومات على المواقع والفضاءات الإلكترونية، في حالة توفر معلومات عن احتمال حدوث اعتداء على منظومة معلوماتية متعلقة بمؤسسات الدولة، وذلك بهدف الوقاية من الأفعال الموصوفة بجرائم الإرهاب والتخريب.
ويحمل القانون القائمين على توفير الخدمات المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال مسؤولية الحفاظ على سرية المعطيات التي تسمح بالتعرف على مستعملي الخدمة والمعطيات المتعلقة بالأجهزة المستعملة وخصائصها التقنية وتاريخ وزمن كل اتصال.
ويفرد مشروع القانون عقوبات صارمة ضد الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين يخلون بالالتزامات المنصوص عليها في عمليات التحري والتحقيق القضائي أو يعمدون إلى عرقلتها، بحيث يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات سجنا نافذا، وغرامة مالية تتراوح بين خمسة ملايين و50 مليون سنتيم.
وفيما يخص الإتلاف في المجال المعلوماتي الذي قد يكون ماديا أو معنويا يخص المعلومات والبيانات والبرامج على اختلاف أنواعها والذي شملتها القوانين بما يعرف بالجريمة المعلوماتية، فقد نص المشرع الجزائري على تسليط عقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين والغرامة من 50 ألف إلى 150 ألف دينار جزائري.
وبمقتضى المادة رقم 13 من هذا القانون سابق الذكر (09-04) تم استحداث الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحته. وفي 6 جوان 2019، صدر مرسوم رئاسي في الجريدة الرسمية، حدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الاعلام والاتصال ومكافحتها وتنظيمها وكيفيات سيرها.
- تراهن الدول كثيرا على البعد الأمني للأنترنت في مكافحة الجريمة، خاصة المنظمة والعابرة للقارات، إلى أي مدى تساهم هذه التقنية في ذلك؟
 على الرغم من التأثيرات السلبية للإنترنت ذات الصلة بالأمن والاستقرار الاجتماعي، وفي ظل مناخ الحرية التي ينعم بها الأفراد في نشر التعليقات وشن الحملات وتوجيه الدعوات إلى آلاف الأفراد، إلا أن العديد من الدول شهدت تجارب متنوعة لاستخدام وسائل الإعلام الجديد في أغراض الأمن ومكافحة الجريمة، وهو ما أتى في مجمله بشكل حملات ومبادرات لمكافحة ظاهرة معينة أو للتعبير عن موقف ما أو لحث الجماهير على مساعدة الشرطة في الإدلاء بمعلومات تساعد في ضبط المجرمين وتعقبهم.
إلى جانب الأسلوب القائم على التعاون التطوّعي والمعلن بين مستخدمي الأنترنت والجهات الأمنية، اتبعت أجهزة الأمن في بعض الدول أساليب سرية وغير معلنة لجمع المعلومات وتعقب المجرمين، فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية؛ استطاعت المباحث الفدرالية تتبع وتحديد هوية أعضاء منظمة (لوكاس) المتوّرطة في اختراق حسابات أموال بنكي (بنك اوف أمريكا ووينز بارغو)، بين عامي 2007 و2009، من خلال مراقبة أعضاء المنظمة لمدة عام كامل. وسجلت أحاديثهم الهاتفية ودردشاتهم عبر الانترنت وموقع الفايسبوك وماي سبايس وغيرها من المواقع. وهو ما انتهى بالقبض على عناصرها.
فالإنترنت تتيح إمكانية ملاحقة المجرمين وتتبع تحركاتهم، وتقصي آثارهم الافتراضية التي يخلفونها عند تواصلهم مع بعضهم البعض، كما أن الانترنت تتيح إمكانية التعبئة والتوعية ضد هؤلاء، وذلك بشكل رسمي (حكومي) أو غير رسمي (شعبي)، عمودي أو أفقي.
- ما هي جوانب الخلل الوظيفي في المنظومة الثقافية للانترنت؟
 رغم الأبعاد الايجابية الكثيرة للإنترنت، إلا أن هناك جانب آخر من الاستخدامات مليء بالأخطار والسلبيات تجعل الانترنت تبدو في غاية الخطورة كوسيلة يمكن استغلالها من أطراف لهم غايات وأهداف إجرامية وغير قانونية، أومن أطراف يسيئون استخدامها عن غير قصد.
وجوانب الخلل الوظيفي للإنترنت كمنظومة ثقافية لا تقف عند حدود دولة دون سواها، ولكنها عالمية تنسحب على الجميع في كل مكان وزمان، وهي كثيرة يمكن ذكر أهمها في ما يلي أن الانترنت تسهم في انتاج هويات افتراضية شبحية قلقة لا منتمية، انتشار جرائم الأمن المعلوماتي، صناعة وتسويق الممنوعات، وغسيل الاموال والقمار، والمخدرات الرقمية، توظيف الانترنت لنشر الأفكار الهدامة، الإدمان على الانترنت وما له من آثار نفسية خطيرة.
كما أن الانترنت يمكن أن تنتج وتغذي صراعات اجتماعية، إضافة إلى ان الإنترنت ساهمت بشكل كبير في فقدان الخصوصية.
@ ما هي طرق معالجة هذا الخلل في رأيكم؟
إن الانترنت قد تجاوزت كل الحدود وأنشأت وضعا عالميا جديدا تماما ومجتمعات افتراضية مترامية الاطراف وتفاعلات لا تحدها الجغرافيا، كان لزاما على الدول في جميع القارات ايجاد صيغ وأرضيات من خلال المنظمات المعترف بها للتعاون فيما بينها ومسايرة هذا الوضع وما ينجر عنه من أخطار وسلبيات.
ولقد أصدرت منظمة «الإسكوا» تقريرا مهما عام 2019 دعت فيه الحكومات والقطاع الخاص إلى مزيد من التعاون والعمل المشترك بشكل عاجل للتأكد من أن فوائد التكنولوجيا الرقمية تصل إلى البشرية جمعاء مع معالجة مجموعة من التحدّيات الملحة.
ويرى التقرير أن العالم صار أكثر ترابطا من أي وقت مضى كنتيجة للتكنولوجيا الرقمية، ولكنه عالم يناضل من أجل إدارة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للتحوّل الرقمي.
وقدّم التقرير 5 مجموعات من التوصيات وهي: بناء اقتصاد ومجتمع رقمي شامل؛ تنمية القدرات البشرية والمؤسسية؛ حماية حقوق الإنسان والوكالة الانسانية؛ تعزيز الثقة الرقمية والأمن والاستقرار؛ تعزيز التعاون الرقمي العالمي.
إضافة إلى هذا هناك مجموعة من الطرق لمعالجة الخلل الوظيفي للانترنت كمنظومة ثقافية منها: إصدار تشريعات والعمل على ترشيد استخدام الانترنت في المجتمع ونشر التربية الإعلامية وتقصي أثر الشبكات غير القانونية عبر الانترنت، بالإضافة إلى مجموعة من الأساليب لحماية المعلومات وعلاج الإدمان على الانترنت فصلت فيها في هذا الكتاب.
- ماذا عن الديمقراطية، ودور الانترنت في نشرها؟
مع زيادة اختراق الانترنت في سائر أرجاء العالم، باتت الديمقراطية الإلكترونية مفهوما آخذا في الترسخ والانتشار بسرعة. وينقسم الباحثون حيال الديمقراطية الالكترونية التي تتيحها الانترنت بين متفائل ومتشائم، لخصّت يانا برندل أهم مؤشرات الاتجاهين بجعلها تتراوح بين قطبي «زيادة التعبئة» من جهة و»تعزيز الفجوات القائمة»، من جهة أخرى.
ولا شك ان الانترنت أتاحت فرصا غير مسبوقة في التعبير عن الرأي، ولكنها في المقابل طرحت مشكلات في تقنين حرية التعبير ووضع حدود فاصلة بين التعبير عن الرأي بمسؤولية والاساءة للآخرين.
- كيف تساهم الحكومة الالكترونية في التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؟
تقوم فكرة الحكومة الالكترونية على ركائز عديدة، أهمها: تجميع كافة الأنشطة والخدمات المعلوماتية والتفاعلية والتبادلية في موضع واحد هو موقع الحكومة الرسمي على شبكة الانترنت، في نشاط أشبه ما يكون بفكرة مجمعات الدوائر الحكومية، تحقيق حالة اتصال دائم بالجمهور (24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، 365 يوم في السنة)، مع القدرة على تأمين كافة الاحتياجات الاستعلامية والخدمية للمواطن، إضافة إلى تحقيق سرعة وفعالية الربط والتنسيق والأداء والإنجاز بين دوائر الحكومة ذاتها ولكل منها على حده، تحقيق وفرة في الإنفاق في كافة العناصر، بما فيها تحقيق عوائد أفضل من الأنشطة الحكومية ذات المحتوى التجاري.
وبالتالي فإن الحكومة الالكترونية تقوم على رقمنة المدخلات والمخرجات في شتى المجالات والوزارات، وهو ما من شأنه أن يختصر الوقت والمجهود ويزيل العراقيل البيروقراطية ويضفي الشفافية على كل التعاملات ويزيد من ثقة المتعاملين وتنافسيتهم.. ويسرع من وتيرة التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
مع الاشارة الى التأخر الكبير الذي تشهده التجارة الالكترونية مثلا في الجزائر، وغياب التشريعات المسايرة للتطورات العالمية الراهنة، وهو ما يفوّت يوميا فرصا كبيرة في الإقلاع الاقتصادي المنتظر.
- ما هي الأبعاد التي عالجها كتابك؟
جاء الكتاب ليقدم نظرة بنائية وظيفية شاملة للانترنت من خلال التطرق إلى بنائها كمنظومة تقنية شهدت تطورا تاريخيا متسارعا لم تشهده وسيلة اتصالية إعلامية أخرى، ثم الانعطاف إلى الانترنت بصفتها منظومة ثقافية متكاملة تحوي قيما وممارسات افتراضية، ولكن لها امتدادات ذات أهمية في الواقع الحياتي للإنسان.
هذه الامتدادات قد تكون ايجابية من خلال ممارسات تضفي قيمة اضافية على الفرد والمجتمع، وقد تكون سلبية تحدث خللا وظيفيا في مسارات المجتمعات والدول.
ولقد حاولت التطرق إلى كل الابعاد التي تشكل ثقافة الانترنت؛ الاتصالية والاجتماعية، والتعليمية والمعرفية والسياسية والتجارية والترفيهية والدينية واللّغوية، وحتى السياحية والصّحية والأمنية.
وناقشت مجموعة من التحدّيات التي تواجهنا عند استخدام الانترنت بوصفها خللا وظيفيا تجب معالجته.
- وماذا عن الجمهور المستهدف من هذا الكتاب؟
إن كان هذا الكتاب الذي جاء في 220 صفحة عبر 3 فصول من الحجم المتوسط، يمكن أن يستفيد منه الجمهور العام بمختلف أنواعه فيوّسع من معارفه ومداركه حول الانترنت، فإن الجمهور الخاص الأكاديمي والملاحظ الجيد لمحتويات هذا الكتاب سيكتشف أن كل عنصر منه (خاصة في فصل الانترنت كمنظومة ثقافية)؛ يفتح مجالا للنقاش والبحث والإثراء، وبقدر ما يحاول إعطاء تصوّر ما، فإنه يحيل أيضا ويدعو إلى الاستقصاء والتعمق أكثر في ذلك العنصر.
لذلك فأنا لا أدّعي تقديم اجابات كافية حول الانترنت بقدر ما أدّعي إثارة الرغبة في الاستزادة ولفت الانتباه إلى مشكلات يمكن أن تتطور إلى أبحاث ومؤلفات مستقلة وقائمة بذاتها.