دخل مجال أدب الطفل بحكم نشاطاته الثقافية وعمله في حقل التدريس، أشرف على تظاهرات خاصة في هذا المجال ومواعيد محددة في قراءة في احتفال على مكتبة محمد ديب بتلمسان. وله مساهمات في كتابة شعر الطفولة قد تتراكم وتظهر في ديوان. الكاتب والشاعر نور الدين مبخوتي يركز في تصريحاته لـ»الشعب ويكاند» على الكتب والإصدارات الموّجهة للطفل، وعلى واقع مزري يفتقد للجودة والاهتمام.
الشعب: كيف هو حال أدب الطفل في المشهد الثقافي الجزائري؟
نور الدين مبخوتي: الثابت تاريخيا أن أدب الطفل في الثقافة العربية بشكل إجمالي فن وافد إلينا استعرناه من الثقافة الغربية وكانت بوادره الأولى، بمصر، مع محاولات الطهطاوي من خلال فعل الترجمة ثم تطورت مع أحمد شوقي ومحمد الهرواي وكامل الكيلاني وعطية الأبراشي وغيرهم من الرواد وقد انتقلت التجربة من هذا القطر إلى سائر الأقطار العربية. في الحقيقة يطرح أدب الطفل في وضعه الحالي عدة إشكاليات من حيث تراكم التجربة ومساءلة جماليات هذا المنجز وتحولاتها ووضعية التلقي.
إن الحقائق المتولدة تنم عن نتائج مرعبة حقا فهذا النوع من الأدب حاضر ولكنه أيضا غائب فالتجارب الموجودة مثلا لا تصل للبرعم الصغير، كما أن الكتابة للصغار مازالت تدور في فلك الهواية، بدلا من الاحتراف، لأن نظرة الكثيرين لأدب الطفل مازالت نظرة دونية على الرغم أن كبار الأدباء في العالم كتبوا في هذا المضمار من قبيل بوشكين الروسي وتس إليوت.
صراحة وضع أدب الطفل العربي رغم بعض الإشراقات فهو بائس جدا بدليل أن الترجمة في هذا الباب لا تراوح مكانها.
كيف يمكن الكتابة للطفل؟ هل نكتب له أم عليه؟
السؤال يطرح إشكالية مصطلح أدب الطفل ودلالته، في الحقيقة إن المهتمين بهذا النوع من الكتابة فرقوا بين ثلاثة مستويات في هذا الجانب فبعضهم يرى أن أدب الطفل هو ما يكتب عن الطفل في حد ذاته وقد رصدت الكثير من الدراسات هذا المفهوم. الطرح الثاني يرى أن أدب الطفل هوما يكتبه الأطفال أنفسهم ومن هنا ظهرت بحوث تقارب هذا الموضوع، منها على سبيل المثال كتابة الشعر في المدارس لأريك جي بولتون والشعر في المدارس الأساسية لبول هازار.
أما التعريف الثالث فيرى أن أدب الأطفال هو ما يكتبه الأدباء الكبار الراشدون للصغار ويشترط في الكاتب المختص للطفل عدة شروط.
كيف يستلهم الكاتب أفكار ومواضيع قصصه، وهل له أن يواكب عالم الطفل قبل الكتابة عنه؟
- الكتابة للصغار مغامرة صعبة جدا فهي تفترض استعدادا خاصا، إذ يتوجب على من يبدع في هذا الإطار أن يكون عارفا بالقدرات العقلية والجسمية وخصائص كل مرحلة من مراحل الطفولة. كما يشترط في المبدع للطفولة أن يحافظ على طفولته، وهذا ما تشير له مقولة الشاعر الشيلي الكبير بابلو نيرودا الذي قال: إذا فقد الشاعر الطفل الذي يعيش بداخله سيفقد شعره.
أين موقع أدب الطفل في عالم التكنولوجيا والألواح الالكترونية؟
هي قلصت من وجوده، بل قضت على أشكال تعبيرية عديدة منه خاصة منها أغاني الهدهدة والترقيص التي كانت الأمهات قديما تلجأ إليها لتنويم الأبناء. أين هي حكايات الجدات العجائبية التي أخصبت مخيالنا لما كنا صغارا؟ التكنولوجيا اكتسحت كل شيء.
هل الإصدارات الموجودة في السوق والموّجهة للناشئة تفي بالغرض؟
أزمة النشر وأزمة التوزيع مشكلة كبيرة يعاني منها الكتاب العربي عموما. فما هو موجود في السوق لا يفي بالغرض. إننا لا نجد أعمال تثري مكتبة الطفل سواء من الجزائر أو أقطار أخرى. أين هي أعمال الأسماء الوازنة في هذا المجال ككتابات الجيلالي خلاص من الجزائر والتونسي المطوي العروسي والسوري زكريا تامر والمغربي العربي بن جلون والشاعر البحريني علي الشرقاوي وكتابات أخرى في العراق والخليج؟ ما يوجد على الرفوف هزيل.