طباعة هذه الصفحة

الخبير الاقتصادي بلال عوّالي :

تعاونيات شبابية مؤطرة لوقف نهب الذهب

فتيحة كلواز

أكد الخبير الاقتصادي بلال عوّالي أن استغلال قطاع المناجم بطريقة ناجعة ومستدامة من خلال الاعتماد على التعاونيات الشبابية للتنقيب عن الذهب بغية القضاء على البطالة في الجنوب وكذا منع استغلاله بطريقة غير قانونية، ولمساهمته في رفع قيمة الدينار.
واعتبر أن استخراج الثروة المعدنية خاصة الفوسفات والحديد التي يتوفر عليها منجم «غار جبيلات» للحديد، ومنجم «وادي أميزور» للزنك والفوسفات مع الأخذ بعين الاعتبار تسخير بنية تحتية تساهم في نقل المواد الأولية مع التركيز على بناء خط سكة حديدية تندوف – بشار من أجل الحد من فاتورة استيرادها التي تستنزف العملة الصعبة من الخزينة العمومية.
قال الخبير الاقتصادي بلال عوّالي في اتصال لـ» الشعب»، إن مخرجات مجلس الوزراء جاءت في سياق خطة الإنعاش الاقتصادي التي تبنتها الحكومة من قبل، مع تأكيد المجلس الأخير التعجيل باستغلال الثروة المعدنية الباطنية كالحديد، الفوسفات، الزنك والذهب من خلال وضع آجال محددة لبداية استغلال هذه الثروة المهجورة إن صح التعبير في الجزائر.

الذهب... الثروة المهدورة

كشف عوّالي أن اكبر إشكال تواجهه عملية التنقيب عن الذهب في الجزائر هي إعادة تحويله، وقال إن التنقيب عن الذهب في ولاية تمنراست لا يحتاج إلى آلات وتكنولوجيا متقدمة بل إلى معرفة أماكن فقط.
وقال إن قرار رئيس الجمهورية بإنشاء تعاونيات شبانية للتنقيب عن الذهب وليس التنقيب عن مواد أخرى مرتبط بصعوبة استخراجها ما يُكبد خزينة الدولة أرقاما كبيرة من العملة الصعبة، أما استخراجه جد سهل، لكن لا بد من خلق صناعة تحويلية لتحقيق قفزة نوعية في احتياطي الذهب الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع العملة الوطنية.
وأوضح عوّالي، أن خطة رئيس الجمهورية تعتمد على الشباب العاطل عن العمل الذي يعرف أماكن تواجد الذهب، ليتم بعد ذلك إقامة صناعات تحويلية في الجنوب، حيث يمر الذهب كمادة أولية بعد استخراجه عبر عملية الانصهار والتكرير، ليتم استغلاله في صناعة السبائك الذهبية وكذا صناعة الحلي، فهو يتطلب من الجهة التقنية درجة انصهار كبيرة جدا وخبرات تكنولوجية حتى تحقق نتائج سريعة.
لذلك حفزت الدولة الشباب على تبني هذه التعاونيات للتنقيب على الذهب وحفزت في الوقت نفسه الصناعات التحويلية، حيث أكد رئيس الجمهورية الدولة ستقدم مساعدتها إلى كل شخص يريد استخراج أحد المعادن وتحويلها، وقد تصل تمويلاتها إلى 90 بالمائة.
وكشف في هذا الصدد أن هذه الخطة تهدف إلى الحفاظ على الذهب المهدور خاصة إذا علمنا أن أطرافا كانت تهربه إلى الخارج، وأزيد من 500 منجم غير مستغل في ولاية تمنراست ما يمثل كارثة وخسارة كبيرة للاقتصاد الجزائري.
 وأشار المتحدث أن الذهب الذي تسخر به الجزائر يمنحها احتياطي كبير من الذهب الخالص ما يؤدي كخطوة أخيرة إلى ارتفاع قيمة العملة الوطنية لأن أي عملة في العالم تقاس بدرجة احتياطها من الذهب، وهذا كله في سياق سعي الجزائر إلى إحداث القطيعة مع المحروقات أو الريع الأحادي وهي بوادر وملامح الجزائر الجديدة.
وأبان الخبير الاقتصادي في الوقت نفسه، عن التوجه الرئيسي في خطة استغلال المناجم التي قسمها إلى شقين، الأولى استغلال المناجم التي تكبد الخزينة العمومية خسائر من خلال فاتورة استيرادها كالفوسفات والحديد باستغلال منجمي الحديد والفوسفات، كخطوة أولى حتى لا نستوردها من الخارج من خلال الاعتماد على أنفسنا في استخراجها ثم في خطوة ثانية تصديرها إلى الخارج.
أما الشق الثاني فيتمثل في الاعتماد على الذهب ليكون الداعم للعملة الوطنية وسببا في ارتفاع قيمة الدينار، من خلال إنشاء تعاونيات شبانية للتنقيب عن هذا المعدن النفيس.

طاقات شباب الجنوب... رهان المستقبل

وكشف المتحدث أن تأكيد رئيس الجمهورية على انخراط الطاقات الشبانية في هذا المجال ضرب لعصفورين بحجر واحد، فتلك الموجودة بالجنوب الجزائري لها دراية كبيرة بعملية التنقيب والمناطق التي تتوفر فيها هذه الثروات المعدنية، لذلك أراد رئيس الجمهورية من خلال حرصه على خلق تعاونيات شبانية القضاء على مشكل البطالة، باستغلال هذه الفئة من الشباب وذلك بإقامة سبل إقامة تعاونيات شبانية تؤطرها الدولة من خلال تقديمها إمكانيات كبيرة جدا لها بغية الاستثمار في خبرة الشباب في معرفة المواقع المتواجدة في قلب الصحراء والتي تعتبر مناطق صعبة الاكتشاف، واعتبر في السياق نفسه الاستعجال في استغلال الثروات المعدنية والطاقات الشبانية خطوة ايجابية لأنها ستساهم في إبعاد شبح البطالة عن شباب الجنوب الذين عانوا كثيرا منها.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى ضرورة مرافقتها بآليات متطورة بحكم أن استخراج هذه المعادن يحتاج إلى نوع من الدقة والتكنولوجيا المتطورة بغية تحقيق الأهداف المسطرة بأسرع وقت ممكن، مؤكدا أن هذه التعاونيات ستكون لها علاقة مع كل من وزارة الانتقال الطاقوي لاستخدام الطاقات المتجددة ووزارة البحث العلمي من اجل تأطير هؤلاء الشباب أكاديميا، تعليميا، للوصول إلى إنشاء تعاونيات تستطيع استخراج هذه الثروات المعدنية بطريقة أو بأخرى، بصفة استعجاليه لأنها ما تراهن عليه الجزائر لإحداث القطيعة مع البترول والخروج من الاقتصاد الأحادي بالاعتماد على الثروات المعدنية .

البنى التحتية أولوية

وأوضح عوّالي أن أمر رئيس الجمهورية وزير المناجم بالتعجيل فيما تم القضاء فيه سابقا في مجلس الوزراء الأخير فيما يتعلق باستغلال منجم «غار جبيلات» للحديد، ومنجم «وادي أميزور» للزنك والفوسفات يعكس إرادة قوية وإصرارا واضحا على سرعة استغلالهما من خلال إعطائه الأولوية من طرف قطاع المناجم بتسخير كل الإمكانيات المطلوبة سواء كانت بشرية، تقنية أو لوجستية، حيث أمر بتوفير مختلف البنى التحتية التي تعنى بنقل هذه الثروات المعدنية من مكان استخراجها إلى المصانع أو الوجهة النهائية لها.
وكشف في هذا الصدد أن القرار جاء بعد اطلاعه على تأخر نسبة التقدم في إقامة السكك الحديدية أو أشغال الطرق، لذلك طالب رئيس الجمهورية وزير المناجم بالإسراع في بناء خط سكك حديدية تندوف- بشار، حتى وان تطلب الأمر الاستعانة بالشريك الصيني الذي لديه باعا طويلا في الأشغال العمومية خاصة وان الاستعجال في انجاز مثل هذه المشاريع يخدم الظرف الراهن الذي تعيشه الجزائر وكذا خطة الإنعاش الاقتصادي.
وثمّن وضع رئيس الجمهورية في السابق خطة تحدد آجال التنفيذ، ومراقبة مدى تقدمها في الميدان، لتأثيرها الايجابي على مخطط الإنعاش والإقلاع الاقتصادي، خاصة إذا علمنا أن الخطط في مرحلة سابقة كانت بدون آجال للتنفيذ ولا أجال لمراقبة ما تم إنجازه ما أوصل الاقتصاد إلى وضع كارثي، لذلك ولتفادي تلك الأخطاء يراقب الرئيس في كل مجلس وزراء مدى التقيد بمختلف الخطط.
وكشف أن إعطاء الأولوية لقطاع المناجم باستقلاله عن الوزارات الأخرى يعكس اطلاع رئيس الجمهورية بأهمية استغلاله بسبب قدرته على تحقيق القطيعة مع اقتصاد يعتمد عائدات المحروقات أو التخفيف منها على الأقل، متأسفا في الوقت نفسه عن استغلال هذا القطاع، فلو استغلت استغلالا جيدا في الحقبة السابقة لأذرت على الخزينة العمومية ثروة طائلة، ولما عرف شباب الجنوب الجزائري شبح البطالة الذي أرّق يومياتهم، لكن الخطة الموضوعة اليوم ستستغلها بشكل إيجابي.
وسيعرف قطاع المناجم ـ حسبه ـ قفزة نوعية بوادرها بدأت تظهر من خلال استغلال كل من منجم «غار جبيلات» للحديد، ومنجم «وادي أميزور» للزنك والفوسفات المعول عليهما من طرف رئيس الجمهورية حتى تعكس واجهة الاستغلال الكامل لهما.
وأكد في سياق حديثه، سعي الجزائر من خلال القرارات الاستعجالية لاستغلال السوق الجزائرية للفوسفات يهدف إلى اكتفائها بالثروة المعدنية الوطنية للتقليل من فاتورة الواردات التي تستنزف العملة الصعبة من الخزينة العمومية.