طباعة هذه الصفحة

استئناف إنتاج النفط في ليبيا

قرار اقتصادي بأهداف سياسية

جلال بوطي/وكالات

استأنفت المؤسسة الليبية للنفط الانتاج بالمنشآت النفطية «الآمنة»، وذلك بعد 8 شهور من توقف إنتاج وضخ البترول وهو ما أدى الى تراجع الوضع الاقتصادي في البلاد وتدهور القدرة الشرائية للمواطن، الأمر الذي زاد من الاحتقان الشعبي مع تواصل آليات حل الأزمة السياسية. وتترأس ألمانيا بداية أكتوبر اجتماعا دوليا لبحث تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين لاسيما بعد اعلان فائز السراج نيته تسليم السلطة.

لم تعد حالة الانسداد بمؤسسة النفط قائمة بالنسبة «للحقول والموانئ النفطية الآمنة» في إشارة إلى الموانئ والحقول التي لا تسيطر عليها قوات قائد الجيش اللواء خليفة حفتر، لكن هذا الإعلان جاء بعد قرار حفتر إعادة فتح المنشآت التي كانت قواته تحاصرها، منذ أشهر.
ويعني اتفاق مع نائب رئيس المجلس الرئاسي احمد معيتيق رفع الحالة عن الانتاج تعليقا للعمل بشكل مؤقت لمواجهة الالتزامات والمسؤولية القانونية الناجمة عن عدم تلبية العقود النفطية بسبب أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد.
وكان حفتر أعلن الجمعة إعادة إنتاج وتصدير النفط وفق «شروط» تضمن التوزيع العادل لعوائده، بعدما ظلت أهم المنشآت النفطية الواقعة تحت سيطرة قواته مغلقة 8 أشهر كاملة. والسبت، أشارت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان نشرته عبر موقعها الالكتروني إلى «رفع حالة القوة القاهرة عن الحقول والموانئ الآمنة».
وأضافت «أعطيت التعليمات للشركات المشغلة في كل الأحواض الرسوبية، كذلك الإدارات المختصة بالمؤسسة، بمباشرة مهامها واستئناف الإنتاج والصادرات من الحقول والموانئ الآمنة».
أوضحت المؤسسة أنّ استنئاف الانتاج يبقى مفروضة «على الحقول والموانئ النفطية التي تأكد وجود عناصر فيها من عصابات «فاغنر» والجماعات المسلحة التي تعرقل أنشطة وعمليات المؤسسة». لكن مؤسسة النفط لم تذكر أسماء الحقول التي يشملها استئناف الإنتاج أو تلك التي ستظل مغلقة.
وكانت هذه المؤسسة الوطنية، اتهمت في مناسبات عدة قوات حفتر بالاستعانة بعناصر شركة «فاغنر» الأمنية الروسية للسيطرة على أهم منشآت النفط، واستخدامها «لأغراض عسكرية».
وقال رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله «همنا الأساسي بدء الإنتاج والصادرات بمراعاة سلامة العاملين والعمليات، وأيضاً منع أي محاولات لتسييس قطاع النفط». وقال صنع الله إن رفع قيود على الانتاج التي أوقفت صادرات النفط يعتمد على نزع السلاح من جميع المنشآت النفطية.
وفي وقت سابق، أبدت المؤسسة الوطنية للنفط أسفها لقيام جهة -وصفتها بغير المختصة- بتسييس قطاع النفط واستخدامه ورقة مساومة لتحقيق مكاسب سياسية.
وندّد صنع الله، ‏بما قال إنها ‎محاولات لإجراء مباحثات توصف بالسرية وبخلاف الثوابت المُعلنة. وأكد صنع الله أنه لن يسمح لمرتزقة
«فاغنر» بأداء دور في قطاع النفط. وتشهد ليبيا فوضى وأعمال عنف، منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في ثورة اندلعت عام 2011.
تفاقمت الأزمة العام الماضي، بعدما شنّ حفتر هجوماً للسيطرة على طرابلس مقرّ حكومة الوفاق الوطني التي تحظى باعتراف الأمم المتحدة.
ولاحقا، سيطرت قوات حكومة الوفاق على الغرب الليبي، إثر معارك استمرت لأكثر من عام وانتهت مطلع جويلية الماضي بانسحاب قوات حفتر، وتوقفت المعارك في محيط مدينة سرت الإستراتيجية التي تعدّ بوابة حقول النفط وموانئ التصدير في الشرق اللّيبي.
يعتبر الهاجس الأمني أكبر تحد لإنتاج النفط في ليبيا رغم الاتفاق بين طرفي النزاع، لاسيما بعد حدوث تبادل لإطلاق نار وخروقات أمنية جديدة في حقل الشرارة النفطي، جنوب غرب البلاد، أول أمس، وقالت المؤسسة إن مجموعة مسلحة دخلت إلى الحقل، يوم الأحد 6 سبتمبر، وقام عدد من الأفراد يرتدون الزي العسكري باختراق مخيّم الحقل وتهديد مدير الحقل، كما قاموا باستخدام مساكن العاملين والاعتداء على ممتلكاتهم الخاصة دون الالتزام بأي من إجراءات السلامة المتعلقة بجائحة فيروس كورونا».
وفي 21 أوت الماضي، أعلن طرفا النزاع -في بيانين منفصلين- وقف إطلاق النار بشكل فوري وكامل، وتنظيم انتخابات العام المقبل بأنحاء البلاد، ورحّبت الأمم المتحدة يومها بهذا «التوافق الهام بين الطرفين. ويواصل المجتمع الدولي بحث آليات إنهاء الأزمة السياسية حيث تعقد ألمانيا يوم الخامس أكتوبر المقبل اجتماعا دوليا من المقرر ان تحضره الجزائر ودول الجوار وبمشاركة كل الفاعلين في الملف.
واتفق، أمس، رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية فائز السراج، والسفير الألماني في ليبيا أوليفر أوفتشا، على أهمية الالتزام بمخرجات مؤتمر برلين.  وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي للسراج، أن «الجانبين تناولا خلال لقائهما بطرابلس، مستجدات الأوضاع في ليبيا والعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين». وأضاف أن اللقاء «بحث ملف التعاون الثنائي ومساهمة الشركات الألمانية في مشاريع البناء والتعمير بالبلاد».
وبحسب البيان «اتفقا الطرفان على أهمية الالتزام بمخرجات مؤتمر برلين، التي حددت مسارات ثلاث لحل الأزمة الليبية، أمنية واقتصادية وسياسية تقود لانتخابات تشريعية ورئاسية». وفي جانفي الماضي، استضافت العاصمة الألمانية مؤتمرا دوليا حول حل الأزمة الليبية، بمشاركة 12 دولة و4 منظمات دولية وإقليمية.
كان من أبرز بنود بيانه الختامي، ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، وفق مبادرة تركية روسية، منذ 12 من ذلك الشهر، والعودة إلى المسار السياسي لمعالجة النزاع.
جدد السفير الألماني خلال اللقاء، «تقديره لإعلان السراج عن رغبته في تسليم مهامه للسلطة التنفيذية القادمة التي من المفترض أن تشكلها لجنة الحوار». ودعا كافة الأطراف الليبية إلى ضمان انتقال شرعي وسلمي للسلطة، بحسب البيان ذاته. كما التقى السفير الألماني في طرابلس، رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، بحثا «تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية في البلاد، والمبادرات المطروحة لوقف إطلاق النار». وبحثا أيضا فرص استئناف الحوار السياسي، وكيفية صناعة بيئة مناسبة لإنجاحه، ودور ألمانيا في الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام»، بحسب ذات البيان.