تتواصل معاناة أصحاب المركبات السياحية، شاحنات نقل البضائع وحافلات المسافرين باتجاه العاصمة على الطريق الولائي رقم 2 ،الرابط بين بلدية بغلية والناصرية، شرق بومرداس، الذي لم يعد صالحا للسير مسافة أزيد من 300 متر في النقطة المعروفة باسم «الكوانين» التي اشتهر اسمها باهتراء الطريق وانزلاق التربة نحو الوادي الذي أخذ نفس التسمية، حيث أصبحت تشكل خطرا على المسافرين المتخوّفين من حدوث كارثة، مع بداية فصل الشتاء.
تعتبر هذه الطريق من أشهر النقاط السوداء على مستوى ولاية بومرداس وليس المنطقة فقط، بالنظر الى وضعيتها التي تزداد تدهورا من سنة إلى أخرى، كما تحوّلت إلى «أيقونة» تذكر على لسان المسافرين وأصحاب المركبات وحافلات نقل المسافرين وأيضا سائقي شاحنات نقل البضائع الذين يقصدون المنطقة يوميا سواء بغرض التجارة بالسوق الأسبوعي لبغلية أين يستقبل كل اثنين عشرات الشاحنات من مختلف ولايات الوطن التي تزوّد فلاحي المنطقة بالأعلاف والحشائش اليابسة، أو نحو وحدة الرياض لإنتاج السميد، وكذا المنطقة الصناعية ونحو حقول إنتاج عنب المائدة.
هذه النقطة السوداء التي عمّرت طويلا وأصبحت مع الوقت معرقلة كثيرا لحركة المرور باتجاه الطريق الوطني رقم 12 الرابط بين تيزي وزو والعاصمة، مرورا ببلديتي برج منايل ويسر بسبب التدهور المستمر ووجودها في منعرج تصاعدي يستحيل معه تجاوز شاحنات الوزن الثقيل، وهذا رغم المشاريع العديدة التي خصّصتها مديرية الأشغال العمومية لإعادة تهيئته وصيانته من أجل تسهيل سير المركبات ووقف حالة الانزلاق المهدّدة بقطع الطريق أمام حركة المرور، كان آخرها مشروع استفادت منه مؤسسة متخصّصة في أشغال الصّيانة عن طريق وضع دعامات إسمنتية ومجاري لتصريف مياه الأمطار، إلا أن قوّة الطبيعة والحركة المستمرة للتربة في هذا الجزء الهشّ لم تسمح للمشروع بالصمود، إلا أشهر قليلة ثم العودة للتشققات والحفر وبالتالي تم تركه على حاله.
وبحسب بعض الخبراء والمختصين في المجال وحتى الفلاحين الذين تحدثوا لـ»الشعب» عن هذه القضية، «فإن هذه النقطة المتواجدة بمنحدر عبارة عن منطقة ترابية هشة تتعرض سنويا للحركة بسبب المياه خاصة وأنها معروفة كمنطقة فلاحية لا تصلح معها أشغال الصيانة المتكرّرة التي استهلكت الملايير دون أن يتم معالجتها بشكل دائم عن طريق انجاز منشأة فنية»، في حين أرجع عدد من الفلاحين الناشطين بمنطقة الكوانين هذه المشكلة إلى»ظاهرة قطع الأشجار التي عرفتها المساحات المجاورة للطريق مع مطلع التسعينيات بظهور موجة غرس أشجار الكروم بدل أشجار الزيتون والتين، الأمر الذي تسبب مع الوقت في كارثة طبيعية وتضرر متواصل لهذا المنفذ الوحيد الذي يربط البلديات الشرقية بالطريق السريع».
وتتواصل لحد اليوم معاناة المسافرين وأصحاب المركبات مع هذه النقطة السوداء دون أن تتحرك مجددا مديرية الأشغال العمومية والسلطات المحلية لانجاز أشغال تهيئة بسيطة لتسهيل حركة السير، مع خطورة توسع مكان الضرر، مع بداية فصل الشتاء.
في حين تبقى المشاريع المقترحة للانجاز وتوسيع شبكة المرور لهذه المنطقة الهامة التي تضم 3 دوائر و10 بلديات نائية عالقة من أجل فك العزلة عنها، منها مشروع ربط الطريق الوطني رقم 25 عبر بلديات بغلية، سيدي داود باتجاه المدخل الشمالي لبرج منايل ويسر، مرورا بإقليم أولاد عيسى الذي أعلنت عنه السلطات الولائية سابقا ونفس الشيء بالنسبة لمشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 25 باتجاه ولاية تيزي وزو، وبالتالي يبقى سكان المنطقة الشرقية رهينة منفذ وحيد إلى العالم الخارجي لم يعد عمليا تماما أمام تنامي النشاط الاقتصادي وتضاعف حركة المرور عبر هذه المحاور.
360 مليون دينار لتهيئة الطرق الولائية
يعتبر الطريق الوطني رقم 2 ببلدية الناصرية من ضمن المحاور المهترئة في شبكة الطرقات بولاية بومرداس التي استفادت من مشاريع صيانة في إطار صندوق الضمان والتضامن للجماعات المحلية بغلاف مالي تجاوز 360 مليون دينار خصّصته مديرية الأشغال العمومية، خلال السنوات الماضية لتهيئة وتجديد الطريق وانجاز منشأة فنية، مشروع صيانة بالطريق الولائي رقم 18 بسيدي داود، إلى جانب الطريق الولائي رقم 151 الرابط بين بلديتي يسر وتيمزريت على مسافة 6 كلم، الطريق الولائي رقم 120 الرابط بين بلدية لقاطة والطريق الوطني رقم 24، والطريق الولائي رقم 52 الرابط بين بغلية وتاورقة.
وشرعت قبل أيام مؤسسات الانجاز في صيانة بعض الطرق الولائية والبلدية المتدهورة، أهمها الطريق الولائي رقم 154 الهام، الرابط بين دلس وتاورقة على مسافة 17 كلم، إضافة إلى مشروع مماثل استفادت منه 6 بلديات لصيانة عدة نقاط سوداء بالمسالك المؤدية إلى الأحياء والقرى.
وبالموازاة مع هذه المشاريع التي تخص الطرقات الولائية والبلدية، استفادت شبكة الطرقات الوطنية من مشاريع مماثلة للصيانة والتهيئة، حيث تم مؤخرا الانتهاء من أشغال صيانة الطريق الاجتنابي يسر سي مصطفى على مسافة 6 كلم بغلاف وصل إلى 194 مليون دينار و7 منشآت فنية على مستوى الطريق الوطني رقم 12، وقبلها صيانة الطريق الوطني رقم 68 الرابط بين يسر وشعبة العامر، الطريق الوطني رقم 122 ببلدية أولاد موسى، الطريق الوطني رقم 66 ببلدية بوزقزة قدارة، الطريق رقم 222 الرابط بين بودواو وخروبة وعدة محاور أساسية، وأخرى تنتظر مشاريع مماثلة لتجديدها قبل حدوث كوارث وحوادث مرور ناجمة عن المطبات والحفر مع غياب شبكة الإنارة.