استخـراج الغاز الصخـري مضر بالمياه الجـوفية
تعيش الجزائر مرحلة فارقة فيما يخص التوجهات الطاقوية، في ظل تأكد حتمية مفادها أن الثروات الباطنية إلى زوال، والجزائر لا تشكل استثناءً ضمن هذا المنظور، المعطى الذي دفع بعديد الباحثين والخبراء إلى إطلاق صفارة إنذار وتقديم وجهة نظرهم في الموضوع من خلال تنظيم ندوات ومؤتمرات لتحسيس السلطات العمومية والرأي العام، على حد سواء، بالتحديات الطاقوية المستقبلية وضرورة الإسراع في إيجاد طاقات بديلة للمحروقات.
اعتبر الدكتور شمس الدين شيتور، أن وتيرة الاستهلاك العالمي للطاقة بمختلف أنواعها سيؤدي إلى نفاد البترول خلال 40 سنة، بينما تنتهي الاحتياطات الغازية خلال ستين سنة و120 سنة بالنسبة للفحم. وأكد شيتور، المهتم بالتوجهات الطاقوية للجزائر منذ 20 سنة، خلال ندوة «اثنين المعرفة»، التي نظمتها المدرسة الوطنية متعددة التقنيات بالحراش، أمس الاثنين، في إطار سلسلة مدرسة كل المعارف، أن المواطن الأمريكي يستهلك ما مقداره 8 أطنان من البترول سنويا، في حين يستهلك نظيره الأوربي نصف الكمية. وأضاف شيتور، أنه لو تم تقليص ما يستهلكه الفرد الأمريكي إلى النصف سنويا لاستطعنا زيادة عمر الموارد البترولية بعشرين سنة أخرى، مؤكدا أن ما أنتجته الطبيعة من الموارد الطاقوية خلال مائتي مليون سنة، استهلكها الإنسان خلال 150 سنة فقط.
وعن وتيرة الانتقال الطاقوي في الجزائر، قال الدكتور شيتور إنها تسير بخطى متثاقلة، إن لم تكن متوقفة تماما، وأن الجزائر تأخرت كثيرا في التحضير لهذا الانتقال، مقارنة مع دول أخرى كالصين، التي حققت أرقاما قياسية في هذا الصدد، حيث يتم تركيب محطة لتوليد الكهرباء بواسطة الرياح بسعة 10 ميغاواط كل ساعتين، في حين أن التكنولوجيا التي تتوافر عليها الجزائر في هذا المجال تستلزم عشر محطات لتوليد ما قيمته 1 كيلواط من الطاقة الكهربائية عن طريق الرياح وهذا الأمر مرده - بحسب الدكتور شيتور - إلى التأخر في إطلاق المشاريع وتباطؤ إنجازها، ونفس الشيء بالنسبة لتوليد الطاقة الكهربائية نوويا، فعملية إنجاز مفاعل نووي لتوليد الطاقة الكهربائية لا تتعدى الستة الأشهر بالصين، في حين أن المفاعل النووي الجزائري المزمع إنجازه العام 2025 يبقى مجرد حبر على ورق.
وحول الغاز الصخري، جدد شيتور معارضته لهذا التوجه - على الأقل - في الوقت الراهن، معتبرا أن هذا المورد هو ملك للأجيال القادمة، مذكرا بالأضرار الناتجة عن استخراج هذا النوع من الغاز، خاصة على المياه الجوفية المتواجدة بكميات هائلة في باطن الصحراء الجزائرية. وأضاف، أنه علينا أن نختار بين الماء أو الغاز الصخري، الذي علاوة على تلويثه للمياه الباطنية، يحتاج إلى كميات هائلة من المياه لاستخراجه، ناهيك عن المواد الكيماوية السامة الناتجة عن استخراج هذا النوع من الغاز. وفي انتظار هذا التحول، قال شيتور في إمكان الجزائر تمديد عمر مخزونها من المحروقات من خلال ترشيد استخراج هذه المواد، مؤكدا أن أحسن بنك لإيداع الموارد هو تركها في باطن الأرض واستخراجها عند الحاجة، بدل استخراجها بكميات هائلة من أجل بيعها وادّخار أموالها في البنوك الأجنبية، مؤكدا أن أسعارها سترتفع في المستقبل ويمكن أن يصل البرميل الواحد إلى 300 دولار، فلماذا الاستمرار في خسارة هذا الفارق في السعر؟.
في الأخير، عدد الدكتور شيتور، سبب الاختلالات التنموية التي تعرفها الجزائر، حيث ردّ ذلك إلى تهميش الجامعة الجزائرية في رسم وتطبيق السياسات التنموية للبلاد، مؤكدا أن الاستمرار في هذا سيرهن مستقبل البلاد. وأضاف شيتور، أن اقتصاد المعرفة معطل في الجزائر، لهذا ليس هناك توافق بين وتيرة التكوين الجامعي ومتطلبات السوق الجزائرية، في حين أن إنتاج الجامعة تستفيد منه جهات أجنبية، النزيف الذي طالب شيتور بوقفه بأسرع ما يمكن.
في ختام مداخلته، ألحّ الدكتور شيتور على أن مهمّة الانتقال الطاقوي في الجزائر ليست مهمّة وزارة الطاقة وحدها وإنما تقع على عاتق كل الدوائر الحكومية بدون استثناء لأنها مسألة الجميع.