بعد إعلان أعضاء المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب المشاركين في اجتماعات بالمغرب، عن اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية، تصاعدت احتجاجات بالمدن الليبية معلنة رفضها لأنصاف حلول ترسخ سياسة المحاصصة بين المسؤولين، ولا تقدم حلا نهائيا للشعب الليبي جراء تدهور الأوضاع المعيشية. لكن الفرقاء توصّلوا إلى استئناف الحوار آخر نهاية الشهر الجاري بعد تحديد مخرجات المشاورات، في حين رحبت الأمم المتحدة بنتائج مشاورات مونترو بسويسرا.
أكّد أعضاء وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب عقب نهاية المشاروات بمدينة بوزنيقة المغربية أول أمس، في بيان مشترك، أنهما اتفقا أيضا على استرسال هذا الحوار واستئناف اللقاءات الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، من أجل استكمال الإجراءات اللازمة، التي تضمن تنفيذ وتفعيل هذا الاتفاق.
أوضح أعضاء الوفدين أن ذلك يأتي تطبيقا للمادة رقم 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات، وتأكيدا على مخرجات مؤتمر برلين، التي تدعم الحل السياسي، وبناء على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
أشار البيان إلى أنّ لقاءات الوفدين في ضواحي العاصمة المغربية الرباط جاءت من أجل إلى توافق بين المجلسين حول المناصب السيادية بهدف توحيدها، وفي أجواء ودية أخوية سادها التفاهم والتوافق.
ورغم أنّ الاتفاق حول المناصب السيادية يسعى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، إلا أن المجتمع الدولي يسعى بحث آليات التخفيف من التوتر لاسيما بعد تردي الأوضاع المعيشية وتنمامي الهجرة غير الشرعية في حوض المتوسط. وفي هذا الصدد، جرت مشاورات سياسية بين موسكو وباريس، أمس، حول جهود تسوية الأزمة الليبية. واستضافت روسيا مشاورات سياسية بين حول جهود تسوية الأزمة الليبية. وقال ميخائيل بوغدانوف، مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط ودول إفريقيا، إن الاجتماع تناول القضايا المتعلّقة بتسوية الأزمة في ليبيا على أساس قرارات مؤتمر برلين.
من جانبها، أصدرت لجان الحوار المشاركة في المشاورات الليبية التي انعقدت بمدينة مونترو السويسرية أيام 7، 8 و9 سبتمبر الجاري، برعاية مركز الحوار الإنساني، بيانها الختامي الذي تضمن أبرز البنود التي تم الإجماع عليها بشأن المرحلة التمهيدية للحل الشامل.
وأجمع المشاركون على التمهيد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في مواعيد لا تتجاوز 18 شهراً، وعلى أساس قاعدة دستورية متفق عليها.
ونصّ البيان الختامي للمشاورات الليبية في سويسرا على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية لتتشكّل من مجلس رئاسي مُكوّن من رئيس ونائبين، ومن حكومة وحدة وطنية مستقلة عن الرئاسي.
وطالب بدعوة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للاتفاق بخصوص المناصب السيادية والمسار الانتخابي، وانتقال المؤسسات التنفيذية ومجلس النواب إلى مدينة سرت خلال المرحلة التمهيدية للحل الشامل.
ولقيت مشاورات مونترو ترحيبا من الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، بنتائج المشاورات بين عدد من الشخصيات الليبية، واعتبرت أن تدهور الأوضاع في ليبيا على اختلاف مستوياتها تستدعي بشكل ملح ضرورة «إيجاد حل سريع وسلمي» للازمة في هذا البلد. وأعربت وليامز في بيان لها، عن «عميق امتنانها لفريق مركز الحوار الإنساني على جهوده الدؤوبة في تنظيم هذا الاجتماع الذي جاء في نقطة تحول حاسمة في مسعى طويل بحثاً عن حل شامل للأزمة الليبية».
وشدّدت ستفاني على أن تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في ليبيا، التي تفاقمت بسبب الصراع الطاحن والارتفاع المقلق في حالات الإصابة المؤكدة بـ «كوفيد-19» ونقص الخدمات وانقطاع الكهرباء والماء، إضافة إلى استمرار الإغلاق النفطي «تجعل الحاجة إلى إيجاد حل سريع وسلمي للازمة أكثر إلحاحا»ً. وأشادت البعثة بـ»النوايا الحسنة والتفاني الوطني»، الذي أبداه المشاركون الليبيون «إذ انتهزوا هذه الفرصة لتنحية خلافاتهم القديمة جانباً بغية التوصية بحل ليبي - ليبي يمكن طرحه للتعجيل باستئناف مؤتمر الحوار السياسي الليبي الذي تيسره الأمم المتحدة في وقت مبكر».
ونوّهت المبعوثة الخاصة إلى ليبيا بتوافق آراء المشاركين في مشاورات مونترو إزاء وجوب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نهاية فترة تمتد لثمان عشرة شهراً، وفق إطار دستوري يتم الاتفاق عليه.
وتبدأ هذه الفترة بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وإنشاء حكومة وحدة وطنية «تمثل الجميع وتكرس جهودها لتقديم الخدمات وتهيئة الظروف اللازمة لإجراء الانتخابات الوطنية بما في ذلك تطبيق قانون العفو، الذي أقرّه البرلمان وتسهيل عودة النازحين ومن يعيشون في الشتات كخطوة ضرورية لتحقيق المصالحة الوطنية التي تشتد الحاجة إليها».
وبعد اقتراح المشاركين بنقل الوظائف والمكاتب الحكومية الرئيسية مثل السلطة التنفيذية ومجلس النواب، على أساس مؤقت، إلى مدينة سرت بعد تنفيذ الترتيبات الأمنية واللوجستية الملائمة رحبت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بهذه الخطوة.
وقالت ستيفاني وليامز إن مشاورات مونترو نظّمت في أعقاب إعلاني وقف إطلاق النار المتزامنين الصادرين في 21 أوت عن رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح «توفر أساساً لجميع الأطراف الليبية التي تتحلى بروح المسؤولية الوطنية والمضي قدما»ً.