يرى الأكاديمي والباحث السياسي الليبي، فيصل الشريف، أن اجتماعات المغرب تأتي في سياق استكمال ما بدأه الطرفان من حوارات في تونس حول محاولة الوصول لتفاهمات تتعلق بالتعديل في الإتفاق السياسي بما يسمح بنشوء حالة توافقية توقف الإنقسام المستمر، والذي أضرّ بالوضع الإقتصادي.
الشعب: بعد اختتام اجتماعات الحوار الليبي في مدينة بوزنيقة المغربية بين وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق، ماذا تتوقّعون؟
الباحث السياسي فيصل الشريف: جولة المغرب جاءت في سياق استكمال ما بدأه الطرفان من حوارات في تونس حول محاولة الوصول لتفاهمات تتعلق بالتعديل في الإتفاق السياسي بما يسمح بنشوء حالة توافقية توقف الإنقسام المستمر، والذي أضرّ بالوضع الإقتصادي لليبيا وتبعًا له تغذية الصراع وتدويله، إلا إن ما يحدث في بوزنيقة هذه المرة أشبه ما يكون بالحوار التمهيدي للخروج بتفاهمات حول المناصب السيادية في ليبيا، والتي تعد جزءًا ممّا نص على ضرورة تحقيق توافق في شأنه بين المجلسين (الأعلى للدولة والنواب).
هل تعتقدون أنّ نجاح الحّل السياسي في ليبيا مرهون بإرادة الداخل وتوافق الخارج؟
في تقديري المشكل السياسي الليبي لازال معقدًا بما يكفي، والتصعيد العسكري من قبل الجيش الليبي زاد من تعقيده أكثر وأدخل أطرافًا إقليمية ودولية من الجانبين بشكل أكثر حدّةً مما أسهم في فتح الساحة الليبية سياسيًّا وعسكريًّا على جميع الاحتمالات الأقرب للتوتر، لكون جل المتداخلين سلبيون ويغذّون الصراع، ويبحثون عن مصالحهم بطريقة غير مسؤولة وبانتهاك للشرعية الدولية والسيادة الليبية.
السراج أجرى مؤخّرا تغييرات في الحكومة باستحداث مناصب جديدة، ما الهدف من هذه الحركة؟
أقرأ التغييرات الوزارية التي أجراها المجلس الرئاسي في اتجاه داخلي بالدرجة الأولى، ولا أظن أن هناك معادلة دولية كذلك لها تأثيرها في هكذا خطوات ربما تدفع في اتجاه ضرورة تسمية شخصيات تبدأ في تحريك ملفات تتعلق بمؤسسات أمنية وعسكرية، يجب البدء في وضع لبناتها، هذا ما قاد السراج لتسمية وزير دفاع ورئيس أركان.
وفي الاتجاه الداخلي، جاءت العديد من القرارات في تقديري بعد إيقاف وإحالة باشاغا على التحقيق، حيث تم تسمية شخصيات تابعة للندن مؤثرة في الغرب الليبي، وأعني مصراتة والزاوية والزنتان في محاولة لكسب هذه المدن وعدم تأليبها ضد الرئاسي، وتمرير القرار ضد وزير الداخلية، الأمر الذي لم يحقق الهدف لكون بنية القرار في ذاتها لم تكن متماسكة، فضلًا عن الحراك الشعبي ضد القرار الذي جاء في سياق غير سياق الحراك الشعبي المطالب بإقالة الفاسدين، حيث صدر قرار ضد وزير الداخلية الذي دخل في صدام مع جهات وشخوص تورّطوا في الفساد.
وماذا عن عودة وزير الداخلية فتحي باشاغا لعمله بعد خضوعه لتحقيق إداري؟
عودة وزير الداخلية باشاغا كانت متوقّعة، حيث استجاب للتحقيق وطالب أن يكون علنيا مما دل على تماسك موقفه وقوة حجته، ولأن قرار إيقافه لم يكن بنيويًّا يشي بأي وجود لاختراقات أو تُهم حقيقية تكفي لإقالة الوزير، فضلًا على إن ردود الفعل الشعبية أعطت مؤشرات سلبية تجاه القرار. وبالتالي فعودة باشاغا لممارسة عمله تعطي جرعة أخرى إيجابية له ولكل فئات الشعب، التي تبحث عن شخصية تراهن عليها لحرب الفساد التي هي الحرب المستحقة لكل الليبيين.
ما سر الحراك في بعض المدن في ليبيا في الفترة الأخيرة؟
الحراك إن كان المقصود به الحراك ضد الفساد فهو مستحق وواجب، وينبغي أن يستمر نضال الليبيين في هذا الاتجاه دون توقف، فكرة الفساد تتدحرج وتزداد سماكةً مع كل دقيقة تمر وليس يومًا أو شهرًا، وليس هناك أي مستجدات تمنع هكذا حراك بل كل المستجدات تجعل من الحراك ضاغط إيجابي عليها من أجل التعجيل في حلحلة سياسية، واتخاذ مواقف عاجلة قبل تفاقم الأوضاع وانفلاتها.
بعد مرور 20 يوما من دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، كيف تقيّمون الوضع؟
شخصيًّا أنا مع فكرة إيقاف إطلاق النار، ولا عاقل يحب لوطنه الخير يتمنى أن تنطلق رصاصة واحدة تستقر في جسد ابن بلده، لكن المشكلة تكمن في أن هذه العملية هشة وتم اختراقها من قبل العصابات والمرتزقة المحسوبين على حفتر مرات، كذلك ما لم يصحب هكذا إعلان عملية سياسية جادة، فإن هكذا إعلان سيظل هشًّا فضلًا على أن روسيا وتركيا لم يظهر تحمسّهما كثيرًا لهكذا إعلان لكون العملية التفاوضية فيما يبدو لم تنضج بعد.
بصفتك أكاديميا وباحثا في الوضع الليبي، ما هي الحلول المقترحة للوصول إلى حلول ملموسة بشأن الأزمة الليبية؟
هناك مسارات سياسية عديدة، منها ما عُرض في مبادرات قدّمها السراج وعقيلة صالح وكذلك المشري بصفاتهم، تتحدث عن مرحلة انتقالية أخرى، ولا يخفى ما يواجه هذا الطرح من رفض شعبي لمراحل انتقالية جديدة في ليبيا، وهناك حديث عن الذهاب لاستفتاء حول الدستور المقترح والولوج لانتخابات برلمانية ورئاسية والتخلص من كل الأجسام الحالية، لكن شخصيًّا لا أرى فرصًا ملائمة للحل الثاني بل ربما العمل يجري على مرحلة انتقالية تمهيدية تهيئ المشهد لتمرير الحل الثاني بخلق حالة استقرار حقيقية تسمح بإجراء استفتاء وانتخابات عامة في البلاد.