أكّد الوزير الأول، عبد العزيز جراد، أن مشروع تعديل الدستور يعد «أحد أبرز التزامات» رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، من أجل بناء «جزائر جديدة».
أوضح جراد، في عرضه لنص القانون المتضمن مشروع تعديل الدستور أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات للمجلس الشعبي الوطني، بحضور رئيس المجلس، سليمان شنين، ووزير العدل حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي، أن «مشروع تعديل الدستور، الذي بادر به رئيس الجمهورية، يعد تجسيدا وتنفيذا لأحد أبرز التزاماته في المجال السياسي من أجل بناء جمهورية جديدة».
واعتبر الوزير الأول أن هذا التعديل الدستوري كان «على رأس الوعود الانتخابية التي قطعها رئيس الجمهورية»، والتي هي -كما قال- «التزامات صادقة شرع في تجسيدها في الميدان وفق رؤية إستراتيجية واضحة ورزنامة محددة تستدعي منا جميعا التحلي بالواقعية والتركيز على القضايا الجوهرية للأمة ذات العلاقة بالأسس الدائمة للدولة». وأضاف أن تعديل الدستور يعد «محطة جد هامة، بل ومفصلية في الحياة السياسية لبلادنا، إذ يسمح بالفصل الحقيقي بين السلطات ويعزز العلاقات بين الحكومة والبرلمان ويسمح بتجسيد الالتزامات المقررة لبناء جمهورية جديدة.
التأسيس لدولة عصرية تفصل بين المال والسياسة
وأكد الوزير الأول، عبد العزيز جراد، أن مشروع التعديل الدستوري يسمح بإجراء «إصلاح شامل للدولة» ويؤسس لدولة عصرية «تفصل بين المال والسياسة»، موضحا أن «التعديل الدستوري يسمح بتجسيد الالتزامات المقررة لبناء جمهورية جديدة من خلال إصلاح شامل للدولة ومؤسساتها». وأضاف أن مشروع التعديل الدستوري «يؤسس لدولة عصرية تعمل على خدمة المواطن واسترجاع ثقته وتتميز بحياة سياسية تحكمها مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة والكفاءة وتفصل بين المال والسياسة وتحارب الفساد»، كما تعمل على «إصلاح شامل للعدالة وتعزيز حرية الصحافة وترقية الديمقراطية التشاركية وبناء مجتمع مدني حر ونشيط».
وأكد جراد أن مشروع تعديل الدستور، الذي بادر به رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، يعد «تجسيدا وتنفيذا لأحد أبرز التزاماته في المجال السياسي من أجل بناء جمهورية جديدة». واعتبر أن هذا التعديل كان «على رأس الوعود الانتخابية التي قطعها رئيس الجمهورية»، والتي هي —كما قال— «التزامات صادقة شرع في تجسيدها في الميدان وفق رؤية إستراتيجية واضحة ورزنامة محددة تستدعي منا جميعا التحلي بالواقعية والتركيز على القضايا الجوهرية للأمة ذات العلاقة بالأسس الدائمة للدولة».
وبالمناسبة، دعا جراد الجميع إلى «التحلي بالواقعية والتركيز على القضايا الجوهرية للأمة وذات العلاقة بالأسس الدائمة للدولة»، باعتبار أن أهم محطات هذه الرزنامة -مثلما قال- «المراجعة الواسعة للدستور بما يستجيب لتطلعات الشعب في بناء دولة ديمقراطية حقيقية تجعل الجزائر في منأى عن الانحرافات الاستبدادية والتسلطية التي عرفتها في الماضي القريب».
وشدّد الوزير الأول على أن هذا التعديل «يؤسس لفصل حقيقي بين السلطات ويعزّز الصلاحيات الرقابية للبرلمان ويسمح بالانسجام والتكامل بين السلطات ويحمي حقوق المواطن وحرياته»، مبرزا أنه «محطة جدّ هامة ومفصلية في الحياة السياسية للبلاد وسيعطي قوّة كبيرة للنهوض بالاقتصاد الوطني وبنسق سياسي متوازن وجامع يمكن المواطنين من الإحساس بأن الجزائر بلد كل الجزائريين دون تمييز ولا إقصاء».
وأضاف الوزير الأول أن «بناء دستور توافقي يعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب الذي صدح بها عاليا، خلال الهبة الشعبية التي انطلقت في 22 فبراير 2019 ووضع من خلالها حدا لأخطاء وانحرافات خطيرة شكلت تهديدا حقيقيا على الدولة الوطنية في كيانها ومؤسساتها وفي اللحمة الوطنية لمجتمعنا، ومعبّرا في نفس الوقت عن رغبته في إقامة دولة الحق والقانون».
وأوضح جراد أن هذا التعديل الدستوري يقوم على «بناء أسس دولة ديمقراطية وعصرية قوامها التداول على السلطة والعدالة والاحترام التام للحقوق والحريات، وهي الدولة التي حلم بها شهداؤنا الأبرار ومجاهدونا الأخيار وضحّوا لأجلها بالغالي والنفيس».
من جهة أخرى، اعتبر جراد أن اختيار تاريخ 1 نوفمبر لتنظيم الاستفتاء الشعبي يعد «مناسبة أخرى للم شمل الشعب بكل أطيافه وتوجّهاته ورسم معلم جديد لمستقبله»، معتبرا أن هذا المشروع يشكل «قطيعة تامة مع ممارسات الماضي، سواء من حيث طريقة إعداده أومن حيث مضمونه».
وقال الوزير الأول أن الإرادة الشعبية ستتجسّد في هذا الدستور مرتين : «مرة عند إعداده وأخرى عند التصويت عليه، وهو ما يشكل سابقة في عملية إعداد الوثائق الدستورية».
وأكد جراد أن هذا المشروع «سينسجم مع متطلبات بناء الدولة العصرية ويلبي مطالب الحراك الشعبي المبارك الأصيل»، مبرزا «حرص رئيس الجمهورية على أن يكون الدستور في صيغته الجديدة توافقيا في مرحلة إعداده على أوسع نطاق، من خلال تمكين مختلف الأطياف الشعبية وصناع الرأي العام من مناقشته، طيلة أربعة أشهر رغم القيود التي فرضتها الأزمة الصحية».
وذكّر بمسار إعداد هذا المشروع انطلاقا من تكليف رئيس الجمهورية للجنة من خبراء القانون الدستوري بصياغة مقترحات التعديل الدستوري والتي حدّد لها سبعة محاور للتفكير مع ترك الحرية لها في اقتراح تعديلات خارج تلك المحاور.
ويتعلق الأمر بالخصوص بتعزيز حقوق المواطن وحرياته وأخلقة الحياة العامة والفصل بين السلطات وتوازنها وتعزيز سلطة الرقابة البرلمانية واستقلالية السلطة القضائية والمساواة بين المواطنين أمام القانون والتكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات.
وبعد أن أتمت لجنة الخبراء عملها لمدة شهرين -يضيف جراد- طرح المشروع للإثراء على الرغم —مثلما قال— «من الظروف الاستثنائية التي فرضها انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد19) على بلادنا والعالم أجمع وما أملاه من إجراءات وتدابير وقائية حماية لصحة المواطنين». وذكر أن عملية الإثراء شاركت فيها «كل أطياف المجتمع من سياسيين وأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني»، مشيرا إلى أنه على إثر ذلك، تمت الصياغة الثانية للمشروع قبل عرضه على الاستفتاء الشعبي.
منصب رئيس الحكومة والأغلبية البرلمانية
أكد الوزير الأول، عبد العزيز جراد، أنه تم تكريس منصب «رئيس الحكومة» في النص المتعلق بتعديل الدستور، إذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن «أغلبية برلمانية»، مقابل
منصب «الوزير الأول» اذا أسفرت هذه الانتخابات عن «أغلبية رئاسية».
وأوضح الوزير الأول أن مشروع تعديل الدستور في الباب المتعلق بالفصل بين السلطات « كرّس منصب رئيس الحكومة إذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية، مقابل الوزير الأول، إذا أسفرت هذه الانتخابات عن أغلبية رئاسية، مع النص على تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية وتمكينه من تشكيل حكومته وإعداد برنامجه».
وبالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية قال الوزير الأول أنه تم «التقليص من صلاحيات رئيس الجمهورية، لاسيما تلك المتعلقة بالمهام التشريعية والقضائية».
فحدد النص -كما قال- في «حق رئيس الجمهورية في التشريع بأوامر في حالة شغور البرلمان فقط»، كما «قيدت صلاحيات رئيس الجمهورية عند إعلانه حالة الطوارئ والحصار والحالة الاستثنائية». و»تم تعزيز رقابة البرلمان على الحكومة من خلال إمكانية استجوابها في أي مسألة ذات أهمية وطنية وكذا الحال بالنسبة لتنفيذ القوانين وإلزام الحكومة بتقديم المعلومات التي يطلبها وتمكينه أيضا من إمكانية سحب الثقة على إثر استجواب يقدم من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني».
أما بالنسبة للقضاء، فقد تم التنصيص على «تعزيز سلطته من استقلاليته كسلطة وكذا استقلالية القضاء وعدم خضوعه إلا للقانون وعدم قابلية القضاء الحكم بالنقض إلا بشروط».
وأكد الوزير الأول بأنه «لا يتجسد ذلك فعليا إلا إذا كانت الجهة القائمة على جهاز العدالة «مستقلة»، مشيرا إلى أنه تم أيضا «تعزيز «استقلالية المجلس الأعلى للقضاء من خلال هذا التعديل».
وبالنسبة لمؤسسات الرقابة فقد جاء المشروع متضمنا النص على عدة أجهزة رقابية فعالة، لاسيما «الرقابة على دستورية القوانين» المكرسة في الجزائر منذ 1989.
وقال جراد بهذا الخصوص أن «الرغبة في جعل كل السلطات خاضعة للدستور ومحترمة لأحكامه كانت الدافع وراء إقامة محكمة دستورية بدلا من المجلس الدستوري حاليا، مع توسيع رقابتها لتشمل الأوامر فضلا عن المعاهدات والقوانين والتنظيمات المنصوص عليها حاليا، ومنحها صلاحية تفسير النصوص القانونية والتحكيم بين السلطات إن طلب منها ذلك»، إلى جانب التوسيع في مجال رقابة «الدفع بعدم الدستورية» إلى التنظيم.
ومن جهة أخرى، ذكر الوزير الأول أن «الانتخابات باعتبارها كانت دوما محل جدل» بشأن الجهة القائمة عليها فقد تمت «دسترة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» بغرض «تعزيز استقلاليتها لتضطلع بهذه المهمة ومنحها السلطة الكاملة في إدارة العملية الانتخابية من بدايتها إلى غاية صدور النتائج ومنحها الصلاحيات في مجال الانتخابات».
وبغرض مراقبة صرف المال العام وضمان الشفافية في التسيير والوقاية من الفساد ومكافحته تم تكريس-يضيف السيد جراد- مجلس المحاسبة كمؤسسة «عليا مستقلة» وتعزيز الصلاحيات للقيام بالرقابة البعدية على أموال الدولة بالجماعات المحلية والمرافق العامة وكذا مساهمتها في ترقية الحكم الراشد والشفافية، على أن يحكمها قانون عضوي.
وأكد أيضا، أنه تم النص على إنشاء «السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته» كسلطة مستقلة تختص بوضع استراتيجية وطنية في هذا المجال.
وفيما يخص الهيئات الاستشارية قال الوزير الأول أنه تم الاحتفاظ بالهيئة الاستشارية القائمة وهي المجلس الإسلامي الأعلى والمجلس الأعلى للأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أضيف إلى مجال اهتماماته البيئة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للشباب والمجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات.
كما تم تدعيم هذه المجالس بهيئات أخرى تتمثل في «المرصد الوطني للمجتمع المدني» وهي هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية سيعول عليها-كما قال- «في تقديم الآراء والتوصيات المتعلقة بانشغالات المجتمع المدني والمساهمة في ترقيه قيم الوطنية والممارسة الديمقراطية والمواطنة».
كما تم النص على استحداث هيئة علمية جديدة تحت تسمية «الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات باعتبارها هيئة عليا ذات طابع علمي».
وبخصوص التعديل الدستوري قال السيد جراد أنه «لم يحدث أي تغيير في الأحكام الخاصة به» موضحا أن «المبادرة بتعديل الدستور بقيت بين يدي رئيس الجمهورية وحده، مع حق البرلمان بثلاثة أرباع أعضاء غرفتيه مجتمعين معا، في المبادرة باقتراح تعديل الدستور، على رئيس الجمهورية الذي له سلطة البت فيها».
كما تم الاحتفاظ -يضيف السيد جراد - بآليات التصويت على التعديل، «إما عن طريق البرلمان أو الاستفتاء أو عن طريق البرلمان والاستفتاء معا».
واعتبر جراد أن التعديل الوحيد الذي أدخل على هذا الباب مس «مادة تضمن المسائل التي يحظر تعديلها وإدراج حكم خاص بتامزيغت باعتبارها لغة وطنية ورسمية».