حرص رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، على التوضيح بأن رئيس الجمهورية بادر بـ «مراجعة عميقة للدستور، ستحدد لنا معالم المستقبل القريب والمتوسط»، معربا عن أمله في «دستور ثابت.. يكون مطابقا للوفاق الوطني».
وذكر شرفي في حوار خص به «الشعب»، أن السلطة ستتعامل مع الانتخابات، سواء تعلق الأمر باستفتاء أو انتخابات تشريعية او محلية، بجدية تامة، مفندا بالمناسبة « وجود لجنة حكومية مهيكلة أو دائمة»، وأفاد بأن «الانتخاب الالكتروني لا يضمن نزاهة الاقتراع بنسبة 100 بالمائة».
«الشعب»: ماذا يمثل تعديل الدستور في بناء الجزائر الجيدة؟
محمد شرفي: تعديل الدستور يشير حقيقة إلى مشروع اجتماعي، وإلى مشروع بناء الدولة الجديدة بكل مكوّناتها، وحوكمتها. ردا على سؤالكم هذا لما نتكلم عن هذه المحطة، لابد أن نرجع إلى أهمية الدستور في حدّ ذاته.
والدستور هو المنظم للحوكمة، والعلاقات بين فروع السلطة، والقواعد الأساسية التي تحكم علاقات السلطة مع المواطنين، أي أنه المنظم للدولة ككيان عام وشامل، وبالتالي التعديل الدستوري، في الحقيقة يتمحور حول نمط الحوكمة.
والحقيقة أن الأمر لا يتعلق بمجرد تعديل وإنما بمراجعة الدستور، لنكون أوفياء المسعى السيد رئيس الجمهورية.
ما الفرق بين مراجعة الدستور وتعديله؟
التعديل يتعلق بمادة أو جزئية، مثلا التعديل الذي مسّ عدد العهدات، بينما المقصود من المراجعة تغيير في العمق، ونحن نتكلم عن تغيير جذري، السلمي والسلس.
في كل تغيير يوجد مجموعة من المصالح تصبح مهددة، مقابل بروز مصالح جديدة، تتصف بتطابقها مع المصالح الشعبية، أي نخرج من الفئوية التي كانت موجودة، ونوفر الإمكانيات لصالح الجزائر والشعب ككل وليس لفئة. وهو ما ميّز المراحل السابقة، بدون أن نشير إلى أي شخص، نحن نتكلم عن نظام ساد البلاد، مهما كانت الأسباب.
مراجعة الدستور ستحدد لنا معالم المستقبل القريب والمتوسط، لا يمكننا الحديث عن البعيد لأن كل جيل من الحكام لا بد أن يضيف، ونحن نحبذ أن تكون الإضافة في البناء. ونلاحظ منذ الاستقلال إلى اليوم، أن كل الإصلاحات كرست التخلي عن بعض ما كنا نعتبره راسخا، إذ كنا نقول مثلا أن الاشتراكية خيار لا تراجع عنه.
نتمنى أن يكون لدينا دستور ثابت، ومن أجل ذلك لابد من أن يكون مطابقا للوفاق الوطني، يعني يترجم حقيقة المسعى، ورغبة الشعب عموما.
نحن لم نطلع بعد على نص مشروع تعديل الدستور، المصادق عليه من قبل مجلس الوزراء، والموجودة حاليا(الاثنين) على مستوى المطبعة الرسمية، وننتظر تسلم نسخة عنها في أي لحظة، لكن حسب ما فهمنا من مخرجات الاجتماع، ومن كلام السيد رئيس الجمهورية، أن المشروع عميق ويقضي على الكثير من السلبيات، بوضعه للآليات والميكانيزمات الدستورية، باعتبارها السبيل إلى ذلك، ومن خلال المؤسسات الجديدة المنشأة، نستبشر خيرا للبلاد.
- كيف ستوظفون تجربة تنظيم الانتخابات الرئاسية، في إنجاح الاستفتاء الشعبي الذي يختلف من حيث طبيعته؟
تجاوزنا الفكر السائد سابقا أن العملية الانتخابية محسومة مسبقا، والنجاح لا يقصد به الجانب التقني بقدر ما يأتي بثماره، من حيث مشروعية الحوكمة، ومن حيث بناء الثقة بين الناخبين والحكام.
عندما نتكلم عن تنظيم انتخابات، لم يعد لدينا الحق أن نمر عليها مرور الكرام، لابد أن ترك في كي مرة على أهمية الفعل الانتخابي، لأنه مفتاح بناء الديمقراطية، المواطن بتأديته الواجب الانتخابي يساهم في ذلك، ولا بهم على من يقع الاختيار، هذا ما قلته في الرئاسية صوتوا ولا تتركوا الجزائر معلقة، انتخبوا رئيسا يصونها. نجاح الرئاسية ليس متكأ للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
على العكس نحن سنتعامل مع كل الانتخابات التي سنشرف على تنظيمها، سواء تعلق الأمر باستفتاء او انتخابات تشريعية أو محلية، بجدية تامة حسب خصوصية وطبيعة الاستحقاق.
وبالرغم من أن طبيعة الاستفتاء توحي بعدم وجود شعلة تنافسية، لكن بالنسبة للسلطة هو بنفس الحساسية وعلى نفس القدر من الأهمية، شأنه في ذلك شأن الاستحقاقات الماضية، مع فرق وحيد متمثلا في السكينة السائدة.
وهذه من بين الأمور التي تبشر بالخير، تبشر بالجزائر الجديدة، إذ ينتظر حاليا المواطن يمارس حقه ويؤدي واجبه الانتخابي، وأكد رئيس الجمهورية ليس لديه ضغط في هذا المجال، وأنه لا يساوم مع احد، يشير لمن يريد هو يوضح، المهم لا مساومة.
وبذلك إذا صادق الشعب على الدستور المطروح للاستفتاء يتم العمل به، نكمل المسار وتحدث التغيير بالدستور الساري، ما يزيد من ثقل العبء على السلطة، عندما يقول الرئيس سأتبع رأي الشعب، وعدم قبول الدستور يعني اعتماد القديم، انطلاقا من قناعتنا بأن التغيير واجب ولازم، وبالتالي من واجبي باعتباري رئيس السلطة - في إطار الصلاحيات المخولة قانونا- تعميق ودعم الديمقراطية الدستورية، ومعنى ذلك تطوير الفعل الانتخابي، ولابد من إقناع الناخب بضرورة ادائه، وأن تعمل على توفير كل الشروط، التي من بينها بروتوكول صحي لتأطير الانتخابات لضمان سلامة الناخبين.
ولا يوجد أي مشكل من حيث الجاهزية المادية والبشرية، وقد جددت الثقة في منتدبي السلطة على مستوى الولايات، وسيتم تنصيبهم ابتداء من الأحد المقبل على مستوى 48 ولاية.
لا بد أن نبقى يقظين، وقد وجهنا إشارات إلى الأحزاب وننتظر منها بعض الإشارات، باعتبارهم شركاء السلطة في بناء المسعى الديمقراطي، الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ورجال ونساء الإعلام، ثلاثة أقطاب تنتظر السلطة منهم الكثير لدعم الديمقراطية الدستورية في البلاد.
والمستفيد في الأخير الأحزاب السياسية التي تكون في أريحية، والإعلام يمارس بكل حرية، ويكون للمجتمع المدني بدوره مجال أوسع في الممارسة.
الجزائر الجديدة لا تبنيها الأحزاب السياسية وحدها، ولا المجتمع المدني وحده، ولا الإعلام وحده، ولا حتى الدولة وحدها، وإنما البناء يكون جماعي، والقطب الذي يفشل يتسبب في تعثر الأقطاب الأخرى، وبالتالي الدولة تتقدم منسجمة، ومن شأن مراجعة الدستور الحسم تعزيز الانسجام، وسيكون للرقابة المتبادلة مكانها.
نحن كسلطة سنوفر كل الشروط القانونية والتنظيمية والمادية للنجاح الحدث، وتسجيل بحروف لامعة.
- تتمتع السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بكامل الصلاحيات، وتشرف على العملية الانتخابية إلى غاية الإعلان عن النتائج، ما الحاجة إلى المطالبة بدعم لجنة حكومية؟
ذكرت قبلا وسأكرر، لا يتعلق الأمر بلجنة حكومية، وإنما بلجان تابعة للسلطة، وكنت قد رفضت التعامل مع الوزراء، وحضرت تعاملي مع الأمناء العامين، للوزارات المعنية السيادية، ويتعلق الأمر بوزارة الداخلية والعدل والاتصال والشؤون الخارجية والمالية، من خلال تقديم مطالب وتوجيهات، ينقلونها إلى وزاراتهم، التي توجه تعليمات إلى القضاة والإدارات مثلا.
ذلك الوقت كانت السلطة فتية وتخوض أول تجربة لها، لم تحدد بعد احتياجاتها، الآن الأمر مختلف، ضبطنا احتياجاتنا، وربحا للوقت طلبت التعامل مع الوزراء، بمجرد حديث رئيس الجمهورية عن تعديل الدستور قبل حوالي 15 يوما، الذين خصصوا أفواج عمل وضعت تحت إشراف السلطة، تعمل بالإعلام الآلي والعتاد الانتخابي على سبيل المثال.
لا وجود لأي لجنة حكومية مهيكلة أو دائمة، وأنا أتعامل بطريقة مباشرة مع المعنيين سواء سفراء أو أمناء عامين، بعدما تلقوا تعليمات من الوزراء، الذي التقيتهم، ربما للوقت عوض انتظار صدور المرسوم.
خاصة وأن الانتخابات تجري في ظرف استثنائي، لتوفير العوازل ومحلول التعقيم الكحولي، وكل ما استلامه الانتخابات وما يؤمن سلامة الناخب، أنا أبحث عن الفعالية والجدية والسرعة، أمر يستلزم التنسيق،علما أن نقص التنسيق يترتب عنه آمرين لا ثالث لهما إما الفوضى أو الجمود التام، ونريد تفادي كليهما.
لا مكان للعفوية والفوضى والمحسوبية في الجزائر الجديدة التي نسعى إليها،رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، يتحدث مع رئيس السلطة التنفيذية، سلطة تقابلها سلطة، لاسيما وأن الديمقراطية أظهرت التقسيم الجديد للسلطة، يكرس المؤسسات الدستورية، مثلا تنظيم الانتخابات كان يقع ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية، التي تتعامل مع سلطة الانتخابات بشكل عادي، ورفضي التعامل مع الوزراء في الرئاسيات مرده رفض الحراك لذلك.
نحن دولة وطنية مستقلة، والعيب إذا سجل على رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، أي تواطؤ مع السلطة التنفيذية، في ما يرضي الشعب والمهمة الموكلة لنا، لكن الأمر يتعلق بتنسيق، بالعكس أتعامل مع السلطة التنفيذية وأضعها عند حدها، دون مركب نقص.
وفي الجزائر الجديدة الحكومة تعلم ما لها وما عليها تجاه سلطة الانتخابات، وتسجيل إيجابا لطلبات السلطة، وفي إطار نقاش في حدود ما تسمح به الإمكانيات.
فمثلا إعداد ميزانية الانتخابات يقع ضمن صلاحيات سلطة الانتخابات، واستحدثت لجنة متعددة الأطراف مكونة من ممثلي الرئاسة والوزارة الأولى والعدل والمالية الشؤون الخارجية، ضبطت خلال 05 اجتماعات، المبادئ التي يتم على أساسها تحضيرها، وما يمكن اقتصاده، كان ضروريا في الرئاسيات، ولا حاجة له في الاستفتاء، في إطار ترشيد النفقات الوطنية. يجب تجاوز الشكوك، نسعى ونضع حدودا.
الحكم يلتقي المدربين، يعطي توجيهات، وفائدة الحكومة في نجاح الانتخابات، بتمكين المواطن من أداء حقه وواجبه الانتخابي.لا يمكننا كسلطة تجاهل الجهاز التنفيذي، بل ننسق لفائدة الدولة والشعب الجزائري.
- متى تصبح الانتخابات، سواء جرت في موعدها او تم تسبيقها، عملية تقنية محضة بعيدة عن هاجس التزوير؟
رئيس الجمهورية أشار إلى ذلك، أمس، بقوله أن النزاهة مضمونة بدسترة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، نجاح الانتخابات جعل البعض يستصغر الدور المحوري للسلطة، التي نجحت بالرغم من الظرف الصعب.
الانتخابات ليست بالأمر الهين علما أن السبب الأول لعدم استقرار الدول والحروب، انتخابات غير مصادق عليها، انجلترا على سبيل المثال لديها لجنة انتخابات، تتعامل مع هيكل وسيط بينها وبين الدولة البريطانية، ديمقراطية القرن21 تعتمد هياكل مستقلة لتنظيم انتخابات.
التغيير مطلب 20 مليون جزائري
- جاء في افتتاحية العدد الأخير من مجلة الجيش، «ملامح التغيير بدأت تلوح»، اليوم وبعد مرور 9 أشهر عن الرئاسيات، هل يمكن القول بأن الجزائر ربحت معركة الاستقرار؟ أم أنها خطوة أولى؟
التغيير الجذري كان مطلب 20مليون جزائري خرجوا في حراك شعبي، لكن الكنز الذي تحضره معهم السلمية والسلاسة، ما فرض المحطات الموالية أبرزها استحداث سلطة تعنى بتنظيم الانتخابات، التي طالب بها الحراك.
وبالتالي نجاح الانتخابات الرئاسية ترجمة لإمكانية التغيير السلمي، وضروري لاستكمال بناء الكلي للدولة.
ونحن نعرف انه في كل حقل يوجد نباتات مفيدة، وأخرى مضرة عادة ما تكون قوية تواجه التغيير، إذا كان المواطن الأمر البسيط، لكن عندما يكون داخل أجهزة الدولة سيعطل، ولا أقصد الذين يتعمدون عرقلة الدولة التي تتصدى لهم، لكن الأصعب التغلب على سلوكيات تعرقل التغيير، لعدم الاقتناع به، ولا بد من معالجته.
والأمن االديمقراطي يعني أن الديمقراطية لا تمس بالأمن القومي، والأخير لا يعرقلها، هذه الإشكالية تحاول السلطة بلورتها، وتساعد الدولة الجزائرية على الوصول إلى نموذج ديمقراطي، يكون مطابق لرسالة أول نوفمبر، وما يطمح له الشباب والأجيال الصاعدة في الجزائر.
ذاهبون إلى مرحلة يصبح فيه التزوير جزء من الماضي
- هل يمكن القول أنكم مستعدون لتنظيم الاستفتاء على تعديل الدستور وماهي تحضيرات السلطة لهذا الموعد الانتخابي في ظل الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا؟
التحضيرات المادية والبشرية للاستفتاء تسير بشكل جيد، وكل الشروط المتعلقة بهذا الفعل الانتخابي متوفرة، حيث جددنا الثقة الإطارات ووضعنا الميكانيزمات اللازمة من أجل تنظيم الاستفتاء في ظروف حسنة رغم الأزمة الصحية التي تعيشها البلاد، وحاليا نقوم بطبع الوثائق بالمطبعة الرسمية قبل الانطلاق في عملية التحسيس والتعبئة.
بالنسبة للوضع الصحي بسبب جائحة كورونا، نحن أخذنا كل الاحتياطات حيث وبعد 5 أيام من إعلان الحجر المنزلي في شهر مارس، قدمت تعليمات للولاة والوزير الأول لإبقاء التنظيم الهيكلي والمادي على حاله تحسبا للاقتراع على الدستور، فقد كنا على أهبة الاستعداد لكل طارئ، حيث استدعيت كل المندوبين البلديين والولائيين لدراسة كل المستجدات والتحضيرات، لكن بسبب تواصل الأزمة الصحية قمت في شهر جوان بتسريحهم في انتظار أي قرار.
وبعد الإعلان عن استدعاء الهيئة الانتخابية جددت الثقة في المندوبين والأعضاء، لرفع تحدي ضبط الأمور في ظرف 15 يوما، وما ساعدنا هو الإجراءات الاحترازية اللازمة التي اتخذتها الحكومة في مواجهة الوباء، وهي التي تحكمت في الوضع من كل الجوانب عكس بعض الدول، ونحن كسلطة أخذنا كل الاحتياطات والإجراءات للمحافظة على سلامة المواطنين، فبعد تأكيد رئيس الجمهورية أن الاستفتاء سينظم تزامنا مع الدخول الاجتماعي، كلفنا الفريق الطبي الصحي للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بدراسة كل الجوانب والتحضير لبرتوكول صحي يضمن سلامة المواطنين، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذا الفريق يتمتع بكفاءة عالية في مختلف المجالات، من بينهم أطباء أعضاء باللجنة العلمية لرصد ومتابعة تفشي فيروس كورونا التابع لوزارة الصحة. فقد وضعنا برنامجا حسب الإجراءات المعتمدة من طرف الدولة، أرسلناها لوزارة الصحة واللجنة العلمية، وتم التوقيع على البروتوكول الصحي للوقاية من خطر تفشي فيروس كورونا، الخاص بالاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، رفقة وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، لأخذ كل الاحتياطات ضمانة لصحة المواطنين، فالحفاظ على صحة المواطن بالنسبة لنا أولوية. ولابد أن نرفع القبعة للأطباء واللجنة العلمية التي تقوم بدور فعال في هذا الجانب، فهما كانت الظروف أثبت الحكومة والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات جاهزيتها لتوفير كل شيء من أجل الحفاظ على سلامة المواطن. صحيح أن الأمر ليس هينا لكننا وفرنا كل سبل الأمن والصحة والطمأنينة، حتى يؤدي الجزائريون واجبهم الانتخابي بكل أريحية وفي ظروف تحافظ على صحتهم.
لا مجال للتكهنات، فالتحضيرات تجري في ظروف جيدة، وسنتجاوز النقائص التي كانت في الرئاسيات السابقة. وفي كل الأحوال نحن مجندون ونجتهد لنكون في الموعد.
هل يختلف تنظيم الاستفتاء عن الانتخابات الرئاسية السابقة؟
الفرق بين الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور الذي سيجرى في أول نوفمبر والانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر الفارط في مسألة الحجم فقط، لأن مسألة التنظيم هي نفسها بحيث سيكون عدد المكاتب ومراكز الاقتراع هو نفسه الذي كان في الرئاسيات.
- صرحتم بعد الانتخابات الرئاسيات بأنه سيتم تدعيم السلطة بالمورد البشري الذي يسمح لها بتأطير العمليات الانتخابية في أحسن الظروف، فأين وصلت الأمور؟
كما أخبرتكم وضعنا الثقة في كل الأعضاء والإطارات التي عملت معنا في الانتخابات الرئاسية السابقة، وفي ظل الظروف الاستثائية التي تعيشها البلاد لم نخاطر بالاستعانة بإطارات جديدة قد تحتاج إلى مدة طويلة من أجل التأطير والتكوين، مع ذلك قد نلجأ إلى هذا الأمر في الاستحقاقات الانتخابية التي تأتي بعد الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور. كما تعلمون العملية الانتخابية ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض، فهي تحتاج إلى مؤطرين مكونين للقيام بدورهم المنوط بهم على أكمل وجه، كما أن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات تتوفر على إطارات لديها من الكفاءة والتكوين اللازمين لتنظيم العملية في ظروف حسنة. لهذا أعيد التأكيد مرة أخرى أن السلطة مستعدة استعدادا كاملا من جميع النواحي بما فيها البشرية. يوجد تحت تصرف الهيئة عدد معتبر من المندوبين مستعدين للوظائف التي أسندت لهم في سبيل تنظيم الاستفتاء في أحسن الظروف، لذلك يمكن القول أن الجزائر تبني نفسها بنفسها وبسواعد أبنائها وشبابها، الذين أعلنوا عن تطوعهم لمساعدة السلطة متى احتاجت إليهم، من بينهم مهندسو وكالة التصديق الالكتروني الذين عبروا في لقاء جمعني بهم مدى استعدادهم لمساعدة السلطة في مجال تخصصهم.
- البعض مازال يشكك في الانتخابات وغير مقتنع بالذهاب إلى صناديق الاقتراع، ما السبيل لمواجهة هذا العزوف؟
الإقناع مسألة نسبية، فعادة التشكيك في نزاهة الانتخابات يكون بالاحتجاج على النتائج من طرف المتنافسين والملاحظين، وهذا ما لم يحصل في الانتخابات الرئاسية السابقة، حيث لم تتلق السلطة أي احتجاج على النتائج، كما أننا قمنا بكل ما يجب من أجل إجراء الانتخابات في جو من النزاهة والشفافية من مكتب التصويت إلى محضر الفرز ثم إلى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري.
نحن مطالبون بأن نكون أفضل وأحسن في الاستحقاقات المقبلة ووضع كل الميكانيزمات التي تساعد على ذلك، كما أن قانون الانتخابات يضمن النزاهة والشفافية، كما أننا ذاهبون إلى مرحلة يصبح فيه التزوير جزء من الماضي.
- هل يمكن الذهاب نحو الانتخاب الإلكتروني مستقبلا؟
لا يمكن اللجوء إلى الاقتراع الإلكتروني إلا في حالة توفر الشروط الممكنة لذلك، رغم هذا أعيد وأكرر أن هذا النوع من الانتخابات لا يضمن الشفافية والنزاهة التامة، وقد ثبت ذلك في تجارب عديدة بكثير من الدول.
وبالمناسبة استقبلت مؤخرا شباب مهندسين قدموا بعض الحلول التكنولوجية لتحديد المنتخبين في الاقتراع الالكتروني وتفادي كل المشاكل في هذا الجانب، وسجلت كل ملاحظاتهم وعروضهم التي أراها مفيدة، وقد طلبت إجراء دراسة حول إمكانية التسجيل في الانتخابات عن بعد، يمكن اللجوء إليه في الاستحقاقات التي تلي الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، وبالمناسبة مطلبي ومبدئي دائما هو صفر مخاطرة فلا مجال للمخاطرة في الانتخابات. وحسب معلوماتي الشخصية والدراسات التي أجريتها أثبتت أن الاقتراع الالكتروني يحمل الكثير من العيوب ولا يضمن الشفافية التامة، فنحن لا نريد اللعب باستقرار البلاد.
الانتخابات أصبحت مسألة مهمة تدخل في الأمن القومي، فهي تؤثر بشكل مباشر على استقرار أي دولة، نزاهتها يجنب الضغوط الخارجية وتؤدي إلى استتباب الاستقرار، كما أن الديمقراطية والأمن لهما ارتباط عضوي، فالحفاظ على الديمقراطية يعني الحفاظ على أمن الوطن والشعب، ولا يجب أن ننظر إليها على أساس أنها نموذج غربي، بل هي حرية اختيار المواطنين وهذا عنصر أساسي يأتي بعد الوفاق الوطني، ونحن نعلم أن البركان هائج لهذا لا نريد المغامرة.
عدم اللجوء إلى الاقتراع الإلكتروني لا يعني تجاهل التكنولوجيا، فنحن مقتنعون أن العلم والكنولوجيا جاءت لتحسين الحوكمة، لكن ماعشناه سابقا من ظروف صعبة وممارسات سياسة خاطئة لا نريده أن يتكرر، فلابد من ممارسات سياسية نبيلة تكون في صالح الشعب، ومن يريد أن يكون سياسيا لابد أن تتوفر فيه كل المقاييس.
في كل الأحوال السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات تمكنت من اتخاذ الإجراءات والإمكانيات لتفادي التزوير، كما لدينا خطة لعصرنة السلطة ونحن نعمل بالتنسيق مع المهندسين من أجل تحسين ووضع البرامج لتحقيق هذه الغاية.
ماذا يمثل لكم اختيار أول نوفمبر تاريخا لإجراء الاستفتاء؟
نحن اليوم في حاجة إلى تفسير وشرح المعاني العميقة لأول نوفمبر، فالحركة الوطنية في وقت معين كانت مشتتة مما ساعد الاستعمار على تنفيذ مخططاته، لكن لما قررت ترك ما يفرقها وإبقاء ما يجمعها تحقق الاستقلال والحرية، فأول نوفمبر نموذج للوفاق الوطني، لذلك علينا أن نضع ما يفرقنا جانبا ونبني مستقبلنا على ما يجمعنا.