فضحت ظاهرة السيول الجارفة التي اجتاحت أحياء مدن بومرداس والأرصفة وتجمع المياه الموحلة في الطرقات والساحات العامة بعد دقائق معدودة من سقوط أولى قطرات الغيث عن حجم التهاون والغش الذي طال عدد من المشاريع المتعلقة بالتهيئة وانجاز قنوات تصريف المياه عبر بلديات بومرداس، في حين كشفت المعطيات على الأرض «عن غياب تام لمخطط وقائي لحماية المدن من خطر الفيضانات والسيول الذي شكل لعدة سنوات حديث المسؤولين من اجل حماية المواطنين وممتلكاتهم».
لم تسلم بلدية واحدة ولا حي ولا حتى قرية من قرى الولاية من خطر المياه والسيول الناجمة عن تساقط الأمطار ليلة الاثنين إلى الثلاثاء إما بتجمع المياه وانسداد البالوعات وخروج مجاري المياه عن مسارها لتغمر الطرقات والمسالك التي تحولت الى ما يشبه البرك المائية اختلطت بها الأوحال بالحصى ومخلفات النفايات البلاستيكية، وأخرى غمرت بعض المحلات والفضاءات العامة مع تسجيل انزلاقات للتربة في عدة محاور قد تهدد بتوقف حركة المرور خاصة بالمناطق الجبلية التي لا تزال تعاني من النقاط السوداء الناجمة عن الازلاقات بعد تأخر تسجيل مشاريع عمومية لمعالجتها.
وأكدت مصالح الحماية المدنية في بيانها عن عدم تسجيل خسائر بشرية واقتصارها على بعض التدخلات المتفرقة لمساعدة المواطنين وأصحاب المركبات، ونفس الشيئ بالنسبة لأعوان الديوان الوطني للتطهير الذين اقتصرت تدخلاتهم على تنظيف البالوعات وتصريف المياه المتجمعة في الأحياء والطرقات العامة، إلا أن الوضعية المتكررة كل سنة قد تنذر بالخطر مستقبلا حسب تصريحات المواطنين والتجار الذين تضرروا من السيول والطمي المتراكم في الأرصفة والمحلات التجارية في غياب مخطط وقائي مستدام وتحضيرات تسبق فصل الشتاء.
وزادت الأشغال العمومية العشوائية ومشاريع البناء التي تعرفها الولاية وعمليات التفريغ العشوائي لأطنان من مخلفات البناء والنفايات الصناعية على حافة الأودية من خطر الفيضانات وانزلاقات التربة مثلما عرفته الولاية سنة في فيضانات 2007 التي خلفت خسائر مادية كبيرة وحتى بشرية.
وضاعفت أزمة النفايات المنزلية التي تشهدها مدن بومرداس تعقيد الوضعية، لتبقى الحلول الترقيعية والقرارات الارتجالية تدير قطاعات حيوية مع ضعف النظرة الاستشرافية لاخطار الكوارث الطبيعية التي تحولت الى اكبر تحدي في وجه التنمية المحلية وضمان استدامة وسلامة الهياكل القاعدة كشبكة الطرقات والجسور التي تهددها الكوارث سنويا بعدما استهلكت الملايير في وقت تجد فيه السلطات العمومية والبلديات صعوبات كبيرة حتى في تسجيل مشاريع تهيئة بسيطة للمسالك والطرقات الفرعية.