30 % نسبـة الإدمـاج في بدايــــة النّشـاط شـرط أساسي
أفرجت الحكومة، مطلع الأسبوع، عن دفتري الشروط المحددين لكيفيات «تصنيع المركبات وممارسة نشاط «وكلاء المركبات الجديدة»، اللّذين تضمّنا تدابير صارمة يتوخى من خلالها إرساء قواعد صناعة حقيقية للسيارات، وإنهاء الفوضى التي سادت نشاط الاستيراد، ولكن في المقابل هناك من يعتبر الشروط الجديدة صعبة التنفيذ بالنسبة للوكلاء ولن تؤدي إلى انخفاض الأسعار.
بعد خمسة سنوات من الفوضى والإهدار المقنّن للمال العام، أعادت الحكومة عن طريق وزارة الصناعة رسم قواعد نشاط شعبة السيارات، وعكفت منذ مطلع السنة الجارية على وضع مراسيم تنفيذية ودفاتر شروط مرفقة.
وبعد طول انتظار ومتابعة دقيقة من قبل رئيس الجمهورية، نشر في العدد 49 للجريدة الصادر يوم 19 أوت الجاري مضامين المرسومين التنفيذيين المتعلقين بشروط وكيفيات تصنيع المركبات، وكذا استيراد السيارات الجديدة،.
وبالنسبة لوزير الصناعة فرحات آيت علي، يمثّل العودة إلى استيراد المركبات من «بلد المنشأ الذي تتقاسم مع الجزائر مصالح مشتركة»، مرحلة انتقالية تسبق بلوغ هدف التصنيع الحقيقي.
وقال آيت علي: «بعدما أغلقت الجماعة السّابقة (الحكومات السابقة) الاستيراد على حساب المواطن والجمركة، وذهبت إلى الاستيراد المقنع، قرّرنا إعادة بعث نشاط وكلاء السيارات إلى غاية الوصول إلى تصنيع حقيقي».
وحسب دفتر الشروط الجديد، لا يمكن إنشاء مصنع حقيقي للسيارات في الجزائر، تحديد دقيق لنسبة الإدماج والتي حدّدت بـ 30 بالمائة عند بداية النشاط و50 بالمائة بعد 5 سنوات.
ولا يمكن للراغب في الاستثمار التحايل بعد تحديد مفهوم الإدماج بأنه «دمج المكونات والقطع والأجزاء المصنوعة في الجزائر، وكذا الخدمات التقنية والهندسية المرتطبة بها».
بينما كان الإدماج في مرسم نوفمبر 2017، «كل النشاطات المنجزة في الجزائر، تساهم في إنتاج السيارات»، ما جعل اليد العاملة التي كانت تتولى نفخ عجلات السيارات المستوردة في حاويات لإخفائها، أدرج ضمن «الإدماج».
ويحدّد دفتر الشروط المرفق بالمرسم التنفيذي رقم 20-226، المحدّد لشروط وكيفيات ممارسة نشاط تصنيع المركبات، معايير جديدة لمنح الاعتماد النهائي للمستثمرين الراغبين، إذ ضبط مسألة التمويل البنكي (القروض)، حتى لا تتكرّر مأساة مصانع التركيب.
ويُلزمُ المستثمر الأجنبي بالمساهمة «برأس المال الخاص في تمويل المشروع عند انطلاقه بما لا يقل عن 30 بالمائة من القيمة الإجمالية للاستثمار» (المادة 02)، وهو نفس الشرط الذي يجب أن يتوفر عليه المستثمر الجزائري زائد «خبرة سابقة بـ 5 سنوات في أحد الأنشطة للإنتاج الصناعي، دون تسجيل أي اختلال في التسيير في تنفيذ التزاماته المالية، أو أيّة مخالفات جسيمة ملحوظة» (المادة 3).
وفي حال الشراكة مع المستثمر الأجنبي، يحدّد دفتر الشروط « كل تمويل بنكي محلي عند مستوى عتبة لا تتجاوز 40 بالمائة من تكلفة المشروع» (المادة 4).
وتنص المادة ذاتها، على حيازة المستثمر الأجنبي «في الشّركة الخاضعة للقانون الجزائري، المنشأة لهذا الغرض، لمساهمة لا تقل عن 30 بالمائة من رأسمال الشركة».
وقبل هذا كلّه يشترط في كل مستثمر أجنبي أن يكون «فاعلا دوليا من الدرجة الأولى في مجال تصنيع المركبات»، وفي السياق، أكّد وزير الصناعة فرحات آيت علي، الأسبوع الماضي، أنّ علامتين كبيرتين من آسيا وأوروبا تقدمتا بطلب الاستثمار في تصنيع المركبات.
وسبق للوزير آيت علي أن اعتبر إنشاء مصنع لتصنيع السيارات في ظرف 3 أشهر «أمرا مستحيلا»، وأكّد أنّ التصنيع الحقيقي سيستغرق من 18 إلى 24 شهرا في وضع المنشآت القاعدية، ونصب خطوط الإنتاج قبل الانطلاق الفعلي في التصنيع.
سيارات بأسعار باهظة
لسد احتياجات السوق الوطنية طيلة هذه المدة، أعادت الحكومة نظام الاستيراد مع ما يتضمنه من تعريفات جمركية وتدابير جبائية، مع إجراءات تصب في مصلحة الزبون، لكنه لا يضمن انخفاض الأسعار.
وحسب بعض الوكلاء، فإنّ دفتر الشروط المرفق للمرسوم التنفيذي رقم المرسوم التنفيذي رقم 20-226، المحدد لشروط وكيفيات نشاط وكلاء المركبات لا يرق إلى تطلعاتهم، وأعابوا على وزارة الصناعة إعداده دون استشارتهم أو إشراكهم.
ومما يعتبرونه شرطا تعجيزيا، «ملكية» منشآت التخزين والعرض والبيع وقطع الغيار وخدمة ما بعد البيع، بمساحة إجمالية قدرها 6400 متر مربع.
وتنص المادة 02، المحددة للشروط الإدارية تقديم وثائق تثبت وجود المنشآت المذكورة (عقود الملكية أو عقود توثيق الإيجار باسم الشركة لمدة 5 سنوات على الأقل». كما تلزم بتقديم عقد أو عقود الوكالة الحصرية التي تربط الوكيل بالمانح أو المانحين، «ولا يمكن للوكيل حيازة أكثر من علامتين للمركبات».
وإلى جانب ذلك، يلزم الوكيل بتقديم وثائق وجود مستخدمين لا تقل خبرتهم عن 5 سنوات، وسبق لرئيس جمعية وكلاء السيارت متعدد العلامات، أن أبدى تخوفه من هذا الشرط إلى جانب شرط ملكية المنشآت، واعتبر في تصريح لـ «الشعب» أنها شروط «تعجيزية»، لا يمكن إلا لأشخاص بعينهم الوفاء بها.
وفي مقابل تخوف الوكلاء، تعتبر جمعية حماية المستهلك أن دفتر الشروط الجديد وإن كان «يخدم معايير السلامة المعمول بها أوروبا، إلا أنه لا يلبي رغبة الزبائن في انخفاض الأسعار».
وقال رئيس الجمعية مصطفى زبدي لـ «الشعب»، بأن بعض معدات الأمان التي لم تكن موجودة أصبحت مدرجة مثل «4 أكياس هوائية بدل 2 ونظام المراقبة الالكترونية للاستقرار، وهذه قيمته الإجمالية 100 ألف دج (10 ملايين سنتيم) وستضاف إلى سعر بيع السيارة».
وأضاف بأن إلزام الوكلاء بتوفير منشآت بمساحة إجمالية كبيرة مقارنة بما كان عليه في دفتر شروط سنة 2015 (5500 متر مربع)، سيزيد من تكاليفهم ما يدفعهم لزيادة تكلفة المركبات.
واعتبر أن زبدي المواطن الجزائري، سيحصل في النهاية على سيارة بمعايير أوروبية، ولكن «بسعر مرتفع» لن يكون متاحا للجميع، وفي السياق اعتبر وزير الصناعة فرحات آيت علي أن المنطق التجاري في كل السلع والخدمات لا يعتمد على مبدأ «الإتاحة للجميع»، وإنما «لمن استطاع إليه سبيلا».
وبالنسبة لإلزام الوكلاء بإرجاع قيمة الدفع المسبق أو المبلغ الإجمالي للسيارة، وزيادة 10 بالمائة، في حالة عدم تسلميها في المدة المحددة بـ 8 أيام، رأى زبدي بوجود ثغرة لا تخدم الزبون في هذا البند، «لأن المستهلك في النهاية سيظل في انتظار استلام مركبته ولا يلجأ عادة إلى القضاء»، لذلك كان يفضّل «زيادة بـ 1 بالمائة عن كل يوم تأخير».
وتنص المادة 18 من دفتر الشروط على أنه «يجب أن لا يتجاوز أجل تسليم المركبة الجديدة المطلوبة مدة 45 يوما، غير أنه يمكن تمديد هذه المدة باتفاق مشترك بين الطرفين على أساس وثيقة مكتوبة». وتضيف: «وفي حالة الدفع الكلي للمبلغ، يلزم الوكيل بتسليم المركبة لجديدة في غضون الأيام الموالية».
واللافت في دفتر الشروط الجديد، إلغاء ما كان يسمى «معيدي البيع»، حيث نص على علاقة تعاقدية واضحة بين الوكيل والموزعين عبر القطر الوطني، بما يسمح بتطوير شبكة التوزيع في المدة الزمنية المحددة بـ 12 شهرا.
ونص دفتر شروط أفريل 2015، على نشاط معيد البيع، على أساس عقد يربطه مع الوكيل أو الموزع، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار السيارات بـ 10 إلى 20 بالمائة من سعرها الحقيقي، وتسبّب في ندرة المركبات الجديدة بقاعات العرض، وحلّت محلها الأسواق الأسبوعية.