ثمن مختلف الفاعلين في الساحة السياسية والأكاديمية، اختيار الفاتح نوفمبر موعدا للاستفتاء الدستوري، لاستجابته المباشرة لمطالب الحراك الشعبي المتمسكة بالذاكرة الوطنية، وكانت أغلبها تدعو إلى رد الاعتبار لرموز الثورة التحريرية.
قال أستاذ تاريخ الجزائر المعاصر عبد الحميد دليوح، إن اختيار الفاتح نوفمبر ليكون موعدا لثلاثة مواعيد وطنية كبرى له دلالة عميقة على تغير جذري وهو ما يثبت أن الإرادة السياسية تسير على خطى رد الاعتبار لتاريخ الشعب الجزائري.
من جهته، أوضح نائب رئيس حركة البناء الوطني عبد السلام قريمس، أن الفاتح نوفمبر عودة لمرجعية الشعب الأساسية. واعتبره الناطق الرسمي باسم جبهة المستقبل رؤوف معمري، محطة رمزية لبناء الجزائر الجديدة.
ونظرا لأهمية التاريخ المحدد أكد الأستاذ دليوح، انه استجابة صريحة لمطالب الحراك الشعبي، التي تمحورت في غالبيتها حول رد الاعتبار لرموز الثورة، كما كانت كل الشعارات منبثقة من منطلق احترام تاريخ الجزائر.
وتمثل مبادرة القوى الوطنية للإصلاح، أحد أهم الركائز التي قد يبنى عليها مشروع الدستور. وقال قريمس إن حركة البناء تتطلع إلى ذلك ليكون الدستور وفيا لمرجعية الجزائر ومستجيبا لتطلعات الشعب التي عبر عنها بالملايين في حراكه السلمي الحضاري المبارك، داعيا إلى أن يكون الفاتح نوفمبر ميلادا للجزائر الجديدة التي ينعم فيها الشعب بقيم الحرية والعدالة والاحترام التام لإرادته السيدة.
كما ثمن أستاذ التاريخ دليوح هذا التوجه الجديد في بناء علاقة ثقة بين الشعب وتاريخه، لاسيما وأن الأجيال القادمة في حاجة ماسة إلى التشبث بمقومات الذاكرة الوطنية في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، موضحا أن أغلبية الشباب شغوف بتاريخ بلاده.
ودعا المتحدث إلى إعادة الاعتبار لتاريخ الثورة في برامج وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي ولمَ لا كل القطاعات؟، لأن التاريخ هو أساس البناء الحضاري في كل الدول.
بدوره قال الناطق الرسمي لجبهة المستقبل معمري، إن الفاتح نوفمبر محطة هامة في تاريخ الشعب الجزائري قائلا: «تحديد موعد قريب للاستفتاء، كان أحد المطالب الأساسية لجبهة المستقبل، لضرورة بناء مؤسسات دولة قوية والتوجه إلى تشييد جزائر جديدة على ركائز مقومات الأمة»، مضيفا أنه لا يمكن بناء مؤسسات قوية بدون دستور جديد، يرسم معالم الجزائر الجديدة.
من جهتها، عبرت حركة البناء الوطني عن ارتياحها لاستئناف مسار الإصلاحات، التي تؤكد أنه لا غنى عنها، بعد أن عطلت المسار الأزمة الصحية، ورحبت بإعلان رئيس الجمهورية موعد إجراء الاستفتاء حول المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، آملة أن يشكل هذا الموعد فرصة لتكريس بداية التحول الديمقراطي الحقيقي ويمكن من استعادة ثقة الشعب في المؤسسات وتجاوز الأزمة متعددة الأبعاد، ويكون نقطة أمل لتجسيد تطلعات شباب الحراك المليوني الحضاري، في انطلاق حقيقي لمسار بناء مؤسسات الدولة التي حلم بها الشهداء ويحلم بها اليوم الأبناء، عبر تحصين عناصر هوية الأمة وتعزيز الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية وتمتين النسيج المجتمعي.
تترقب الحركة أن يكون المشروع التمهيدي لتعديل الدستور قد استجاب إلى مساهمات المكونات الفاعلة في الوطن من أحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات من المجتمع المدني وشخصيات وطنية واستند إلى المقترحات التي قدمتها، بما يترجم طموحات الشعب الجزائري، في إرساء قواعد دستورية، يجد فيها تجسيدا لتطلعاته نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية، ويحكم فيها الشعب نفسه بنفسه بعيدا عن أي وصاية أو تزوير، في جزائر جديدة تعطي الأمل للمواطن في مستقبل زاهر يسوده العدل والتمثيل الحقيقي والشفافية والحرب على الفساد السياسي والمالي ويحقق الرفاهية للمجتمع.