صدر للكاتب عبد المالك بومنجل مجموعة شعرية تحمل عنوان «فليرحل الظّلام» من الحجم المتوسط، تتوسط صفحاته 80 قصيدة شعرية جاءت ما بين شعري التفعيلة والعمودي، تضمّنت مواضيع مختلفة كتبت معظمها سنة 2019، حسب ما جاء في ذيل كل قصيدة منشورة في الاصدار.
صدرت المجموعة الشعرية «فليرحل الظّلام» عن دار الأوطان للثقافة والإبداع المتواجد مقرها بسيدي موسى، تحت إشراف وإدارة الكاتب والناقد الاستاذ الطاهر يحياوي، جاءت في طبعة أنيقة مميزة، المتصفح لها سيكتشف العلاقة الوطيدة بين اللوحة الفنية التي تصدرت واجهة الديوان الشعري، والعنوان الذي اختاره الشاعر ليكون شاملا لما تضمّنه محتواه، حسب ما جاء في قصيدة التي حمل الديوان عنوانها في الصفحة 37 رسالة واضحة المعالم.
أكّد من خلالها الشاعر انتصاره للحراك الشعبي الذي شهدته الجزائر، وبفضله تم اسقاط العهدة الخامسة، ومحاكمة رموز الفساد الذين عاثوا في الخزينة العمومية نهبا وسرقة، أما لوحة الغلاف فاختارها الفنان لتكون إجابة عن تساءل وارد طالما أرهق المتعطشين الرافضين للنظام السابق، فاختار كل من اللونين الابيض والأسود فقط ليكونا مفتاح الإجابة.
ظهر في اللوحة شاب يخرج من حجم الظلام، وهذا يعني أن الحراك الشعبي قام به الشباب الجزائري، في مسيرات شعبية عرفتها البلاد منذ سنة تقريبا، وفي اللوحة تعمّد الفنان وضع حدود معينة للثورة الشعبية السلمية التي خرجت من رحم الشعب، فاختار لها موضع الركبة وهو أعلى مكان، وهو دليل على استعداد للالتحاق بالسير والركب على قدميه.
وهنا ظهر الشاب يحمل منظارا يوجّهه نحو شجرة تحمل على أغصانها أسراب طيور الحمام الزاجل منها من أطلقت عنانها السماء، وبعضها لايزال قابعا على الأغصان المترامية الاطراف نحو بصيص من شروق يتلألأ من بعيد، حيث تعمّد الفنان عدم إظهاره حتى لا يصدر حكما مطلقا بنجاح التجربة السياسية من عدمها، وهو إسقاط لما نعيشه اليوم في ظلال الجزائر الجديدة.
الإصدار الشعري جاء خاليا من أي تقديم للمجموعة، يوضح فيها التجربة الشعرية لصاحب الإصدار، وتصنيفها، حتى يتمكن القارئ من معرفة صاحب التجربة إنسانيا وإبداعيا، وإلى اي جيل ينتمي ان كان عصاميا، أم صاحب
تجارب أخرى.
تضمّنت النصوص مجموعة من العناوين، ولعل اول فيض جاء يحمل عنوان «وطني يستحق الرثاء»، وهو جملة مفتاحية تضمنت مجموعة من القصائد تتغنى بالوطن، وأخرى ترثيه حيث يقول في مطلع القصيدة المعنونة «جزائر البسملة».
تذوّقت باسم الله طعم حياتي...وما كان لي من قبل ذاك حياتي
ورويت باسم الله نبض هويتي...وتاهت لغيري في الهوى النّبضات.
ومن خلال مجموعة النصوص الشعرية 46، كتب الشاعر بومنجل للوطن والحب والحياة والعلاقات الانسانية باعتبارها الحلقة الاكثر تأثيرا في حياة الشاعر، طوبى المكتبة الوطنية بهذا الإصدار الشعري الذي يبقى إضافة الى المشهد الشعري، في انتظار تمكين الدارسين بمعاهد اللغة والأدب العربي، الاشتغال على النصوص الشعرية الجزائرية ومنحها حقها من النقد والدراسات الاكاديمية.