إذا فشلنا لن تكون لدينـا القدرة على مواجهـة الأزمـة
نلتزم بالعمل مع السّلطات العمومية لإنجاح المسعى
أكبر عدُوّ بعد «كوفيد 19»..هو الوقت
رافع رئيس كنفدرالية أرباب العمل المواطنين سامي عقلي، لنموذج اقتصادي يختلف عن كل ما عرفته الجزائر سابقا، يكرّس قطيعة مع ممارسات ماضية.ولفت عقلي الانتباه إلى أنّ خطّة الإنعاش الاقتصادي لم تطرح كخيار، بقدر ما تكتسي طابعا إجباريا، وخلُص إلى أنّه «إذا فشلنا لن تكون لدينا قدرة اقتصادية ولا مالية ولا قانونية لمواجهة أزمة أخرى».
قال سامي عقلي في «ضيف الشعب»، إنّ «المستقبل لبناء نظرة وخطة واستراتيجية جديدة، على أساس نموذج اقتصادي يختلف عن كل ما عرفناه، العالم والاقتصاد العالمي يتغيّر بعدما اضطرت دول عالمية إلى انتظار فتح الموانئ الصينية إثر غلقها بسبب جائحة كورونا لتمويل أسواقهم»، مستجدّات أدّت ـ أضاف يقول ـ إلى «تفكير جديد في الاقتصاد، يجعل الجزائر أمام فرصة من ذهب، لتقوم بدور مهم في الساحة الاقتصادية، دور تكميلي بدرجة أولى وليس تقليديا، فالعالم يبحث اليوم عن تموين لا ينقطع، ويمكن لبلادنا تموين السوق الأوروبية في غضون 24 ساعة من الجزائر، مقابل مدة لا تقل عن 30 يوما يستغرقها تموين الدول الأسيوية لها».
واستنادا إلى توضيحاته، يكرّس اجتماع خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي المقرر يومي الثلاثاء والأربعاء، «نظرة مستقبلية»، تتناول أهم الانشغالات المطروحة بما يضمن إقلاعا اقتصاديا ناجحا وفعّالا، تأتي في مقدمتها تغيير المنظومة البنكية، محاربة البيروقراطية بطريقة فعلية، وتكييف المنظومة القانونية مع السوق لجذب المستثمرين وليس تنفيرهم.
ولعل أهم ميزة لابد أن تتوفر في السوق الجزائرية، أن تكون تنافسية مع أسواق أخرى، لأن التنافس لم يعد محصورا ـ وفق رؤية «ضيف الشعب» ـ بين الشركات أو القطاعات، وذهب إلى أبعد من ذلك بتأكيده ضرورة تقديم جواب لكل انشغالات المستثمرين، وأسئلتهم البسيطة ولعل أبرزها: لماذا أختار سوقكم؟ سؤال يستلزم جوابا مقنعا، لاسيما وأنّه عكس ما يعتقد البعض، فإنّ المستثمرين لا يصطفون في طوابير انتظار لدخول السوق الجزائرية، وإنما يبحثون عن الأفضل على ضوء منافسة عالمية شرسة».
وفي سياق تبرير طرحه، حرص على التذكير أنّ «المنظومة الاقتصادية كانت مبنية على الريع والمناقصات، في 20 سنة تميزت بإطلاق ورشات بناء كثيرة»، وحال بذلك الطلب العمومي ـ حسبه ـ دون بناء نسيج صناعي قوي يُمكّن اليوم من جلب العملة الصعبة من الخارج، متسائلا: «أين نحن من صناعة السيارات على سبيل المثال في 2020»، وكان ردّه «أنّنا عدنا إلى نقطة الصفر، وتحديدا إلى إعداد دفتر شروط، والبحث عن مستثمرين».
وخلص عقلي إلى أنّ «النموذج الاقتصادي سيتغيّر لا محالة»، موضّحا أنّ «الكلام اليوم في اقتصاد بعيد 100 بالمائة عن الريع، وبعيد بنفس النسبة عن صندوق عمومي يمول كل شيء»، مشيرا إلى أن «الاقتصاد وإن كان يسمح بإنشاء بنى تحتية، إلا أنه لا يعطيك فرصة لبناء اقتصاد»، واستدلّ في طرحه بالمناطق الصناعية المطروحة منذ 20 سنة، دونما حل المشكل الجوهري وهو العقار.
بات من الضروري «التكلم بطريقة شفافة وفعلية، الاقتصاد يعيش فترة صعبة، وحقيقة ما تعيشه المؤسسة والاقتصاد عموما»، بمصارحة أنفسنا ـ حسب عقلي ـ ما يستلزم قرارات شجاعة، وتغيير يعتمد طريقة جديدة، مثمّنا حديث رئيس الجمهورية عن القطيعة والتغيير الجذري، معتبرا أنّها رسالة غاية في الأهمية، لابد أن يبنى عليها مستقبل اقتصادنا.
والتزم رئيس كنفدرالية أرباب العمل المواطنين، بـ «العمل مع السلطات العمومية على إنجاح المسعى، لأنه لا توجد فرصة ثانية، لأنه إذا فشلنا لن تكون لدينا قدرة اقتصادية ولا مالية ولا قانونية على مواجهة أزمة أخرى»، وعزّز طرحه بلغة الأرقام بعملية بسيطة جدا، إذ «تبلغ قيمة الاستيراد حوالي 60 مليار دولار، مقابل مداخيل لا تتجاوز 30 مليار دولار، وستنخفض إلى حدود 23 مليار دولار هذه السنة، مقابل 33 مليار دولار السنة الماضية، وفق ما أعلن عنه وزير الطاقة».
ولهذه الاعتبارات لابد أن تنجح خطة عمل الحكومة ـ وفق ما أكّد عقلي ـ انطلاقا من أن «أكبر عدوّ نواجهه اليوم بعد «كوفيد 19»، هو الوقت الذي يداهمنا، والقدرة على مواجهة أزمة بقرارات تترجم حقيقة ما يعيشه المتعامل والاقتصاد بصفة عامّة».