أكد الخبير في عقار الاقتصاد عبد الرحمان بن يمينة، إمكانية استغلال العقار الموجود في مناطق الظل في تطويرها وإخراجها من الحالة المزرية، من خلال مشاريع تراعي خصوصية كل منطقة وتواجدها الجغرافي ونوعية الاستثمارات التي يحتاجها سكان المحليين.
أبرز الخبير بن يمينة في تصريح لـ»الشعب»، ضرورة ربط خريطة مناطق الظل بمناطق الثروات، لان عدد سكانها يصل الى 8.5 ملايين نسمة، ما يمثل 25 بالمائة من سكان الجزائر. فهناك مناطق يعيش سكانها على عتبة الفقر وهي تنام على كنوز تحت الأرض، ولا تحتاج سوى مشاريع تحركها فتخلق الثروة ومناصب الشغل، وهما الإشكاليتان اللتان دفعتا الى النزوح الريفي نحو المدن الكبرى.
أوضح الخبير بن يمينة، أن العقار الذي تتربع عليه مناطق الظل هام جدا، ويمكن ان يحولها الى مناطق منتجة تحقق مشاريع استثمارية حسب مؤهلات كل واحدة منها. وبالرغم من ان الوضعية التي تعيشها هذه المناطق صعبة ولا يمكن حل مشاكلها في مرحلة قصيرة، إلا أن هناك حلول ممكنة وناجعة، لا تتطلب سوى تفكير وتصور ووضع الإمكانات وتحريك الطاقات المحلية، معتبرا الاهتمام بمناطق الظل مهمة نبيلة، أن فتح الملف سيحمل لها الكثير من الايجابيات، وللمناطق الأخرى الأكثر تطورا وتنمية.
وقال بن يمينة، إن هذه المناطق تعاني من اشكاليتين عويصتين كبيرتين وهما السكن والشغل. وبالمقابل، تحتوي هذه المساحات المعزولة على عقارات، سواء كانت فوق الارض او تحتها، والامر المهم ان سكانها اخذوا في الوقت الحالي كامل الاولوية في التكفل والتنمية، بعد ان كانوا في أمس قريب «خارج نطاق التغطية».
وفيما يتعلق بإشكالية السكن، وهو العقار الموجود فوق سطح الارض، اقترح بن يمينة بناء مساكن على صيغة القرى الاشتراكية التي كانت في السابق، حيث تمون البنايات ذات طابق أرضي يمكن تجهيزها بسرعة. وهناك حلول اخرى كالشاليهات، وقد خاضت الجزائر هذه التجربة بعد زلزال الشلف سنة 1980، حيث لجأت لهذا الحل ومنحت بعد ذلك اموالا لتهيئة هذه السكنات، كما استعملت الشاليهات كمدارس وروضات للأطفال، خاصة وان انجاز شالي واحد لا يستغرق سوى 48 يوما بعد تهيئة الارضية.
في المقابل تطرق بن يمينة، إلى حلول أخرى يراها قابلة للتطبيق، فإذا ما واجهت المقترحات السابقة عراقيل، يمكن ان تضم المناطق المعزولة الى اقرب قرية أو مدينة، بالإضافة إلى مشاريع، مشيرا إلى وجود مواد بناء جديدة للخروج من البناء الكلاسيكي، اقل تكلفة وتستغرق وقتا قصيرا في الانجاز، وهناك حل آخر لا يحبذه المتحدث وهو منح قطع ارضية لانجاز سكنات فردية، لأنه يمكن أن ينجر عنه فوضى في البناء والعمران.
مناطق تنام على كنوز وتعيش فقرا مدقعا
أما العقار تحت الأرض، فهو موجود في الجنوب الكبير وقد ذكر بن يمينة أن المناطق الفقيرة موجودة بالقرب من المناطق الغنية، في اشارة إلى الجنوب الكبير. وقال إن الاقتصاد ينطلق من هذه المنطقة البعيدة من الوطن، حيث يمكن لتندوف التي يقع بها غار جبيلات ـ من أكبر المناجم الموجودة في الجزائر ـ أن تحرك الاقتصاد بالولاية والجنوب ككل، لأنه يحوي ثروة عقارية ما تحت الارض.
وقال الخبير في عقار الاقتصاد، إن منجم غار جبيلات يوجد أمام 12 ولاية حدودية، يمكن أن يخلق صناعة تستفيد منها المناطق المعزولة هناك وحتى المناطق الأخرى. فالعقار المنجمي لا يستهان به، فهو يمثل قاطرة اقتصادية لجر عجلة التنمية هناك وبالتالي يؤدي ذلك إلى تهيئة مناطق صناعية، سكنية وطرق. كما يفتح مجال التشغيل واسعا امام الشباب لإنشاء شركات صغيرة تشتغل في إطار تهيئة المنطقة كل حسب مستواه.
وذكر بن يمينة في سياق متصل، المخبر الفلاحي الموجود بوادي سوف الذي أخرج أنواعا كثيرة من الخضروات، ما يؤكد أهمية العقار الفلاحي، اذا ما أحسن استغلاله في منطقة بعيدة كالوادي، ويمكن هذا المخبر ان يحرك الفلاحة في الجنوب. وبدأ المشروع الكبير يعطي ثماره، حيث أصبح يزود المنطقة بالمنتوجات الفلاحية التي كان في السابق يجلبها من الشمال.