طباعة هذه الصفحة

رضوان بوهيدل، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية:

لا يمكن بناء جزائر جديدة بدستور ملغم

حاورته: فريال بوشوية

قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية رضوان بوهيدل، إنه «لا يمكن من الناحية الإجرائية، بناء جزائر جديدة بمسؤولين أكفاء جدد، بدستور ملغم ولا يخدم الجزائر وشعبها».
وأفاد في حوار خص به «الشعب»، أن «الحكومة والولاة أمام امتحان عسير وأمام مسؤولية شعبية، لأن هناك من يعمل على كسر مبادرات التنمية واستعادة المسؤولين ثقة المواطن»، مؤكدا التماس «النية الصادقة في التغيير رغم العراقيل التي تُختلق من أجل زعزعة الاستقرار والتشكيك في بناء الثقة بين كل الأطراف الجزائرية».
«الشعب»: يعقد ثاني اجتماع للحكومة ـ الولاة في غضون 6 أشهر، على ضوء تحقيقات حول خيانة الأمانة في مناطق الظل؟ ما تعليقكم؟
الأستاذ رضوان بوهيدل: طبعا فترة 6 أشهر كافية لتشخيص المرض وبداية البحث عن العلاج وتنفيذه على كل المستويات، لذلك جاء هذا الاجتماع لتقييم الأداء والجهود، بالموازاة مع قرارات رئيس الجمهورية والوزير الأول، التي تكلل مختلف المجالس الوزارية، ومدى تنفيذها على أرض الواقع، بما يخدم المواطن.
الأكيد اليوم، أن اللقاء الثاني «الحكومة ـ الولاة»، جاء في ظروف استثنائية، خاصة مع انتشار وباء كورونا، ما جعل طرفي اللقاء أمام امتحان عسير وأمام مسؤولية شعبية أيضا، لأنه من الواضح أن هناك من يعمل على كسر مبادرات التنمية واستعادة المسؤولين ثقة المواطن، ما يوحي بخلل كشف عنه الرئيس تبون هذه المرة بطريقة مباشرة وبـ «غضب شديد»، إذ تبين أن تكليف البعض بالمسؤولية لم يكن عند حسن القيادة السياسية، خاصة فيما يخص مواجهة وباء كورونا وكذا الدفع بالتنمية المحلية.
ويبدو واضحا من خلال كلام الرئيس، أن هناك من المسؤولين المحليين من قد ساهم في زعزعة الثقة بين المواطن والسلطة، التي تسعى إلى بناء جسورها مجددا، لذلك لا يجب تبرير الفشل بالأزمة الصحية، بل بالعكس، هي فرصة للمسؤولين لإبراز قدراتهم المحلية في التسيير أثناء الأزمات المختلفة.

-  هل يعد محاسبة كل متقاعس من المسؤولين، منعرجا جديدا في التكفل بانشغالات المواطنين؟
 المسؤولية اليوم، تكليف أكثر منها تشريف، ولا يمكن التغاضي عن الفشل والعرقلة ونشر البيروقراطية في الأداء الإداري وفي التسيير عموما، لذلك لا يكفي اليوم إبعاد المتخلفين عن السرب والفاشلين وإنهاء مهامهم، الأمر يستدعي محاسبة كل من تعمّد عدم بذل جهود لتنفيذ القرارات العليا من جهة، وكذا خدمة المواطن من جهة أخرى، بعيدا عن البهرجة الإعلامية والتقاط صور تدشين المشاريع لتبرير هذه المجهودات.
 ويجب الانتقال إلى مرحلة تقديم حوصلة عن المشاريع التنموية الاجتماعية والاقتصادية، خاصة التي ستسمح للمواطن بأن يعيش في أمن ورخاء ومنه يستعيد المحكوم ثقته في الحاكم للمضي قدما نحو جزائر أفضل، بعيدا عن تسييس العمل الإداري والوظيفة المحلية والتملق للسلطة، لأن هذه الممارسات كانت من أبجديات عمل العصابة، واليوم يجب خلق قطيعة مع كل نوع من هذه الممارسات التي تشوه صورة السلطة والجزائر عموما ولا تخدمها.

- هل سيعجّل تورط منتخبين محليين في خيانة الأمانة بالذهاب إلى محليات مسبقة؟
 الأكيد أن الأمر ليس بتلك البساطة، لأن حل المجالس المحلية يستدعي التحضير لانتخابات جديدة، كما يجب أن يسبقه أو يلازمه حل كل المجالس المنتخبة، سواء على المستوى الوطني، كالبرلمان، بالإضافة إلى المجالس الولائية ثم البلدية، لكن في هذه الحالة سنتجه إلى خلق نفس العينة من المسؤولين وبنفس الطرق والأساليب، وستنتج نفس الممارسات ونفس الفشل في العمل الميداني، وهذا ما لا يرغب به المواطن والسلطة.
لذلك في اعتقادي، أن أول خطوة هي المضي بأقصى سرعة في تعديل الدستور بما يخدم الشعب الجزائري، قبل إعادة النظر في عدد من القوانين، وعلى رأسها قانون الانتخابات والأحزاب، وحتى قوانين الجماعات المحلية المختلفة، لإعادة النظر في الصلاحيات وتشديد العقوبات على المتهاونين والفاسدين مستقبلا، حتى يصبح الردع القانوني والصندوق هما الفيصل في اختيار ممثلي الشعب لاحقا.

- ما مدى أهمية التسريع بالمصادقة على مشروع تعديل الدستور، في وضع حد للتلاعبات التي تحدث عنها الرئيس تبون؟
 كما أشرت سابقا، الدستور منطلق كل تغيير ولا يمكن من الناحية الإجرائية بناء جزائر جديدة بمسؤولين أكفاء جدد بدستور ملغم ولا يخدم الجزائر وشعبها، لذلك من الضروري الذهاب إلى تعديل يخدم الحريات والحقوق ويضمن الفصل بين السلطات وتوازنها، ويحترم الإرادة الشعبية عن طريق الاستفتاء، لتأتي بقية مراحل البناء لاحقا على أسس وقواعد جديدة تضمن عملا سياسيا حقيقيا للأحزاب السياسية بشكل حقيقي ودورا فاعلا جديدا للمجتمع المدني، وخلق آليات للرقابة والمشاركة السياسية بين المواطن وهذه المجالس بما يخدم الجزائر وليس الأشخاص، وهي نقطة مهمة لسد الهوة بين المواطن والسلطة، وخلق جسور ثقة جديدة تدفع بالتنمية والبناء والتشييد لصالح الشعب.

- أمر رئيس الجمهورية، مؤخرا، بفتح تحقيق في تجاوزات تسببت في خسائر للمواطنين والدولة، على غرار السيولة والحرائق والانقطاع المتكرر للمياه دون سابق إنذار. ما هي قراءتكم؟
 الشيء المؤكد، أن الرئيس عندما تحدث عن فتح التحقيقات في عدد من القضايا المشبوهة، فهذا يعني أنه انطلق من معلومات وتقارير أمنية وإدارية عن الأوضاع محليا، والسير في طريق التحقيقات يعني كشف عدة مؤامرات تحاك ضد الجزائر أمام الرأي العام، بينها التي تهدف إلى زرع الشكوك في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وهو ما تسعى السلطة إلى تفنيده من خلال الكشف عن الحقيقة، مهما كانت مريرة أمام الشعب، وضرورة تطبيق القانون على الجميع للردع والحد من هذه الممارسات التي لا تخدم لا السلطة ولا المواطن الجزائري.
 لذلك، يمكن القول في الأخير إننا نلمس نية صادقة في التغيير رغم العراقيل التي تختلق من أجل زعزعة الاستقرار والتشكيك في بناء الثقة بين كل الأطراف الجزائرية.