الجزائر من الدول القليلة المستمرة في فرض الحجر
أكد نائب رئيس الاتحادية الوطنية للصحة العمومية، علي خميس، في تصريح لـ «الشعب»، أن التعايش مع وباء كورونا بات أمرا حتميا وأن الأمر يتطلب استمرار المواطنين في الالتزام بقواعد الوقاية في ظل عدم توفر اللقاح المضاد للفيروس إلى حد الآن رغم التطورات الحاصلة في هذا المجال.
- «الشعب»: ما تقييمكم للوضعية الوبائية الحالية في الجزائر؟
علي خميس: صحيح أن الحالة الوبائية في الجزائر لم تصل إلى مرحلة خطيرة صعب التحكم فيها، لكن كان بإمكاننا تجنب هذا العدد اليومي من الإصابات بفيروس كورونا عندما شهدت بعض المناطق أولى الحالات من خلال وضع خطة مضبوطة تساهم في الحد من الانتشار السريع لهذا الفيروس.
وتظهر الصورة الحقيقية لحجم الكارثة المرتبطة بارتفاع نسبة الإصابات في استهتار الكثير من المواطنين بالفيروس نتيجة نقص الوعي، فنجدهم يرفضون الالتزام بإجراءات الوقاية التي تحميهم من الإصابة بالفيروس، رغم مجهودات المختصين الذين لم يترددوا في تقديم النصائح للمواطنين، مؤكدين أن اتباع بعض الطرق البسيطة اليومية من شأنه أن يساهم في تجنب انتقال العدوى التي قد تتسبب في وفاة الكثيرين، نتيجة لامبالاة أشخاص غير مسؤولين، كما يمكننا من خلال احترام التدابير الوقائية مكافحة هذا الوباء في غياب اللقاح.
- تم إقرار تخفيف إجراءات الحجر خلال الأيام القادمة، هل سينتج عنه ارتفاع في عدد الإصابات؟
تشديد إجراءات الحجر الصحي في الجزائر وحتى في دول أخرى، انطلق من عدم معرفة حقيقة هذا الفيروس الذي اكتشف في الصين وخلف أعدادا كبيرة من الإصابات، باعتباره سريع الانتشار، ما جعل جميع البلدان المتضررة تسارع لاتخاذ إجراءات تجنب حدوث كارثة صحية، لدرجة فرض أكبر حظر تاريخي في حركة النقل الجوي والبحري.
وكون الفيروس في بداية انتشاره جعل الجميع في حالة من الذعر والخوف، خاصة بعد تسجيل عدة وفيات مرتبطة بالإصابة به واختراقه الحدود ليصل الى مختلف دول العالم، في وقت لم يتمكن كبار العلماء والباحثين من جمع معلومات كافية حول تركيبته الحقيقية.
ومع تطور الدراسات العلمية المتعلقة بالفيروس التاجي المستجد، بدأت الشكوك والمخاوف تزول من هذا الوباء وتطمئن النفوس، ولهذا فإن التخفيف من إجراءات الحجر لن يتسبب في ارتفاع عدد الإصابات، لأنه جاء بصفة تدريجية ومدروسة بعد متابعة الحكومة لتطور الوضع الوبائي على جميع المستويات. علما أن الجزائر تعد من بين الدول القلائل التي ماتزال تفرض إجراءات وقائية صارمة إلى حد الآن وتسعى إلى تخفيفها تدريجيا اعتمادا على الوضعية الوبائية في كل منطقة.
- مع استمرار انتشار فيروس كورونا، هل بات التعايش معه أمرا حتميا؟
أكيد نحن مجبرون على التعايش مع هذا الفيروس حتى وإن طال أمده، لأنه سيأتي اليوم الذي يزول فيه بصفة نهائية، وهو ما عاشته الجزائر في سنوات سابقة بعد انتشار أوبئة وأمراض معدية خطيرة، كالكوليرا التي تمكنت من القضاء عليها تدريجيا من خلال اتباع استراتيجية فعالة اعتمدت على تعزيز سبل الوقاية من تفشي الفيروس والبحث عن حلول ميدانية، كما أن جمع المعلومات الدقيقة عن الوباء ولو لم تصل إلى 100٪، لكنها تسمح بمكافحته.
تجدر الإشارة الى أن 80٪ من الجزائريين تعودوا الآن على الطرق الوقائية، حتى الأشخاص الذين كانوا يعتبرون كورونا مجرد أكاذيب ولا يلتزمون بالتدابير الوقائية، تغيرت نظرتهم بعد إصابة واحد من أفراد العائلة على الأقل بالفيروس أو الأصدقاء.
كما أن أغلبية الإصابات ناتجة عن الاستهزاء بالفيروس وعدم احترام قواعد الوقاية، من نظافة يومية وارتداء الكمامة واحترام مسافة التباعد الاجتماعي وتفادي الاحتكاك المتواصل بين المواطنين.
- هل التطورات الحاصلة في إنتاج أول لقاح يعد مؤشرا على قرب زوال الفيروس؟
إن التقدم الحاصل في البحث العلمي وطرح اللقاح المضاد لفيروس كورونا في الأسواق بعد 20 يوما أو شهر، من المؤشرات الايجابية التي تدل عن قرب التخلص من هذا الوباء، خاصة وأن بعض المخابر العالمية وصلت في أبحاثها وتجاربها السريرية الى مرحلة متقدمة.
في هذا الاطار، أبدت الحكومة استعدادها لتوفير اللقاح للجزائريين حال توفره بالتفاوض مع الدول المنتجة، وسيتجسد ذلك بعد إثبات مدى فعالية اللقاح وعدم وجود تأثيرات جانبية تشكل خطورة على المواطنين حرصا منها على حماية المستفيدين منه، بالإضافة الى أن تسويق اللقاح لن يتم إلا بموافقة اللجان العلمية المعتمدة ووزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات.
وحتى مع زوال هذا الفيروس نهائيا، فإن هذه التجربة الصعبة ستبقى راسخة في الأذهان، وستجعل قطاع الصحة مجبرا على إعادة النظر في مختلف الاختلالات التي تعيق تطور المنظومة الصحية في بلادنا التي هي بحاجة الى توفير مستشفيات كبيرة في الشمال والجنوب تلبي احتياجات المواطن في كل مكان بمختلف التخصصات مع توفير إمكانيات ووسائل التشخيص والعلاج.