طباعة هذه الصفحة

فريق بحثي سويدي ــ صيني يتوصّل إلى آلية أدق

التّنبّؤ بمواعيد العواصـف الشّمسية الضّارة للأرض ممكن

تمكّن فريق بحثي سويدي ــ  صيني مشترك من التوصل إلى آلية هي الأدق إلى الآن للتنبؤ بمواعيد العواصف الشمسية قبل حدوثها، الأمر الذي يمكن أن يساهم مستقبلا في حماية الأرض من الكثير من الأضرار التي يمكن لبعضها إعادتنا ألف سنة للوراء.
جاء ذلك في دراسة جديدة نشرت في دورية «أستروفيزيكال جورنال ليترز» (Astrophysical Journal Letters)، وأعلن عنها في 29 يوليو / تموز الماضي، وتناولها تقرير لموقع «يوريك ألرت» (Eurek Alert).

ما العواصف الشّمسية؟

 لفهم ما تعنيه العواصف الشّمسية يمكن أن نبدأ من الشمس نفسها، حيث تصل درجة الحرارة على السطح إلى حوالي 6 آلاف درجة مئوية، وفي باطنها إلى 27 مليون درجة.
وبسبب هذه الحرارة الشديدة، فإنّ الشمس تتكون من «البلازما»، وهي حالة للمادة توجد فيها أنوية الذرات مع إلكتروناتها لكنهما لا ترتبطان، يعطي ذلك البلازما صفات خاصة جدا، تتعلق بقدراتها الواسعة على توصيل الكهرباء، كما أنها تنتج المجالات المغناطيسية وتتفاعل معها بسهولة أكبر.
تلك المجالات المغناطيسية هي ما يصنع أشكال الحلقات الهائلة التي تتخذها البلازما على سطح الشمس، وتسمى بالوهج الشمسي (Solar prominence)، وهي ضخمة لدرجة أن الواحدة منها قد تسع أكثر من ثلاث كرات بحجم كوكب الأرض.
وفي بعض الأحيان قد تنفجر واحدة من تلك الحلقات مطلقة كَمّا هائلا من الطاقة والمادة إلى الفضاء بسرعات كبيرة جدا، يحدث ذلك في صورة نسميها بالانفجار الشمسي (Solar flare)، وقد يكون الانفجار أكثر قوة فيسمى «انبعاث كتلي إكليلي» (Coronal Mass Ejection).
يشبّه الانفجار الشّمسي أن تضغط زنبركا (نابضا) بقوة شديدة ثم تتركه فجأة، وذلك لأن تلك الحلقات الضخمة من البلازما تحبس داخلها قدرا عظيما من الطاقة، ثم تطلقه فجأة للفضاء، فتسير إلى الأرض والكواكب الأخرى في صورة عواصف شمسية عاتية.

التّنبّؤ بطقس هائج

 بحسب الدراسة الجديدة، فإنّه يمكن التنبؤ بتلك العواصف الشمسية عبر مراقبة دائمة للمجال المغناطيسي الشمسي، لكن لأنه هائل الضخامة لا يمكن فعل ذلك عبر أدواتنا الأرضية الآن، لذلك اقترح الباحثون العمل على دراسة مجموعتين فقط من الأيونات الصادرة من الشمس، حيث يمثلان أدق طريقة غير مباشرة لرصد المجال المغناطيسي الشمسي.
طُوّر النّموذج الرياضي الخاص بهذه الفرضية القادرة على التنبؤ بالعواصف الشمسية في جامعة لوند السويدية (Lund University)، أما الباحثون من جامعة فودان الصينية (Fudan University) فقد تمكّنوا من تطوير التجربة العملية التي أمكنها اصطياد تلك الأيونات وسميت مصيدة أيون الحزم الإلكترونية (Electron beam ion trap).
ويأمل الباحثون في أن تساهم تلك البيانات الجديدة بدعم مستقبل أرضي آمن مع الشمس، خاصة أن تأثير العواصف الشمسية قد يكون شديدا على الأرض في وضعها الحالي لسبب رئيسي، وهي أنها تؤثر بقوة على الأجهزة الإلكترونية وعلى الاتصالات وعلى رواد الفضاء والرحلات الفضائية عامة، الأمر الذي يعد حيويا في عالمنا المعاصر.
المجالات المغناطيسية هي ما يصنع أشكال الحلقات الهائلة التي تتّخذها البلازما على سطح الشمس، وتسمى بالوهج الشمسي (ناسا).

مشكلات غير متوقّعة

على سبيل المثال، كانت شبكة الطاقة في مقاطعة كيبيك الكندية قد توقّفت تماما عن العمل بسبب عاصفة شمسية ضربت الأرض سنة 1989، وفي عام 2003 منعت عاصفة شمسية رواد الفضاء في المحطة الفضائية الدولية من الخروج لشهرين متتاليين، وأثرت على الكثير من الأقمار الصناعية حول الأرض.
ويتوقّع العلماء في هذا النطاق أن العواصف الشمسية الكبيرة مثل تلك قد تحدث مرتين كل قرن تقريبا، لكن بحسب دراسة نشرت في «ذي أستروفيزيكال جورنال The Astrophysical Journal» قبل عام واحد، فإن نوعا هائلا جدا من تلك العواصف يحدث مرة كل عدة آلاف من السنوات.
هذا النوع أقوى آلاف المرات من الانفجارات الشّمسية المعتادة، وقد يعيق كل الاتصالات اللاّسلكية ويعطّل كل الأقمار الصناعية، ويدخل الأرض في موجة ظلام دامس لأنّه قد يتسبّب في تعطيل محطات الكهرباء والأجهزة الإلكترونية.