تحوّلت أغلب شوارع عاصمة الأوراس باتنة في الآونة الآخرة إلى حفر منتشرة في كل مكان، حوّلت حياة المواطنين مع بقائها مفتوحة إلى جحيم حقيقي، خاصة وأن أغلب أسباب هذه الحفر عدم إتمام الأشغال في بعض المشاريع المتعلقة بالتهيئة الحضرية، أو صيانة شبكات الغاز أو الصرف الصحي أو حتى الإنارة العمومية.
وقد تسبّبت هذه الوضعية المؤسفة حسب عديد السكان الذين تحدثنا إليهم، عن أسفهم الشديد من تماطل السلطات المحلية ممثلة في المجالس البلدية بأغلب بلديات الولاية باتنة، في التجاوب مع انشغالهم رغم المراسلات الكثيرة والشكاوى العديدة التي لم يتم التجاوب معها، فخرج سكان تلك الأحياء في حركات احتجاجية استفاقت بعدها السلطات المعنية، ولكن على الرغم من ذلك فالإشكال يبقى مطروحا وتزداد معه معاناة السكان، خاصة مع اقتراب فصل الصيف أين تتحول تلك الطرقات إلى زوابع رملية مع هبوب أول ريح خفيفة.
ورغم مرور 6 أشهر من شروع مصالح مديرية النقل بولاية باتنة، في المرحلة الثانية من مخطط النقل الجديد بمدينة باتنة بعد انتهاء الدراسة به، وكذا بعد فتح المحطة البرية الجديدة بالمدخل الشمالي لمدينة باتنة وتحويل موقف السيارات وحافلات النقل من حي الاخضرار إلى المحطة الجديدة، إلا أن الازدحام ما يزال مستمرا. ورغم أن 300 مركبة لم تعد تدخل يوميا إلى وسط مدينة باتنة والتوقف بحي الاخضرار مجددا بعد فتح المحطة البرية الجديدة، إلا أن السمة المميزة هي ذلك الاكتظاظ والازدحام، وكأنّ لا شيء تغيّر.
وقد شرعت مصالح النقل في تطبيق مخطط نقل جديد بالمدينة سنة 2012 للتخفيف من حجم الاختناق اليومي الذي تشهده مدينة باتنة، خاصة في أوقات الذروة وهي الفترة الصباحية، منتصف النهار والفترة المسائية.
ويوجد الطريق الوطني رقم 87 الرابط بين ولايتي باتنة وبسكرة في جزئه الرابط بين باتنة وثنية العابد في وضعية كارثية، حيث تحوّل إلى مسلك ترابي بسبب أشغال الحفر التي مسّته وأخرى لا يزال يعرفها، وأصبح يشكّل هذا الجزء المتدهور من الطريق خطرا على مستعمليه نظرا لتدهوره من جهة بفعل انتشار الحفر، ولضيقه من جهة أخرى كونه يشق تضاريس ومرتفعات جبلية وعرة زادت وضعية اهترائه من صعوبة استخدامه، حيث يصعب مرور مركبتين تسيران في اتجاه معاكس. وتسوء وضعية الطريق في مقاطع متباعدة وبالخصوص في الجزء الرابط بين بلديتي شير وثنية العابد، ناهيك عن فساد هذا الجزء من الطريق.
كما أنّ القرى والتجمعات السكنية المتاخمة للطريق الوطني رقم 87 تنعدم فيها التهيئة الخارجية، ما أثّر سلبا على حياة هؤلاء السكان، حيث ساهم في تشويه المنظر الخارجي لبعض التجمعات السكنية المجانبة للطريق على غرار شير، النوادر، شالمة وأولاد عزوز.
الطريق الوطني رقم 87 يخضع لعملية إعادة تعبيد في شقه الرابط بين تيمقاد والشمرة، بحسب بطاقة تقنية لمديرية الأشغال العمومية على غرار إعادة تأهيل الجزء الرابط بين الشمرة وتيمقاد، أين برمجت مديرية الأشغال العمومية حسب ذات البطاقة إعادة تأهيل الشطر الرابط بين باتنة وثنية العابد إلى غاية ولاية بسكرة، وهو ما ألحّ عليه وزير الأشغال العمومية.
وجدّد المئات من سكان أحياء باتنة مطالبهم إلى السلطات المحلية الجديدة ببلدية باتنة، بضرورة تعبيد الشوارع والطرقات ومباشرة أشغال التهيئة الحضرية، مع انتشار فظيع للقمامة.
وتعدّ التجمعات العمرانية الجديدة من أكثر الأحياء تضررا من هذه الوضعية، كطريق الوزن الثقيل وطريق حملة وأطراف حي كشيدة بالضاحية الجنوبية للمدينة، إذ أنه رغم استكمال هذه الأحياء عمرانيا، ورغم تميزها بكثافة سكانية عالية نتجت عن هروب محدودي الدخل من غلاء أسعار العقار والشقق في النواحي القريبة من وسط المدينة، غير أنّها بقيت تعاني من إهمال ظاهر يتجرّع مرارته السكان بصفة يومية، منذ سنوات عديدة، جعلتهم يشكّون ــ حسب أحدهم ــ في تصنيف هذه الأحياء ضمن إقليم الولاية بسبب لامبالاة المسؤولين، على حد تعبيرهم. وإن كانت شوارع بعض الأحياء تشكو من الاهتراء وكثرة الحفر بسبب انعدام الصيانة، منذ سنوات طويلة، فإنّ تجمّعات سكانية أخرى تعيش وسط المسالك الترابية ولم تستفد من أي مشروع للتهيئة أو التعبيد، حيث يشكّل بها سقوط الأمطار هاجسا للمواطنين والأطفال المتمدرسين، علما أنّ هناك من الطرقات والأحياء بباتنة ما شهدت عمليات تهيئة متكررة هي ليست بحاجة إليها في أغلب الأحيان، وهو ما جعل الكثير من المواطنين المتضررين يطالبون المسؤولين بالمساواة بين الأحياء، وانتهاج الأولوية في توزيع المشاريع وخاصة فيما تعلّق بالتهيئة الحضرية.
وقد قرّر “مير” باتنة، عبد الكريم ماروك، وضع حد نهائي لمعاناة السكان بتخصيص غلاف مالي ضخم لتهيئة كل طرقات البلدية، وهو ما استحسنه المواطن بباتنة.
طرقات بريكة..كارثة
انعدام التهيئة لطرقات مدينة بريكة، خصوصا المتعلقة بالأزقة المتواجدة بها، هو الشيء الذي يلاحظه كل زائر للمنطقة، حيث ذكر ممثل أحد الأحياء أن الحالة تزداد صعوبة خلال الأيام الماطرة، حين تتحول طرقاتها إلى برك من المياه، ما يجعل السير يكاد يكون منعدما.
ولقد عبّر المواطنون عن استيائهم وتذمرهم الشديدين من الوضعية المزرية التي آلت إليها طرقات أحيائهم نتيجة اهترائها، حيث أوضح هؤلاء أن هذه الحالة باتت تؤرقهم، خاصة بعد تأكل الطرقات عن آخرها.
وحسب أحد المواطنين، فإنّ حالة المسالك أثّرت بشكل كبير عليهم، غير أنّ التهميش وعدم الاهتمام بوضعيتهم من طرف السلطات المحلية كانت القطرة التي أفاضت الكأس. وأوضح المواطنون أن مسالك الأحياء الجديدة والقديمة على حد سواء باتت مصدرا لتطاير الغبار في السماء، حيث أنّ هذه الحالة تشهدها كلّما تمرّ السيارات على الطرقات المؤدية للقرية، حيث أكّد أغلب المواطنون استحالة السير عليها لاسيما أثناء تساقط الأمطار، إذ سرعان ما تنتشر كميات هائلة من الأوحال يتعذر على المارة اجتيازها، ليروح ضحيتها الأطفال والمسنين خاصة، كون الأطفال يأخذون هذه المساحات مكانا للعب وهو ما يعرضهم لمشاكل كبيرة، هم في غنى عنها.
وفي ظل هذه المشاكل، أكد المواطنون أنهم رفعوا العديد من الشكاوى والمراسلات لاستفادة القرية من أشغال تهيئة وتعبيد طرقات القرية، إلاّ أن هذه الأخيرة لم تعرف أي تغير إلى حد اليوم.
وتتقاسم العائلات القاطنة بكل من حي عين فوليس التابع لدائرة عين التوتة بباتنة عزلة تامة بسبب غياب المشاريع التنموية، والتي تتحمّل مسؤوليتها السلطات المحلية التي لم تنظر إلى انشغالاتهم كتهيئة الطرقات التي تحولت مع مرور الوقت إلى حفر عميقة، وتطاير الغبار بشكل كبير في كل أرجاء المكان، حيث يطالب سكان الحي بمنح المنطقة مشاريع تنموية خاصة تهيئة الطرق لفك العزلة عنهم في أقرب وقت ممكن.
لهذا يناشد السكان السلطات المحلية بضرورة النظر في انشغالاتهم ومطالبهم، وإخراجهم من هذه العزلة التي طال أمدها، حسبهم.
وأعرب العديد من المواطنين وكذا أصحاب سيارات النقل الحضري، عن استيائهم الكبير وتذمرهم الشديد من غياب كل مظاهر التهيئة الحضرية وتدهور وضعية الطرقات التي تعيشها أكبر دوائر عاصمة الولاية باتنة، حيث أصبح من الصعب جدا استخدامها للمشي أو السياقة خاصة في مدخلها ومخارجها، حيث طالبوا من السلطات الولائية والمحلية التدخل العاجل من أجل ضمان راحة المسافرين أثناء تنقلاتهم اليومية، وذلك بالقيام بعمليات تهيئة واسعة لكل الطرق بدل عمليات الترقيع التي اعتادوا عليها منذ سنوات.
ونشير إلى أنّ هذه الوضعية ساعدت على انتشار المطبات والحفر التي أصبحت ديكورا يميز طرقات بريكة ليصبح ظاهرا للعيان سوء إنجاز المشاريع الجديدة والمتعلقة بتهيئة الطرقات، خاصة عقب كل اضطراب جوي بالرغم من المبالغ الخيالية التي خصّصتها الدولة لهذا المجال.
وتعرف مدينة باتنة حالة اختناق مروري ترجعه السلطات المحلية إلى تضاعف حظيرة المركبات بالدرجة الأولى في السنوات الأخيرة، الأمر الذي جعل الوضعية متأزّمة وهذا على الرغم من المجهودات المبذولة للتخفيف من حدة الاختناق بعد إجراء تعديلات في مخطط المرور بوسط المدينة في الآونة الأخيرة، حيث لا تزال حالة الاختناق تطبع يوميات المواطن. ومما زاد الطين بلة على غرار عامل تضاعف المركبات، هو الركن العشوائي لحافلات النقل الحضري في شوارع وأحياء المدينة، وهذا منذ أن تم إخلاء المحطة الحضرية القديمة بوسط المدينة التي تم تحويلها إلى ساحة عمومية، حيث كانت المحطة القديمة تُشكّل نقطة انطلاق ووصول كافة خطوط حافلات النقل الحضري التي حوّلت فيما بعد على نقاط مختلفة، غير أن هذا الأمر خلف تداعيات سلبية، بحيث يلاحظ أن بعض الأماكن التي اتخذتها الحافلات محطات لها وأماكن للتوقف قد أصبحت تساهم في الاختناق المروري مثلما هو عليه الحال بالنسبة للمكان المخصص لحافلات خط حي بارك أفوراج بجوار المركز الجامعي، الذي أصبح نقطة سوداء تصل فيها حدة الاختناق في كثير من الأحيان إلى الشلل التام في حركة المرور، خصوصا وأن نفس المكان مخصص لانطلاق حافلات النقل الجامعي ويمثل أيضا نقطة توقف لحافلات خط حي بوزوران، ويؤدي التقاء هذه الحافلات إلى فوضى مرورية زادت في حدتها مؤخرا أشغال حفر الطريق. وبممرات محمد بوضياف بوسط المدينة كثيرا ما تتسبب الحافلات أيضا في شل حركة المرور، حيث تعتبر الممرات نقطة توقف عديد الخطوط الحضرية، ناهيك عن تحول الطريق المحاذي لمركز التكوين المهني “أحمد بوجمعة” إلى محطة توقف حافلات خط المدينة الجديدة حملة، وهو ما أصبح يشكل هاجسا لمستخدمي الطريق وحتى بالنسبة لمركز التكوين المهني الذي راسل مديرية النقل عدة مرات لتغيير موقف الحافلات، كون هذه الأخيرة تتسبب في غلق البوابة الرئيسية للمركز، ناهيك عن غياب محطات مخصصة لحافلات النقل الحضري بالمدينة مما زاد في حالة الاختناق المروري. كما أنّ التنافس غير الشرعي بين هؤلاء الناقلين في حمل الركاب ساهم من جهة أخرى في فوضى مرورية، بسبب الركن العشوائي للحافلات والتوقف لمدة طويلة في المواقف.
مديرية النقل :تفعيل مخطّط النّقل الجديد
من جهتها، مديرية النقل لولاية باتنة قد أكدت استفادة القطاع من مشاريع هي قيد الدراسة لإنجاز 05 محطات حضرية داخل المدينة ضمن برنامج تدعيم النمو الاقتصادي، بالإضافة لبرنامج دراسة إنجاز 04 محطات برية صنف “ج” في بلديات أريس، عين التوتة، رأس العيون والشمرة.وبخصوص توفير العقار الذي كثيرا ما تصطدم به المشاريع التنموية، أكّد محدثنا بأنّ هذا المشكل لا يعترض مشاريع إنجاز المحطات التي هي قيد الدراسة، مضيفا بأنّ تجسيدها سيكون له الأثر الإيجابي على مخطط النقل من جهة، وتحسين الخدمة العمومية من جانب آخر.
وحسب المعطيات المتوفرة لدينا، فإن سبب الاختناق الذي تعرفه المدينة يعود أساسا إلى عدم قدرة شبكة الطرقات بعاصمة الولاية استيعاب التدفقات الكثيفة للسيارات، إلى جانب الاستعمال المفرط للسيارات الشخصية من طرف المواطنين.
وأشارت معطيات أخرى أن هذه السيارات تتواجد بكثافة على مستوى شبكة الطرقات وخاصة في وسط المدينة بنسبة تتعدى 89 بالمائة، وتفقد من كثافتها لفائدة المركبات الثقيلة كلّما تمّ الابتعاد عن وسط المدينة في اتجاه المحولات والمداخل الرئيسية لعاصمة الولاية.
٥ مشاريع جديدة لفكّ الاختناق
وبالعودة إلى مشكل الخناق الذي تعيشه عاصمة الولاية بالنظر إلى التزايد المستمر في عدد المركبات مع محدودية فتح الطرقات الجديدة والمسالك، فقد قامت مديرية الأشغال العمومية حسب مصادر لنا من داخلها، بتخصيص خمسة مشاريع تخص إنجاز طرق جديدة لفك الاختناق المروري عن مدينة باتنة، منها مشروعان قيد الإنجاز في حين توجد ثلاثة منها قيد الدراسة، حيث أن هاته المشاريع الأخيرة ستكون الحلول النهائية للحد من ظاهرة الاختناق المروري، التي سيجسدها مشروع شق طريق جديد يربط الطريق الوطني 31 بالوطني 03 وذلك على مسافة 4 كلم، انطلاقا من المحور الدوراني على مستوى طريق الوزن الثقيل الذي يمر خلف المحاجر المتواجدة وراء مقر مديرية الخدمات الجامعية باتنة وسط، ليشمل الطريق الوطني 03 عند الجسر المؤدي للقطب العمراني الجديد حملة، فيما أصبحت دراسة لإنجاز الطريق الذي يمثل حزاما يوازي خط السكة الحديدية ليربط حي كشيدة بحي النصر جاهزة.
وأمام هذا التحدي الكبير الذي قطعه هذا القطاع بالولاية مايزال المشوار متواصلا أمام مواكبة التنمية بالولاية التي تفرضها الزيادة السكانية بها.