لا تزال الجمعية الوطنية للتراث «تراث جزايرنا «تحفظ وجه المشهد الثقافي في الوقت الذي توقفت فيه الكثير من الجمعيات الوطنية عن مواصلة أنشطتها، بسبب جائحة كورونا، التي عرفتها البلاد، منذ شهر مارس الفارط.
في إطار تظاهرة «ويكاند المتاحف»، التي تتضمن سلسلة محاضرات علمية تنظمها الجمعية الوطنية للتراث «تراث جزايرنا» بالتنسيق مع وزارة الثقافة، عبر منصة زووم، خصّت عددها الأخير للحديث عن المتحف العمومي الوطني بسطيف، في مداخلة عبر ذات التقنية عن بعد، قدمت فيها مديرة المتحف شادية خلف الله محاضرة استهلتها بالتعريف بتاريخ سطيف التي تعتبر بحسب الأبحاث الأخيرة مهد البشرية في شمال إفريقيا، وبها ثاني موقع عالمي بعد موقع غونا بإثيوبيا وهو موقع عين بوشريط، كما عرّجت عن مواقع أثرية هامة تعود لفترة ما قبل التاريخ والتي تحتوي على نقوش صخرية مثل موقع زراية ومجاز ومزلوق، ومواقع أثرية قديمة مثل موقع كويكل، موقع مونص وموقع ستيفيس، كما عرجت على أقدم إمارة للدولة الفاطمية والتي تأسست بمنطقة اقجان «بني عزيز حاليا»، والتي أهملها المؤرخون، حيث يربطون تاريخ الدولة الفاطمية بمصر مباشرة، دون ذكر الإمارة الأولى ودورها في التطور الذي عرفته الدولة الفاطمية، ونوّهت الأستاذة شادية بأهمية موقع إقجان في التاريخ الإسلامي للجزائر ككل وليس فقط للمنطقة.
بعد ذلك قدمت شروحا عن أهم المجموعات المتحفية، التي يحتضنها متحف سطيف، خاصة ما تم اكتشافه في حفريات عين الحنش، ومجموعات الفسيفساء التي انبهر المشاركون بها، وخاصة فسيفساء باخوس، إضافة إلى المجموعات التي تعود للفترات الإسلامية مثل المسكوكات، إذ قدمت تعريفا شاملا عن تاريخ مدينة سطيف، منذ العصور الحجرية الى غاية الفترة الاستعمارية مرفقة بالصور كأدلة مادية أثرية لكل المراحل التاريخية.
استعرضت الأستاذة شادية أهم أعمال المتحف ونشاطاته والورشات التعليمية البيداغوجية والتربوية التي تم تنظيمها لفائدة الأطفال، إضافة إلى أهم المعارض والملتقيات والمنشورات الهامة التي يقدمها المتحف وتحدثت عن النشاطات التي قدمت خلال فترة الحجر الصحي وحثت الجميع على العمل أكثر لجرد الممتلكات الثقافية من أجل الحفاظ عليها وصونها.
في ذات السياق، دعت شادية الى ضرورة توثيق ورقمنة الأعمال الأثرية وأهميتها في الحفاظ على الموروث الثقافي الوطني، وقدمت رسالة للشباب الأثريين على العمل بحب وضمير لحماية هذا التراث، للإشارة أدارت رئيسة الجمعية الأستاذة فايزة رياش النقاش العلمي، الذي عرف مشاركة هامة من مختصين في التراث والمتاحف من دول عربية كسوريا ومصر واليمن والعراق وتونس والمغرب، إضافة إلى مشاركة كبيرة من المختصين في علم الآثار من الجزائر وإعلاميين جزائريين وتستمر تظاهرة ويكاند المتاحف، إلى غاية نهاية شهر أوت، حيث ستكلل بنشر كتيب يتم التعريف من خلاله بالمتاحف الوطنية الجزائرية والذي سيوزع، بحسب ما صرحّت به رئيسة الجمعية على المؤسسات التربوية والوطنية والمطارات للترويج للثقافة المتحفية في الجزائر