طباعة هذه الصفحة

بعد كارثة نهب الرمال وتصاعد مياه البحر

وادي سيباو يتعرض لنزيف السقي العشوائي بالصهاريج

بومرداس: ز. كمال

يتعرض وادي سيباو هذه الأيام من محيط القرية، التي تحمل إسمه إلى مصبه النهائي بمنطقة تاقدامت (مرورا ببلديات بغلية، سيدي داود وبن شود) إلى نزيف آخر في مياهه الجوفية الموجهة للسقي الفلاحي وشعبة عنب المائدة بالخصوص، بعد نزيف نهب الرمال الذي أثر كثيرا على التنوع البيولوجي، مع زحف المياه المالحة بعد أن نزل مستواه إلى دون مستوى سطح البحر، وتصاعدت المياه المالحة كيلومترات تعدت جسر سال بوبراك وبالتالي لم تعد صالحة للسقي حسب شهادات الفلاحين.

تنامت ظاهرة السقي الفلاحي، في السنوات الأخيرة، بمختلف أنواع الصهاريج الصغيرة التي تجرها الجرارات من سعة 3 آلاف لتر إلى المتوسطة والكبيرة، التي تبدأ من 12 ألف لتر فما فوق المخصصة للشاحنات الثقيلة وبأسعار، أيضا تبدأ من 2000 دينار إلى 4 آلاف دينار وأكثر حسب الحجم والمسافة، وهي أغلبها مخصصة لسقي مساحات الكروم بالمناطق الجبلية وشبه التلية التي يستحيل سقيها مباشرة من محيط السقي القريب من وادي سيباو.
مشاهد الشاحنات وتسابقها اليومي لملء خزانات الماء تحول إلى ظاهرة أثارت تساؤل مستعملي الطريق الاجتنابي الممتد من قرية وادي الجنان بالطريق الوطني رقم 25 إلى مدخل بلدية اعفير في إتجاه بلدية تقزيرت المعروف محليا بطريق «لاصاص»، بسبب كثرة الشاحنات وصعوبة التجاوز، في حين طرح البعض الآخر تساؤلات حول مدى قانونية الإستغلال المفرط للمياه الجوفية لوادي سيباو، بعد أن تلاشت مياهه السطحية باستعمال مختلف المحركات والحفر الكبيرة التي تستعمل في تجميع المياه لتسهيل عملية ملء صهاريج الشاحنات.
وقبل ظاهرة نهب المياه إن صح القول، تعرض محيط وادي سيباو إلى نزيف كبير لنهب الرمال في العقود الماضية أدى مع الوقت إلى تلاشي الطبقة الرملية التي تلعب دورا كبيرا في الحفاظ على التوازن البيئي ولعب دور هام في تصفية مياه الوادي، التي كانت تصب فيها أطنان النفايات والمخلفات الصناعية وآلاف الأمتار المكعبة من المياه المستعملة لكل البلديات والتجمعات السكنية بالمنطقة بسبب غياب محطة تصفية.
وقد تسببت الظاهرة في نتائج وخيمة على البيئة والتنوع البيولوجي لهذه المنطقة الرطبة المعروفة وطنيا كموطن مفضل لأنواع من الطيور والأسماك التي تتعرض حاليا للتهديد بسبب هذه السلوكيات العشوائية وكثيرا ما تم تسجيل نفوق للأسماك على الرغم من التحذيرات وإشارات الخطر التي رفعها الخبراء والمهتمون بالمجال البيئي منذ سنوات والتحذير من خطر تلاشي طبقة الرمل وزحف المياه المالحة التي أصبحت اليوم تشكل خطرا على المحاصيل الزراعية مثلما كشف عنه صاحب مزرعة لإنتاج عنب المائدة بمنطقة ساحل بوبراك متحدثا لـ»الشعب» بقوله»لقد تحولت مياه الوادي المتجمعة في المصب إلى أكثر ملوحة بسبب تلاشي طبقة الرمل وصعود مياه البحر مثلما ترون في كل هذا المحيط المائي الذي بدأ يتمدد في اتجاه الأراضي الفلاحية لسيدي داود، وعليه لم يعد بالإمكان سقي المساحات الزراعية مثلما كان عليه الحال سابقا، حيث لا تتجاوز فترة السقي شهرا واحد إلى أواخر ماي حيث تزداد ملوحة المياه بعد توقف الأمطار».

تعثر نظام السقي واللجوء إلى الحواجز المائية

تعود مسألة العشوائية التي يعرفها نظام السقي الفلاحي بالبلديات الشرقية من بومرداس التي تحتضن مساحات شاسعة من الكروم بمساحة تعدت 45 بالمائة من إجمالي المساحة الصالحة للفلاحة المقدرة بـ63 ألف هكتار وكذا والأشجار المثمرة والخضراوات حسب الناشطين في الميدان إلى تعثر نظام السقي الفلاحي الذي كان يستفيد منه الفلاحون في السنوات الماضية انطلاقا من سدود المنطقة الصغيرة التي تشمل سد وادي الأربعاء ببلدية سيدي داود، سد بومراو ببلدية الناصرية وسد وادي عمارة برأس جنات، التي لم تستفد من أشغال صيانة وتهيئة للحفاظ على الطاقة الاستيعابية وبالتالي حماية المساحات المسقية للفلاحين والتعاونيات القليلة التي لا تزال ناشطة، الأمر الذي ساهم في توسع إنشاء الحواجز المائية من قبل الفلاحين بطرق عشوائية وأحيانا بدون تراخيص وتنامي ظاهرة السقي عن طريق الصهاريج في مبادرات فردية لإنقاذ المحاصيل نتيجة غياب البدائل وتوقف شبكة السقي التي كان يشرف عليها الديوان الوطني للسقي الفلاحي لمنطقة الوسط ومتيجة.
وعلى الرغم من الرهانات التي وضعتها مديرية المصالح الفلاحية ببومرداس للرفع من مساحة الأراضي المسقية إلى حدود 30 ألفا بدلا من 26 ألفا الحالية وبالخصوص بالبلديات الغربية انطلاقا من سد الحميز وقدارة واستغلال محطات تصفية المياه لكل من الثنية ومنطقة فواعيص التي تغذي عددا من المستثمرات ببلدية قورصو، إلا أن العراقيل التقنية والإدارية كثيرا ما صعبت من مهمة أصحاب المستثمرات الفلاحية نتيجة التأخر في منح تراخيص الاستغلال وفتح قنوات السدود، حيث تأخر انطلاق عملية السقي هذا الموسم إلى نهاية شهر جوان في وقت كانت الكثير من المحاصيل الموسمية بحاجة إلى تغذية مبكرة بالمياه نتيجة قلة تساقط الأمطار هذه السنة مثلما تحدث عنه عدد من الفلاحين وممثلي جمعية الناشطين في شعبة عنب المائدة الذين تضرروا من هذه الوضعية.