طباعة هذه الصفحة

الباحثة في الإعلام والاتصال، زينب بوشلاغم لـ «الشعب»:

اعتماد لغة تخاطب مباشرة لتقريب صورة الوباء ضرورة

بومرداس: ز. كمال

جاء وباء كورونا وتحديدا «كوفيد 19» ليعطي دروسا لدول ومجتمعات ليست مجانية بل قاسية ماديا وفكريا وغيرت الكثير من المفاهيم والاستراتيجيات منها ما هو متفق عليه من قواعد إعلامية واتصالية كلاسيكية لم تعد صالحة أو فعالة لاحتواء تبعات الأزمة وإبداء مزيد من القدرة في التحكم وتوجيه سلوكات المواطنين أو ما يعرف إعلاميا بالحشد أو الجمهور الواسع نحو الهدف، وما هو مطلوب لإنقاذ المجتمع والصحة العامة بسبب طبيعة الوباء الذكي الذي تمرد على الوصفات الطبية التقليدية من أدوية ومهدئات.
حيرت هذه الوضعية الوبائية المفاجئة الباحثين والمختصين المضطرين إلى ابتكار تقنيات ووسائل غير مادية لمواجهة المد الفيروسي باعتماد لغة هادئة تخاطب القلوب والعقول، للإقناع وللاهتمام أكثر بالجانب الوقائي واحترام شروط النظافة والتباعد الاجتماعي وغيره من الإجراءات البسيطة والسريعة لكنها فعالة، إلى جانب تفعيل المنظومة الإعلامية والاتصالية التي تبقى أداة أساسية للتوعية والتحسيس بخطورة الحالة الصحية.
وفي تعليقها على طبيعة الأزمة المتشعبة لجائحة كورونا وطرق المواجهة، دعت الباحثة المتخصصة في الإعلام والاتصال، بجامعة تيزي وزو الأستاذة زينب بوشلاغم، في اتصال مع «الشعب»، «إلى ضرورة تبني إستراتيجية اتصالية ممنهجة واضحة المعالم تستجيب لقواعد ومتطلبات تسيير وإدارة الكوارث والأزمات الكبرى التي تصيب المجتمعات الإنسانية ومنها جائحة كورونا التي مست كل بلدان العالم ومنها الجزائر، مع استغلال كافة الدعائم والقنوات الاتصالية ومواقع التواصل الاجتماعي بالصورة والصوت للتأثير على سلوك المواطن ايجابيا وتوجيهه الوجهة الصحيحة لأخذ أسباب الوقاية وتحصينه من الإشاعة والتهويل الإعلامي..
ودعت المتحدثة إلى «حتمية تغيير لغة التخاطب والتواصل الحالية مع المواطن والخروج من دائرة الاتصال الكلاسيكي الجاف الذي ثبت فشله في إدارة الأزمة المتسارعة نحو تبني إستراتيجية إعلامية جديدة مبنية على الثقة والمصداقية واعتماد مبدأ التفاعلية والآنية في معالجة الأحداث اليومية وطريقة تطور الوباء وطرق الوقاية بالارتكاز على الصورة والصوت ونقل شهادات المصابين في المستشفيات والحالات التي تعافت بعد العلاج لأخذ العبرة إلى جانب مجهودات الأطقم الطبية المتخندقة في الصفوف الأمامية لأن الصورة أبلغ من الكلام».
وفي ردها على سؤال متعلق بسبب جمود لغة التواصل الحالية وعدم التجاوب التام للمواطنين مع تدابير الوقاية والحجر الصحي وحتى التشكيك في الرواية الرسمية من قبل شريحة واسعة من المجتمع حول خطورة الوباء والأرقام المقدمة عن حصيلة الإصابات من قبل وزارة الصحة ولجنة المتابعة، ربطت الأستاذة بوشلاغم هذه المسألة بأزمة الثقة بين الطرفين، الأمر الذي ساهم في مضاعفة عدد الاصابات في الأيام الأخيرة نتيجة التراخي وعدم الالتزام التام بالتدابير الوقائية، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول طريقة معالجة هذه الإشكالية وكيفية إرجاع الثقة وتحقيق الإجماع في القضايا الحساسة والمصيرية التي تهم الجميع، وأيضا معرفة مصدر الخلل ونقص الفعالية الذي أصاب المنظومة الاتصالية والإعلامية في الجزائر بكل قنواتها.
وشدّدت الباحثة على «أهمية إشراك المواطنين وفعاليات المجتمع المدني والأشخاص الفاعلين في الأحياء والقرى واعتماد لغة تخاطب مباشرة لتقريب صورة الوباء وخطورة الوضعية الصحية في حالة الاستمرار في تجاهل دعاوى الحيطة والحذر واحترام الإجراءات الوقائية المتخذة من قبل الدولة لمواجهة هذا التحدي ومحاولة الخروج بسلام وبأقل الأضرار، وقالت في هذا الخصوص «إن الجزائر تواجه أزمة حقيقية لا يمكن الاستهانة بها أو مجابهتها بجهود طرف واحد، بل يجب إشراك جميع الخيّرين من أبناء الوطن كل في مكانه دون إقصاء وإبداء مزيد من المرونة والشفافية في التعامل مع ملف كوفيد 19 لرفع غطاء الضبابية لدى المواطن خاصة لدى الفئات الاجتماعية والمهنية المتضررة من الحجر.