طباعة هذه الصفحة

الخبير بريش يقترح آليات لاحتواء السوق الموزاية

التعجيل بإرساء آليات للحوكمة الاقتصادية

فضيلة بودريش

قدّم عبد القادر بريش في تصريح خصّ به «الشعب» سلسلة من المقترحات لاحتواء السوق الموازية، كخطوة مهمة من أجل بداية إصلاح قطاعات حيوية، مثل المنظومة المصرفية والجبائية، وإضفاء الجاذبية على مناخ الأعمال عن طريق استئصال البيروقراطية. مقترحا فرض تسهيلات في التعاملات المصرفية والسهر على عصرنتها وتحديثها.

قال عبد القادر بريش، الخبير الاقتصادي، إن بروز ونمو وتطور السوق الموازي بدأت منذ عقد التسعينات من القرن الماضي، أي مع بداية الانفتاح الاقتصادي وظهور القطاع الخاص، وبالتالي تراجع دور الدولة في المجال الاقتصادي. وفتحت على إثر ذلك السوق على الاستيراد غير المنضبط، مما ساعد على تفشي ظاهرة استئجار السجلات التجارية في عملية الاستيراد.
في خضم كل ذلك يعتقد الخبير أنه لم تتمكن الدولة من تنظيم الاقتصاد في تلك الفترة التي كانت صعبة سياسيا واقتصاديا وأمنيا، كونها كانت منشغلة بمكافحة الإرهاب. وكان شغلها الشاغل الحفاظ على مؤسسات الدولة واستمراريتها، بالإضافة إلى فشل السياسات المنتهجة في تنظيم الاقتصاد وضبط وتحديد دور القطاع الخاص.
وتحدث بريش عن تشكل بعض اللوبيات ورجال أعمال كانوا قد وضعوا أيديهم على الموارد الاقتصادية، من دون تسديد الضرائب، وهذا ما قابله اتساع ونمو قطاع غير رسمي، علما أن التقديرات تشير إلى أن حجم الاقتصاد غير الرسمي يمثل 50% من الاقتصاد الوطني، وبلغ حجم أعماله سقف 5000 مليار دينار.
أما فيما يخص إجراءات استرجاع الأموال الموجودة خارج الدائرة الرسمية، والمتداولة بطريقة غير قانونية ومازالت تهدد الأمن الاقتصادي للدولة، دافع الخبير، في ظل وجود عدة مقاربات لاحتواء هذه السوق غير القانونية، عن تبني المقاربة الاحتوائية من خلال جملة من الإصلاحات لتنظيم الاقتصاد وضبط ممارسة الأعمال والأنشطة التجارية، بالإضافة إلى أهمية طرح تحفيزات وتشجيع أصحاب الأموال خارج الدائرة الرسمية بالانخراط والتدفق نحو مسار البنوك، مشددا على ضرورة التعجيل بإرساء إصلاحات ضريبية وتبسيط عبر تخفيف النظام الجبائي.
ويبقى التحدي الكبير بالنسبة للخبير بريش، تقديم تحفيزات مصرفية وتسهيل عملية إيداع الأموال بالمؤسسات المصرفية وفتح الحسابات في البنوك، ورافع لأجل تسريع تعميق التعامل بالصيرفة الإسلامية وفتح شبابيك بهذه الخدمة في مختلف البنوك العمومية والتجارية، ويرى بريش أنه حان الوقت لعصرنة وسائل الدفع الالكتروني، وتوسيع نطاقه وفرض الزاميته في العديد من التعاملات المالية والتجارية، وفرض إلزامية الفوترة والدفع بواسطة «الصك» والتحويلات المصرفية. ومن الإصلاحات التي ينبغي أن تكون في صدارة الاهتمام قال بريش إضفاء الشفافية في مختلف المعاملات المالية والعقارية ورقمنة إدارة الضرائب وقطاع الحفظ العقاري وأملاك الدولة. ووجه الخبير انتقادات لاذعة للبيروقراطية التي تنفر الاستثمار في ظل غياب آليات الحوكمة الاقتصادية، لأن الظرف يتطلب بروز طبقة من رجال أعمال حقيقيين لاستحداث الثروة وترقية نمو الاقتصاد الوطني.