في ظل الارتفاع القياسي لأعداد المصابين بفيروس كورونا «كوفيد 19»، تسيطر حالة من الهلع والتوتر على التلاميذ المقبلين على امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والثانوي، الذين يتعين عليهم العودة مجدداً إلى المدارس، أوت الداخل، وتباينت آراء التلاميذ وأوليائهم بين معارض تماما لفكرة العودة لمقاعد الدراسة، وإجراء الامتحانات في هذا الظرف الصحي الخطير، وبين مؤيد للقرار شرط التقيد الصارم بإجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي.
مع اقتراب موعد الالتحاق بمقاعد الدراسة لإجراء المراجعة الخاصة بامتحان شهادة التعليم المتوسط تسود حالة من القلق وسط الأولياء، لاسيما مع الارتفاع الرهيب في عدد الحالات في الأيام الأخيرة، الذين أكدوا في حديثهم مع «الشعب» ان إرجاء هذه الامتحانات وتغيير موعدها في الوقت الحالي اجراء حتمي.
من الناحية البيداغوجية، يرون ان اجراء امتحان مصيري يحتاج إلى ترتيبات وجدولة من قبل الوزارة في إطار تحديد الدروس المقرر إجراء الامتحانات فيها، وتقديم ساعات مراجعة قبيل الاختبارات المصيرية، وفي الظرف الصحي الحالي، فإن العديد من الأولياء لن يجازفوا ويعرّضوا صحة أبنائهم للخطر حتى ولو كان الامتحان مصيريا.
وقالت «نعيمة. ب»، والدة التلميذة رفيدة المقبلة على اجتياز شهادة التعليم الأساسي، إنها لن تسمح لابنتها الالتحاق بمقاعد الدراسة، أوت القادم، لاستئناف المراجعة، تحسبا لـ «امتحان شهادة التعليم الاساسي»، على اعتبار أن «تأجيله لوقت لاحق ممكن، لأن صحة الأبناء هي الأهم في الوقت الراهن»، لافتة إلى أن ابنتها تشعر بتوتر وضغط نفسي كبيرين، لتخوفها من انتقال العدوى إليها، خاصة وأنها لم تغادر المنزل، منذ فرض الحجر المنزلي في مارس الفارط.
وأضافت المتحدثة إن قرار العودة في الوقت الحالي مرهون بانخفاض عدد الاصابات وان حدث العكس فإن تأجيل الامتحان هو الحل الأنسب للجميع.
وأكد «توفيق ك.»، ولي أمر «نوح ك،»، ان المخاوف من انتشار الوباء في الوسط المدرسي، واحتمال تفشي الفيروس بين التلاميذ قائم، وعلى الحكومة وممثلي النقابات وأولياء التلاميذ أخذ الموضوع على محمل الجدّ، إذ يتوقف الوضع على التحكّم في انتشار العدوى، ووقتها يمكن الحديث عن مباشرة الدراسة أو استمرار تعليقها.
بكالوريا اختياري مطلب الطلاب وأوليائهم
بدورهم الطلبة المعنيون باجتياز امتحانات شهادة البكالوريا هم الآخرون أبدوا هواجس كبيرة من قرار العودة الى مقاعد الدراسة وإجراء الامتحان، خاصة وان الظرف استثنائي، على حد قولهم، وفيروس كورونا لازال يصيب المئات من الأشخاص يوميا، ما يزيد من ثقل ذلك العبء المعتاد. فالممتحن عند إجراء امتحان مصيري يكون قلقا غالبا مما قد يجده في ورقة الأسئلة، لكن هذه المرة هناك قلق إضافي يتمثل في خطر العدوى من الفيروس.
وعلى هذا الأساس، طالبوا الجهات المعنية بحل حاسم يرضي جميع الاطراف حيث اقترح البعض جعل امتحان البكالوريا اختياري لمن يرغب اجتيازه، مع احتساب معدل الفصل الأول والثاني وتخفيض معدل القبول في الجامعات والمدارس العليا.
وأبدى الأولياء مخاوف من قرار العودة. وفي هذا الشأن يقول عز الدين، والد الطالبة شهيناز التي تدرس بثانوية احمد زبانة بحسين داي « يجب مراعاة نفسية التلاميذ المتدهورة جراء انتشار الفيروس، ابنتي تعاني من الخوف من انتقال العدوى إليها، سواء من زملائها أو المراقبين أو غيرهم من العاملين المنخرطين في عملية تأطير الامتحانات».
ويضيف عزد الدين «إضافة الى التخوف من التقاط العدوى، فإن الممتحنين سيتأثرون نفسيا، جراء التحاقهم قبل موعد الامتحان بساعتين، من أجل إتمام إجراءات التعقيم وقياس درجة حرارة الجسم، ما يمثل عبئا بدنيا ونفسيا إضافيا.
ويرى كريم والد الطالب «عماد س.»، أنه من الأفضل تأجيل الامتحانات، إلى ما بعد شهر سبتمبر، وان أمكن الغاء الامتحان الى غاية انخفاض الأعداد المسجلة للمصابين بالوباء، على أن يبدأ العام الدراسي المقبل، في شهر ديسمبر، ويجري تمديده لمدة شهر إضافي أو أكثر لتجاوز هذه المشكلة.
خيار تأجيل الامتحانات
وفي هذا الصدد، قالت حسينة والدة الطالب بلال «لقد مل التلاميذ من الانتظار والمذاكرة، ومهما كانت النتيجة فهم يرغبون في الانتهاء من الامتحانات»، وذهبت الى حد اقتراح عدم الذهاب لاجتياز الامتحانات على ابنها حفاظا على سلامته، لكنه رفض»، من جانبه قال بلال «عانيت ضغطا كبيرا خلال هذه السنة، ولست مستعدا لتمديد هذا الضغط سنة إضافية.
بالمقابل ترى فئة كبيرة من الطلاب وأوليائهم، ان قرار اجراء الامتحان مرهون بقرار اللجنة العلمية المختصة برصد وباء كورونا، والتزام السلطات بفرض إجراءات وقائية صارمة، مع تحقيق التباعد الاجتماعي بين الطلاب في مركز الامتحانات حفاظا على سلامتهم.