طباعة هذه الصفحة

قصة للأطفال

قلم أسامة السّحري

القاصّة: أمنة كيموشي

بدأت الآنسة ميساء يومها بجد ونشاط، حتى أنها وصلت إلى القسم قبل الوقت المحدد. كان ذلك أول يوم لها كمدرّسة في مركز لرعاية الأطفال الأيتام، وكانت جد سعيدة بهذا العمل الذي يجمع بين حبّها للتدريس ولممارسة العمل الخيري في آن واحد. أرادت في أول حصة لها أن تروي للأطفال قصّة تحفيزيّة تبعث فيهم الأمل ،وتحثّهم علي حب العلم والتعلم.
أعزّائي الصّغار، سأروي لكم اليوم قصّة شيّقة عن طفل صغير اسمه أسامة.
كان أسامة ولدا في غاية الذكاء؛ يحب مدرسته كثيرا ويتابع دروسه باهتمام وشغف بالغين. كان لأسامة حلم جميل بأن يصبح عالم أحياء في المستقبل، وكان يؤمن بنفسه وبقدرته على تحقيق حلمه رغم ظروفه المعيشية الصّعبة، فقد كان يعيش في قرية نائية ويقطع مسافات طويلة كل يوم سيرا على الأقدام ليلتحق بالحافلة التي تقلّه إلى المدرسة. وفي يوم من الأيام، خرج أسامة من منزله مسرعا كعادته، فالطريق طويل والحافلة لا تنتظر أحدا، لكن الولد المسكين تعثّر فتمزّق حذاؤه الوحيد الذي لا يملك غيره. قصد أسامة محل الاسكافي حافيا ممسكا بفردتي حذائه؛ صلح العم فريد الحذاء بسرعة ودعا لأسامة بالتوفيق والنجاح. تابع الولد طريقه بأسرع ما يمكن، ولكن الحافلة قد غادرت قبل وصوله بدقائق معدودة. حزن أسامة حزنا شديدا ونال منه التعب، فاتكأ برأسه الصغير على جذع شجرة وغفا هنالك متوسّدا أحلامه الكبيرة، رأى في منامه امرأة حسناء بجناحين كبيرين أشد بهاء من أجنحة الفراشات، اقتربت منه الحسناء وقالت بصوت ملائكي:
«اقبل منّي هذا القلم يا أسامة، واكتب كل ما تحلم به وتتمناه في قرارة نفسك، واعلم يا صغيري أنّ المفعول السحري لهذا القلم إنما هو شعلة تتوهّج وتنطفئ بمقدار إيمانك بقدراتك وتمسّكك بأحلامك».
استيقظ أسامة من غفوته ليجد بجانبه قلما ذهبيا رائع الجمال، وضعه في محفظته وقصد المدرسة سيرا على الأقدام لعله يدرك الحصص المسائية. ومنذ ذلك اليوم، عكف أسامة على كتابة أحلامه الصغيرة منها والكبيرة، وكان يحقّق كل أهدافه لا بمفعول السّحر، وإنما بقوة ثقته بنفسه وبمثابرته على العلم والتعلم دون كلل أو ملل.
أنهت الآنسة ميساء عملها وسارعت لحضور اجتماع بداية السنة الدراسية، ورغم تعبها الشّديد فرغبتها في التعرف على صاحب مشروع دار الرعاية كانت أشد، خاصة بعد أن أخبرها زملاؤها بأنّ السيد أسامة رجل باحث كثير السّفر وشديد الانشغال، وبالكاد يجد الوقت لزيارة الدار مرة أو مرتين في السنة.