اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّه من الأهمية أن تضع أوروبا يدها، بشكل مباشر، على الملفّات الجيوسياسية في منطقة البحر المتوسط كي يكون مصيرها بين يديها وليس بين أيدي «قوى أخرى».
في كلمة إلى القوات المسلّحة عشيّة العيد الوطني الفرنسي، قال ماكرون، إنّ «منطقة البحر الأبيض المتوسط ستشكّل تحدّي السنوات المقبلة، إذ إنّ عوامل الأزمات التي تتّحد فيها عديدة: نزاعات على مناطق بحرية، مواجهات بين دول مشاطئة، زعزعة استقرار ليبيا، الهجرة، التهريب والوصول إلى الموارد».
ولفت ماكرون إلى «لعبة قوى جديدة»، شدّد على «وجوب أن تعيد أوروبا تحديد دورها ومكانتها هناك، من دون سذاجة ومن دون تهاون».
وأضاف أنّه «لا يمكن لمنطقة البحر الأبيض المتوسّط أن تبني سلاماً دائماً من دوننا، ولا يمكننا أن نقبل بأن تبني قوى أخرى مستقبلنا». وشدّد ماكرون على أنّ وضع «سياسة أوروبية حقيقية للبحر الأبيض المتوسط» هو أمر «ضروري وملحّ».
ولا تنفكّ الأزمات تزداد حدّة وتعقيداً في حوض البحر المتوسّط، من تفاقم الأزمة في ليبيا، حيث ألقت كلّ من تركيا وروسيا بثقليهما في النزاع الدائر منذ سنوات في هذا البلد، إلى التوتّرات المتصاعدة بين دول شرق المتوسط على موارد الطاقة، إلى أزمة الهجرة غير الشرعية والاتّجار بالبشر...
وأوضح الرئيس الفرنسي أنّه «في ما يتعلّق بليبيا، أودّ هنا أن أكرّر أنّ استقرارها أساسي لأمن أوروبا ومنطقة الساحل. ولهذا السبب، أدعو إلى الاستئناف الفوري للمفاوضات ولحوار سياسي، بغية التوصّل إلى وقف لإطلاق النار. يجب وضع حدّ لتدفّق كميّات هائلة من الأسلحة والمرتزقة إلى هذا البلد».
وندّدت فرنسا مراراً بالتدخّل التركي في الأزمة الليبية، وقد تصاعدت التوترات بين باريس وأنقرة، ولا سيّما بعد وقوع حادث بحري بين سفينتين حربيتين فرنسية وتركية.
وأعلن، الإثنين، رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فرنسوا لوكوانتر في مقابلة مع صحيفة «لوموند» أنّه «إذا لم يكن هناك خطر للانزلاق (إلى نزاع) مع الأتراك، فبالمقابل، نحن بكل وضوح في حالة تصعيد، إذ إنّ المواضيع الخلافية كثيرة» بين البلدين.
وفي نهاية جوان فتح حلف شمال الأطلسي تحقيقاً بعد اتّهام وجّهته باريس لأنقرة بقيام زورق حربي تركي بـ «عمل عدواني للغاية» تجاه الفرقاطة الفرنسية «كوربيه» التي كانت تشارك، في إطار عملية «إيريني» الأوروبية في البحر المتوسط، بتفتيش سفينة شحن يشتبه في نقلها أسلحة إلى ليبيا.
وأوضح رئيس الأركان الفرنسي أنّه «بعد حادثة كوربيه في البحر الأبيض المتوسط، تحاول فرنسا، مع الأوروبيين أن يكون موقفها أكثر صرامة في مواجهة انتهاكات القانون الدولي من قبل الأتراك، وعلى الأرجح فإنّ تركيا ستردّ».
من جانبها تتّهم أنقرة، باريس بتأجيج النّزاع في ليبيا من خلال انحيازها إلى طرف على حساب آخر. يذكر أنّ كلا البلدين عضوين في الحلف الأطلسي «النيتو».