طباعة هذه الصفحة

الدّكتور بلال عوّالي لـ «الشعب»:

تنويـع مصـادر النّمـو والاستثمـار

فتيحة كلواز

أكّد الخبير الاقتصادي، الدكتور بلال عوالي، أنّ الخطّة الوطنية للإنعاش الاقتصادي تضمّنت إصلاحات هيكلية لإعطاء قطاع المناجم والصناعة التحويلية والتكريرية الدور الأساسي في بناء اقتصاد متنوّع، بالاعتماد على الرقمنة لمنع أي تهرّب ضريبي أو جبائي، ما يبعد عنه شبح الفساد الذي نخر فيه لسنوات طويلة، مع إعطاء القطاع الخاص الدور المنوط به خاصة في مجال التوظيف وخلق مناصب شغل جديدة، موضّحا أنّ تعليمات رئيس الجمهورية تؤكّد أنّ الجزائر الجديدة لا تقبل إلا بسيادة كاملة على ثرواتها.
اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور بلال عوّالي، في اتّصال مع «الشعب»، أنّ خطّة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي بمثابة خارطة طريق لبناء سياسة عامة تبنى على أسس اقتصادية بحتة سبقتها تعديلات وزارية، تضمّنت إصلاحات هيكلية ضمّت مختلف الوزارات الفاعلة في الشأن الاقتصادي على غرار فصل وزارة المناجم عن وزارة الطاقة، استحداث وزارة الطّاقات المتجدّدة، إضافة إلى إلغاء الوزارة المنتدبة للفلاحة الصّحراوية، كل هذه التعديلات كشفت عن ملامح واضحة لاتجاه الجزائر نحو اقتصاد مبني على طلاق لا رجعة فيه بين الاقتصاد الريعي واقتصاد الجزائر الجديدة.
وفي قراءته الخاصة لاجتماع مجلس الوزراء حول الخطة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، قال عوّالي إنّ رئيس الجمهورية أعطى الأولوية لقطاع المناجم بحكم بحثه عن إصلاحات هيكلية في هذا القطاع، الذي كان في السابق ملفا ثانويا في بعض الوزارات على غرار وزارة الصناعة أو الطاقة، رغم ما تزخر به الجزائر من طاقات معدنية كبيرة، لذلك لم يعط الأهمية له كما هو معلوم أن الجزائر تزخر بطاقات معدنية كبيرة.
وقال عوّالي إن وزارة المناجم ستقوم بدور هام وجديد من خلال استكشافها لمختلف المناجم الموجودة في الجزائر، بوضع دفتر شروط خاص بكيفية استخراج هذه المعادن، بالاعتماد على إقامة بنية تحتية نقلية لتوفير مختلف المستلزمات بغية تحقيق هذه المشاريع، بالإضافة إلى معرفة مختلف الأراضي النادرة، وقال إنّ ثروة مثل المياه الجوفية إن استعملت في صقل هذه الأراضي التي تتوفر على ثروات معدنية خاصة جدا سيمكّن الجزائر من تحقيق اكتفاء ذاتي والتصدير إلى الخارج.
وفي السياق نفسه، كشف أنّ رئيس الجمهورية من خلال هذا الاجتماع أعطى دعما كبيرا للصناعات التحويلية في قطاع المناجم، لتجاوز الإشكال الذي عرفته الجزائر من قبل في قطاع البترول، حيث كانت تصدر المادة الخام الى الخارج وتستورد البترول المصنع أو نصف المصنع ما يكبّد الخزينة العمومية خسائر كبيرة، فالتعويل على قطاع المناجم في الخطة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي مرتبط بتجربة الجزائر في قطاع النفط والطاقة، لذلك ستكون نظرة مختلفة ومغايرة تقوم على تصنيع الثروات المعدنية من خلال دعم الصناعات التحويلية.
واستغلال منجمي غار جبيلات بورقلة وغار امزور ببجاية يندرج في سياق التحول الاقتصادي، خاصة وأن غار جبيلات له ثروة كبيرة من الحديد إن استغلّت بطريقة ناجعة تستطيع الجزائر تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، وكذا تقديم الدعم إلى مجمّع الحجار.
وفي هذا الإطار، قال عوّالي إنّ الجزائر ستعتمد على خبرات أجنبية في قطاع المناجم الذي كان غير مستغل في السابق، بل أكثر من ذلك استغل لمصالح دول أخرى.
الجزائر تملك أكثر من 500 منجم للذهب جعلها التهريب في خدمة دول أخرى، يجب الاعتماد على خبرات أجنبية لتطوير هذا المجال كالصين التي لها باع طويل في هذا المجال وأستراليا وجنوب إفريقيا، وهي دول متطورة في قطاع المناجم لاستخدامها تكنولوجيا متقدمة في عمليات الاستكشاف والاستخراج، لذلك سيكون هناك دفتر شروط قائم على الربح المتبادل، ودفتر شروط استكشافي لمعرفة مختلف الأراضي النادرة، لأن معرفتها تتم بالمسح الجيولوجي، وهي تقنية تتطلب تكنولوجيا عالية، لا تملكها الجزائر التي ما زالت تتعامل بالطرق التقليدية، ما اعتبره الخبير الاقتصادي رسالة واضحة من رئيس الجمهورية تؤكّد أنّ سيادة الجزائر كاملة على كل ثرواتها.
وقال المتحدّث إنّه ستكون هناك اتفاقات بين وزارتي المناجم والطاقات المتجدّدة بحكم أنّ قطاع المناجم قطاع شره للطاقة، كما أنّ استعمال الطاقات المتجددة في استخراج هذه الثروات المعدنية سينعكس بالإيجاب على النمو الاقتصادي.
وأكّد عوّالي أن الصّناعة مطالبة بعرض دفتر الشروط الخاص بتركيب السيارات في الاجتماع الوزاري، معتبرا ذلك رسالة واضحة من رئيس الجمهورية للانتقال الى مرحلة التنفيذ.

الرّقمنة لمنع التّهرّب الضّريبي

عن إلغاء الذهنيات البيروقراطية، قال الخبير الاقتصادي إنّه لابد من التوجه إلى التعويل على القطاع الخاص في التوظيف وخلق مناصب جديدة، فيجب أن يتخلى الجزائري عن الذهنية السّائدة بأنّ التوظيف يكون فقط في القطاع العام لأنه مضمون، لأن في الاقتصاديات الكبرى يكون للقطاع الخاص دور في أي مشروع تتبنّاه الدولة خاصة في مجال التوظيف.
وصرّح أنّ الاقتصاد الذي تطمح الجزائر الجديدة الى تحقيقه قائم على نبذ التهرب الضريبي والفساد، وكل ما له علاقة بعرقلة القطاع، ونجاحه مرهون بالاعتماد على الرقمنة وربطها مختلف القطاعات بشبكة رقمية واحدة، فترسيخ الرقمنة هو ضمان لعدم وجود تهرب ضريبي أو جبائي أو جمركي، وهو أفضل طريقة للوقوف في وجه الفساد الذي يعتبره المختصّون حجر عثرة أمام الاقتصاد الوطني.