أثارت التّصريحات المتعلقة بانتقال فيروس كورونا التاجي عبر الهواء الكثير من الجدل، وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد ارتفاع عدد الإصابات ليحسم المختصّون الأمر، وعلى رأسهم الدكتور محمد ملهاق، بيولوجي سابق بمخابر التحليلات الطبية وباحث في علم الفيروسات، الذي قال إنّ النظريات المتفق عليها علميا بخصوص انتقال الفيروس عن طريق الرذاذ ولمس الأسطح الملوّثة وتفشّيه في الأماكن المزدحمة والمغلقة وانتقاله جوّا، طرحٌ بحاجة إلى إثبات.
أوضح الباحث في علم الفيروسات الدكتور محمد ملهاق، في تصريح لـ «الشعب»، أنّ فرضية انتقال كورونا عبر الهواء، والتي جاء بها مجموعة من الباحثين في أوروبا تبقى بحاجة لإجراء المزيد من البحوث للتحقيق في مثل هذه الحالات، وتقييم أهميتها لانتقال فيروس كورونا، مشيرا إلى أن البحوث حول كيفية انتشار الفيروس بحاجة إلى إثبات من جهات علمية أخرى.
وأضاف ملهاق في تحليله لوضعية الفيروس، أنّ جينات كوفيد 19 تغيّرت، وأصبحت سريعة الانتشار، لكن أقل خطورة مقارنة مع عدد الوفيات وحالات الشفاء، مشيرا إلى أنّ تفسيره العلمي يقول: «الفيروس المستجد يعرف تغيرا جينيا يتميز بسرعة الانتشار، أي أصبح أكثر شراسة»، ما يعني أن التغير في طفراته أحدث خاصيتين وهما التفشي السريع وقلة تأثيره، مقارنة مع بداية ظهور الوباء.
وأثبتت البحوث العلمية - حسب الباحث في علم الفيروسات - أنّ تغيّر صيغته الجينية يؤثّر على خصائصه المتغيّرة، ولا يمكن معرفتها أو إثباتها لأن الفيروس جديد، لكن المؤكّد أنّ الوباء ينتشر من خلال ملامسة الأسطح الملوّثة أو الاتصال مع الأشخاص المصابين الذين ينشرون الفيروس من خلال اللعاب أو الإفرازات التنفسية، أو القطرات التي يتم إطلاقها عندما يسعل شخص مصاب أو يعطس أو يتحدّث مع الآخرين، وهنا يبرز دور الكمامة والتباعد الجسدي في حماية الأشخاص من العدوى.
وعن شراسة الفيروس التاجي، قال الدكتور إنّ التّغييرات الأخيرة أثبتت أنّه أصبح أكثر شراسة، ويمكن أن تقل أو تزيد سرعة انتشاره ولا يمكن الجزم بذلك، غير أنّ المعادلة العلمية تقول: «تغيّر الصّيغة الجينية يساوي العدوى زائد درجة الخطورة»، هذا ما تعيشه الجزائر اليوم، وتمّ فهمه عكس ما توصّل إليه الاختصاصيّون.
ودعا الأخصائي إلى الابتعاد عن التّهويل والالتزام بالتدابير الوقائية، موضّحا أنّه لا يوجد الكثير من الأدلة القوية حتى الآن على انتقال فيروس كورونا عبر الهواء، غير أنّها قد تؤكّد مستقبلا، مضيفا أن هذا ما يدفعنا لمطالبة الجميع بارتداء القناع الطبي واحترام سياسة التباعد الجسدي.
وبخصوص الذهاب نحو الحجر التام، قال ملهاق إنّ اللجنة العلمية المختصة بدراسة الوضعية الوبائية هي من تحدد ذلك، لكن غياب الوعي وروح المسؤولية الملاحظة ميدانيا يستلزمان إجراءات صارمة ومشدّدة.