أكّد رئيس المجلس الشّعبي الوطني، سليمان شنين، دعم مسار التغيير الجذري الذي باشره رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بما يتماشى وتطلّعات الشعب الجزائري، ولفت إلى أنّ التوجه الجديد للجزائر لا يرضي «لوبيات الاستعمار الفرنسي».
قال شنين إنّ الدورة البرلمانية التي يسدل الستار عنها، «كانت مميّزة بالنظر إلى السياقين الوطني والدولي اللذين عرفا أحداثا غير متوقّعة»، وأوضح أن نواب المجلس الشعبي الوطني كانوا «ملزمين بالتكيف وتحمّل المسؤولية طيلة سنة تشريعية كاملة».
وأمام الوزير الأول عبد العزيز جراد وأعضاء من حكومته وعدد من النواب، أشاد بالحدث التاريخي البارز الذي عرفته البلاد بمناسبة الذكرى 58 للاستقلال، والمتمثل في استرجاع رفات شهداء المقاومة الشعبية، وقال: «إنّ الفرحة كانت عارمة بعودتهم إلى أرض الوطن ودفنهم في تراب أرض حلموا بتحريرها».
وبالنسبة له، فإنّ استرجاع جماجم رموز المقاومة تزامن مع مشروع بناء الجمهورية الجديدة»، وما يقتضيه من مقاومة الفساد والاستبداد والرؤية الأحادية، وتكريس ثقافة المشاركة والحوار والتعاون والتآخي».
وأضاف أنّ «المشروع يقوم أيضا على مقاومة الأنانية والأحادية والتبعية والاستمرار في تجسيد وتثبيت مسار الاستماتة في الدفاع عن السيادة الوطنية والاستقلال سياسيا واقتصاديا وثقافيا ودبلوماسيا».
وفي ردّ غير مباشر على تصريحات زعيمة اليمين المتطرّف بفرنسا، قال شنين: «التوجه الجديد للجزائر لم ولن يرضي اللوبي الاستعماري وأذياله، والمستمر في مواقفه المخزية والمتطاولة على الأحرار أحفاد المجاهدين الشرفاء».
وأكّد أنّ ما يصدر عن لوبيات بقايا الاستعمار وأذنابه لن «تزيد شعبنا إلاّ إصرارا على مسار المطالبة بكل ما يمكنه أن يريح شهداءنا وينصب ذاكرتنا التّاريخية».
دولة المؤسّسات
على الصعيد السياسي، قال شنين إن المجلس الشّعبي الوطني في الدورة المنقضية، «واكب حراك الشّعب المبارك ومطالبه المشروعة في ضرورة تحقيق دولة القانون والحرية والعدالة والتغيير».
وأفاد بأنّ «دولة المؤسّسات والسّيادة الشعبية، ودولة تنهي عقودا من الجهوية والمحسوبية واللاّقانون وتحقّق فيها المساواة»، من بين المطالب التي «كانت وستبقى البوصلة الحقيقة في مسار عمل المؤسسات الدستورية»، ومن بينها المجلس الشعبي الوطني.
وذكّر بانحياز الغرفة السفلى للبرلمان في المرحلة الماضية، وانتصارها إلى أولوية التّشبث بالمسار الدستوري، «رغم كل الضغوطات»، وإلى مسار إجراء الانتخابات الرئاسية التي «كنت محطة مهمة وجوهرية أفرزت رئيسا منتخبا شعبيا وفق منظومة قانونية جديدة كانت مطلبا لقوى المعارضة لفترة زمنية كبيرة».
وعبّر شنين، عن الاستعداد الدائم للمجلس الشّعبي الوطني، كمؤسّسة دستورية، للتعاون والانسجام مع باقي المؤسسات، والمساهمة في الحل والتهدئة لا التأزيم والتعطيل.
وتوجّه بالتّحية والتّقدير «للجيش الوطني الشّعبي نظير جهوده في الحرص على دماء الجزائريين والتمسك بالحلول الدستورية والاستمرار في حماية الدولة».
وسجّل المتحدّث، «إرادة ورغبة سياسية واضحة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، للتكفل بكل الانشغالات الوطنية دون أي موازنات إلا خدمة الشعب والاستقرار والأمن والتنمية في البلاد».
وثمّن إقدام رئيس الجمهورية على المضي قدما في تنفيذ مسار الإصلاح السياسي، دون التحجّج بواقع وباء فيروس كورونا، ولمس «إرادة واضحة في التعامل الإيجابي مع مقترحات القوى الوطنية المختلفة حتى تتمكّن الجزائر من إعداد دستور للجمهورية بعيدا عن الشّخصنة والظّرفية والمزاجية».
وأكّد شنين أنّ الدستور المقبل الذي يتطلّع إليه الشعب الجزائري لا يمكن سلخه عن «عناصر الهويّة وقيم شعبنا الثّابتة غير القابلة للتجاوز أو المناورة أو الابتزاز أو المتاجرة».
حصيلة
في كلمته، استعرض سلميان شنين الحصيلة البرلمانية للمجلس الشعبي الوطني في الدورة العادية المنقضية، وقال إنّه تمّت مناقشة والتّصويت على 18 مشروع قانون، أهمّها «مشاريع القوانين العضوية المتعلّقة بسلطة الانتخابات، نظام الانتخابات، المحروقات، مشاريع قوانين المستخدمين العسكريين، المالية 2020 والمالية التكميلي 2020 والتنظيم الإقليمي للبلاد، واعتماد 08 ماي يوما وطنيا للذاكرة».
وذكر بمناقشة مخطط عمل الحكومة، في جلسة شهدت 271 تدخّل للنواب «سارت في مجملها في اتجاه تدعيم المسعى الوطني لبناء جمهورية جديدة، والتحذير من تكرار الأخطاء والممارسات السّلبية».
وأشار شنين إلى تنظيم المجلس «لأوّل مرة في التّاريخ»، جلستين للفصل في طلبات رفع الحصانة على نواب جرت متابعتهم من قبل العدالة.
ولم يغفل رئيس المجلس الشعبي الوطني، دور الدبلوماسية البرلماني في فضح وإسقاط مغالطات البرلمان الأوروبي، ومحاولته عرقلة مسار الإصلاحات والتّحوّلات التي عرفتها البلاد.
وعبّر عن دعم المجلس القوي للسياسة الخارجية للدولة، خاصة ما تعلّق بأولوية الحل السياسي للأزمة في ليبيا، مؤكّدا أنّ المساعي التي يقوم بها رئيس الجمهورية « لا لبس فيها ولا غموض لكافة الأطراف الليبية والإقليمية والدولية، وخلاصتها أنّه لا مفر من الحوار والمصالحة».
في المقابل، نوّه شنين بالتدابير الاستباقية التي اتّخذها رئيس الجمهورية لمواجهة تفشي وباء كورونا، وأكّد دعمه لجهود الأطباء والممرضين وكل القطاعات المنخرطة في عملية تطويق الوباء والقضاء عليه.