يتطلّع فلاّحو ومربّو الأبقار في مناطق متفرقة من ولاية معسكر لاسيما في مناطق الظل المتواجدة بجبال سعيدة، إلى ربطهم بشبكة الكهرباء الريفية، هذه الطاقة الضرورية التي تساهم بشكل كبير في تسيير شؤون الفلاحين وحياتهم اليومية، لم تصل لسكنات الفلاحين الذين استقرّوا قبل سنوات في أراضيهم الفلاحية بعد استفادة أغلبهم من إعانات البناء الريفي وآليات الدعم الفلاحي.
يرفع هؤلاء التحدي في ظروف صعبة بات من الضروري تذليلها من أجل تكامل معالم التنمية التي غطت الولاية ذات الطابع الفلاحي، واستثنوا منها بسبب عوامل إدارية تتحمّلها الجهات الوصية وعلى رأسها السلطات البلدية التي لم ترفع انشغالات الفلاحين، ولم تحص إحتياجاتها من الكهرباء الريفية لمصالح الطاقة بالولاية، ومعه تعذّر علاج انشغالات الفلاحين في مناطق الظل، وفق ما تتطلّبه ظروف وإجراءات تسجيل أي مشروع تنموي من شأنه رفع الغبن عن هذه الفئة، التي يرتبط تحسين مستواها المعيشي وتطوير ظروف نشاطها الزراعي بالآفاق الاقتصادية المحلية والإنتاج الفلاحي.
«الشعب» تقرّبت من الفلاحين المتموقعين في ضواحي بلدية البنيان، وبالتحديد بدواوير أولاد بوعزة، أولاد عيسى والبخاخرة كعيّنة لتوضيح حجم معاناة الفلاحين بالناحية الجنوبية من إقليم ولاية معسكر، حيث تتواجد مستثمرات فلاحية مستغلة في تربية الأبقار والمواشي والنشاطات الفلاحية الأخرى، فبالرغم من تحسّن الوضع هناك من خلال ما لاحظناه من تطور النشاط الفلاحي جراء آليات بعث الحركية التنموية في الأرياف، والاستفادة من الدعم الفلاحي، السكن الريفي، شق الطرق والمسالك الريفية، إلاّ أن بعضهم لا يزال يكافح بين التكفل بشؤون أسرته وممارسة النشاط الفلاحي، على غرار السّعي لاقتناء البنزين لمولدات الكهرباء والتنقل لذات الغرض مسافات طويلة، وما يترتّب عنه من إزعاج وعناء لاقتناء الطاقة البديلة للكهرباء، فهؤلاء الفلاحون يتكبّدون خسائر غير ضرورية لو توفرت الكهرباء الريفية في مستثمراتهم الفلاحية.
كما يلجا أغلب الفلاحين الذين لا تتوفر لديهم الإمكانيات المادية اللازمة، إلى الربط غير الشرعي بالكهرباء من جيرانهم بالمستثمرات القريبة أو الإعتماد على المولّدات الكهربائية في ضخ مياه الآبار وتوفير الإنارة، ناهيك عن استعمال المكننة في نشاطاتهم الفلاحية لرفع إنتاج حليب البقر، الأمر الذي يلاقيه مشكل آخر يتعلق بقلة الأعلاف وغلائها في السوق الموازية.
هذه كلها مشاكل متفاعلة ومترابطة تؤثر بسلبياتها على الإنتاج الفلاحي المحلي، وتضطر بالفلاحين إلى مغادرة أراضيهم والتخلي عن ممارسة النشاط الفلاحي، كما هو حال أغلب الفلاحين بالمنطقة الذين غيّروا نشاطاتهم وهجروا سكناتهم الريفية المبنية حديثا إلى المدن، وصاروا يزاولون التجارة.
في هذا السياق، قال مدير الطاقة بالنيابة، سنوسي أول جمال الدين، أن مصالحه رصدت برنامجا ضخما وخاصا لربط القرى والدواوير النائية بمعسكر، في إطار تثبيت السكان في أراضيهم ومكافحة ظاهرة النزوح الريفي التي كانت أسبابها فيما مضى أمنية بحتة، حيث تمّ تخصيص أزيد من 1 مليار دينار لإنجاز 141 مركز لتوليد الكهرباء لتمكين 5871 أسرة بالمناطق الريفية من الكهرباء، في وقت أطلقت فيه المصالح الفلاحية عملية إحصاء شاملة للمستثمرات الفلاحية التي لا تتوفر على الكهرباء، على حد ما صرّح به مدير الفلاحة شلالي مصطفى.