الخدمة الوطنية خزان زوّد المؤسسة العسكرية بالإطارات الكفؤة
شعارهم نموت ويحيا الوطن... على العهد باقون وللأمانة محافظون،تحيا الجزائر، إنه الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني الذي ولد من رحم معاناة الشعب الجزائري إبان الثورة، ولم ينفصل يوما عنه، استطاع أن يفرض نفسه كإدارة موازية للاستعمار في الفصل في قضايا الخصومات بين الأعراش وتقييد الحالة المدنية من عقود الزواج والطلاق والولادات وغيرها، بقي وفيا لرسالة الشهداء له عقيدة راسخة وثابتة، ساير مختلف تطورات الجزائر وكان حاضرا في أحلك الظروف، وما مرافقته للحراك الشعبي السلمي لتجنب أي انزلاق لأكبر دليل على حرص هذه المؤسسة العريقة على أمن الوطن.
الجيش الوطني الشعبي يختلف عن باقي جيوش العالم، عرف في مساره منذ الإستقلال عدة إنجازات فبعد سن قانون الخدمة الوطنية في 16 أفريل 1968 تعززت صفوفه بطاقات شبانية، وأصبحت الخدمة الوطنية خزانا يزود الجيش بالإطارات ذات الكفاءة بهدف المساهمة في التنمية الوطنية وتدعيم الجبهة الدفاعية.
معول للبناء والتنمية الوطنية
شارك شبابه في تحقيق عدة مشاريع كالمخطط الرباعي الأول ومشاريع البرامج الخاصة بتنمية المناطق الريفية والفقيرة، قصد إعادة التوازن بين المدن والأرياف والحد من ظاهرة النزوح الريفي، وعلى رأسها بناء القرى النموذجية ومختلف مرافقها الحيوية، بناء السدود الجديدة وإصلاح القديمة منها، شق الطرق، حفر الآبار ومد الأنابيب، الأسلاك وأعمدة الكهرباء والهاتف،.
يضاف الى ذلك فك العزلة عن المناطق النائية، و بناء المدارس والثانويات والجامعات في كثير من ولايات الوطن، حيث أتاحوا للأجيال الصاعدة فرصة الالتحاق بميدان التعليم، علاوة على ذلك فقد قاموا بانجاز العديد من المطارات المدنية في مختلف جهات الوطن خاصة بالمدن الجنوبية، وساهموا في شق الطرق السريعة وخطوط السكة الحديدية.
ولم تتوقف انجازات الخدمة الوطنية، فقد ساهموا في إنشاء طريق عابر للصحراء في 16 سبتمبر 1971 رغم الظروف الطبيعية القاسية في الصحراء، من أجل التعاون وتمتين الروابط مع الدول الإفريقية جنوب الصحراء.
ولعل أكبر مشروع ما تزال الأجيال تشهد عليه، هو مشروع إقامة حزام غابي سمي السد الأخضر لمكافحة زحف الرمال والتصحر نحو مدن الشمال، والذي شرع في إنجازه سنة 1971 يمتد على مساحة 3 مليون هكتار بطول قدره 160 كلم وعرض 20 كلم.
كما ساهم أفراد الجيش الوطني الشعبي في تطهير الحدود الشرقية والغربية من الألغام الممتدة على خطي شال وموريس، والتي تركها الإستعمار، حيث بلغت نحو 9 ملايين لغم، و خلفت 4830 ضحية جزائري خلال الثورة و2470 ضحية بعد الاستقلال، متسببة في نسبة عجز بـ 20 بالمائة على الأقل عن بقية المتضررين، بحسب التقرير الذي قدمته الجزائر لمنظمة الأمم المتحدة لسنة 2019 .
في المقابل حافظت المؤسسة العسكرية على دورها الأساسي وهو حماية الحدود والسهر على أمن الوطن، فقد حرصت دائما على تحديث قواتها المسلحة وعصرنتها وتجهيزها بآليات متطورة تماشيا مع التطورات الحاصلة في العالم، سواء بالنسبة للقوات البرية، البحرية أو الجوية.
وفي هذا الإطار، تم إنشاء هياكل التكوين والتدريب وإرسال البعثات إلى الدول الشقيقة والصديقة، لتتخرج من كبريات المدارس والمعاهد في مختلف التخصصات مشكلة بذلك أولى الطلائع التي ستؤطر الجيش الوطني الشعبي وتطوره تنظيما وتسليحا، وتعتبر مدرسة أشبال الثورة التي أنشئت في ماي 1963 والكلية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال في جوان 1963 من أهم الإنجازات في هذا المجال.
وتلتها إنشاء هياكل أخرى تستجيب لمتطلبات الجيوش الحديثة والتقنيات العسكرية المعاصرة، حيث أعيد إحياء مدرسة أشبال الثورة التي أصبحت تسمى بمدرسة أشبال الأمة والتي تعد مفخرة الجزائر بفضل المرحوم الفريق الڤايد صالح قائد الأركان ووزير الدفاع، حيث تخرج منها إطارات بكفاءة عالية وتكوين راق نفتقده اليوم في جامعاتنا، ما جعل الجزائريين يتهافتون على إدخال أولادهم إلى هذه المدرسة العريقة بحكم التكوين الجيد الذي تقدمه للأجيال الشابة.
وتوالت إنجازات ومواقف أفراد الجيش الوطني الشعبي و يسجل له التاريخ موقفا مشرفا، في وقوفه إلى جانب إخوانه العرب في الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1967 فحطت أول طائرة عسكرية جزائرية في مطار القاهرة، يوم 06 جوان1967، ثم وصل بعد ذلك بقليل لواء بري،التحق بالخط الأول للجبهة، كما شاركوا في حرب أكتوبر 1973، واحتل جيشنا بذلك المرتبة الثانية بعد العراق، من حيث الدعم العسكري الذي قدم لهذه الحرب.
المشاركة في العمليات الإنسانية
لم يقتصر دور الجيش الوطني الشعبي على معركتي البناء والدفاع، بل تعداه إلى المشاركة في المهمات الوطنية الكبرى، على غرار مشاركته في محو آثار «الزلزال» الذي ضرب منطقة الأصنام (الشلف حاليا) في 10 أكتوبر 1980 حيث بذل أفراد الجيش قصارى جهدهم لإنقاذ المواطنين وإخراجهم من تحت الأنقاض، وتقديم المساعدة لكل المنكوبين الذين أصبحوا دون مأوى.
والأمر نفسه قام به الجيش أثناء زلزال عين تموشنت سنة 1999، كذلك سجل الجيش حضوره أثناء الكارثة التي ألمّت بالعاصمة جراء فيضانات باب الوادي في 10 نوفمبر 2001 ، حيث سارعوا لانتشال الجثث وإنقاذ المنكوبين وإسعاف الجرحى وفتح الطرقات، وقدموا نفس المساعدة في زلزال بومرداس في 21 ماي 2003.
الصناعة العسكرية جزء لا يتجزأ من النسيج الصناعي الوطني
اقتحمت المؤسسة العسكرية بفضل إستراتيجيتها الجانب الإقتصادي، من خلال إنشاء وحدات صناعية أوكلت لها مهام تزويد الجيش الوطني الشعبي، بما يحتاجه من مستلزمات كالديوان الوطني للمواد المتفجرة ومؤسسة الصناعات الميكانيكية، ووحدة الألبسة والتأثيث ومؤسسة الملابس والأحذية، إضافة إلى مؤسسة صناعة الطائرات ذات طابع إقتصادي، تسهر على توفير حاجيات الشركاء والمتعاملين بمختلف أنواع الطائرات، كما تقدم خدمات ما بعد البيع، أعمال المراقبة، الصيانة، المتابعة التقنية والتكوين والتأهيل.
بالمقابل، سمحت الصناعة العسكرية بإعادة فتح مصانع كانت مهددة بالافلاس على غرار الشركة الوطنية للعربات الصناعية، أو مغلقة كمصنع الأحذية ببوسعادة ومصنعين للخشب بولاية خنشلة، وتسعى مؤسسة الجيش الوطني الشعبي لجلب التكنولوجيات وخلق مناصب الشغل، وذلك كله في إطار مخطط متوسط المدى للتطوير في إطار التنمية.