عادت لجنة الفلاحة والسياحة والصيد البحري والغابات للمجلس الشعبي الولائي للاجتماع مرة أخرى، مع مديري القطاعات الولائية، بعد انقطاع طويل وغياب التواصل مع انشغالات الفلاحين والمهنيين في الميدان والذين يعانون من مشاكل وصعوبات في ضمان حصتهم من السقي، رفع العراقيل الإدارية والتقنية على ملف تحويل حق الانتفاع إلى حق الامتياز، وضعية الفضاءات الغابية إلى جانب عملية التكفل الاجتماعي بهذه الفئة كحق الاستفادة من إعانات السكن الريفي وفتح المسالك الجبلية لتسهيل مهمة الاستغلال وإخراج محاصيلهم خاصة منها منتوج الزيتون.
ملفات حساسة كانت على طاولة النقاش والمعالجة على مستوى لجنة الفلاحة للمجلس الشعبي الولائي لبومرداس، برفقة مديري القطاعات المعنية كمديرية المصالح الفلاحية، مسح الأراضي، الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ومحافظة الغابات تحضيرا للدورة القادمة للمجلس المنتظر أن يتناول واقع وآفاق هذا القطاع الاقتصادي الحساس والاستماع الى انشغالات الناشطين في الميدان، مقابل عدة تحديات وصعوبات لا تزال تعترض الانطلاقة القوية لهذه القطاعات التي تشكل القاعدة الاقتصادية للولاية الى جانب الصيد البحري وتربية المائيات، تربية المواشي والمورد السياحي الذي يبقى هو الآخر يصارع من أجل الاستغلال الأمثل للقدرات الهائلة التي تزخر بها بومرداس بتنوعها الجغرافي والثقافي.
وكان من أهم النقاط المعروضة للنقاش، هي وضعية العقار الفلاحي ومستوى تقدم عملية التحويل من حق الانتفاع إلى حق الامتياز التي يشرف عليها الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، فرع بومرداس، في إطار تطهير مدونة 6009 مستثمرة فلاحية عرفت الكثير من التجاوزات، وهذا تطبيقا لمشروع القانون 10 / 03 الصادر بتاريخ 15/08/2010 الذي يحدد شروط وكيفيات استغلال الأراضي الفلاحية التابعة لأملاك الدولة، والمرسوم التنفيذي رقم 10/326 ، الصادر سنة 2010 الذي يحدد كيفية منح حق الامتياز على الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة والتعليمة الوزارية رقم 645 المؤرخة في 2012 المتعلقة بدراسة ملفات تحويل حق الانتفاع الى حق الامتياز من طرف اللجان الولائية، وكذا واقع الأحواش المنتشرة بعدة بلديات التي صعبت كثيرا من مهام الديوان بالنظر الى واقعها القانوني المتشعب وتوزعها بين الورثة.
إلى جانب عرض حصيلة منح عقود الامتياز للفلاحين الذين أودعوا ملفات التسوية ودفاتر الشروط، خاصة في ظل الوضعية القانونية والادارية المعقدة لبعض الوضعيات والملفات العالقة لهذه المستثمرات، مما حتم تحويل 1101 ملف للفصل فيه من قبل اللجنة الولائية، بحسب الأرقام المقدمة لـ»الشعب»، من قبل مدير الديوان الوطني للأراضي الفلاحية السابق، مع رفض ملفات وتأجيل أخرى من قبل اللجنة بسبب عملية الايجار غير القانوني، تشييد بنايات وعقارات، وهو ما شكل تجاوزا للقانون رقم 19/87 الصادر بتاريخ 08/12/1987 الذي يمنع بصفة قطعية إقدام أصحاب المستثمرات الفلاحية على ايجارها للغير، مقابل هذا سمح القانون الجديد لسنة 2010 بمبدأ الشراكة في حالة عجز الفلاح عن استغلاله لوحده.
توّسع السقي العشوائي بالصهاريج من وادي «سيباو»
نقاط عدة أخرى ناقشتها اللجة المشتركة منها تقييم حصيلة السقي الفلاحي للموسم الماضي عبر عدد من السدود والحواجز المائية منها سد الحميز، مع الكشف عن كمية المياه التي وضعت تحت تصرف الفلاحين لسقي محاصيلهم الزراعية المقدرة بـ 50٪ من النسبة المخزنة لهذه السنة، مع الأخذ بمبدأ الأولوية، انطلاقا بشعبة الأشجار المثمرة لتأتي بعدها باقي الشعب الأخرى بالخصوص منها شعبة الخضروات وعنب المائدة المهيمنة على القطاع الفلاحي بولاية بومرداس، مع محاولة تقديم تسهيلات للفلاحين من أجل حفر آبار ارتوازية بالمناطق البعيدة عن السدود، دراسة محيط السقي الفلاحي وامكانية توسيع عملية استغلال محطات المياه المعالجة الثلاث بالولاية، منها: محطة الثنية، بناء على تعليمات وزير الفلاحة للرفع من مساحة الأراضي المسقية لحدود 30 ألف هكتار بدلا من 26 ألف الحالية، بحسب مصادر مديرية المصالح الفلاحية.
مع ذلك ورغم محاولات تنظيم نشاط السقي الفلاحي بولاية بومرداس الذي بدأ يتوسع من موسم الى آخر خاصة في ظل الظروف المناخية المتقلبة وشح الأمطار، خلال المواسم الماضية، إلا أن ظاهرة السقي العشوائي بالصهاريج وتشييد الحواجز المائية العشوائية من قبل الفلاحين والمزارعين في شعب الكروم في تنامي كبير أيضا، بحسب ما وقفت عليه «الشعب»، بالمنطقة الشرقية من الولاية رغم ما تشكله من أثار سلبية على احتياطي المياه الجوفية، المناخ وحتى الخطورة الصحية على حياة الأطفال، وأكثر من هذا لجوء بعض الفلاحين من ملاك الأراضي على ضفاف وادي سيباو وأشخاص من «البزنسية» في حفر آبار مؤقتة وحفر لتجميع مياه الوادي عن طريق عملية الضخ بالمحركات من اجل بيع صهاريج المياه للفلاحين بأسعار تبدأ من 2000 دينار، بحسب سعة الصهريج والمسافة، وهي ربما النقاط المسكوت عنها من قبل اللجنة والمصالح المختصة بإدارة القطاع الفلاحي بالولاية.
نقطة ثالثة مهمة أيضا كانت ضمن جدول الأعمال وتتعلق بوضعية المساحات الغابية بالولاية من أهمها المحيط الغابي الساحل بزموري، غابة خميس الخشنة وغابة مندورة ببلدية لقاطة، وهو ملف ثقيل كذلك بالنظر إلى الوضعية المتدهورة لهذه الفضاءات والمحميات الطبيعية من أبرزها فضاء غابة زموري الممتدة على مساحة 300 هكتار التي أسالت الكثير من الحبر نتيجة التجازوات وتقطيع الأشجار وقيام نشاطات فلاحية وخدماتية غير مرخصة، ما دفع بالوالي السابق إلى تشكيل خلية لمتابعة الملف ومحاولة تحديد واقع الفضاء وطبيعة الأنشطة الموجودة من أجل إعادة تأهيلها كحظيرة وطنية تساهم في بعث قطاع السياحة، بولاية بومرداس، وتساهم في انعاش الخزينة البلدية لزموري المنكمشة على حالها.