يعتبر الدكتور عبد الحميد غرياني، إطار بمديرية الثقافة لولاية ورقلة، أن رقمنة التراث الثقافي تعني تحويل كافة المعلومات والمصادر المرتبطة بالعادات والتقاليد في شكل صور وفيديوهات أو تدوينات إلكترونية بغرض الحفاظ على الهوية الاجتماعية للمنطقة ونشرها على نطاق واسع، وهو مسار تطويره في حاجة لتكاتف جهود كافة المهتمين بالتراث الثقافي المحلي.
ذكر غرياني في حديث لـ»الشعب» أن أول فائدة من رقمنة التراث تتوضح في المحافظة على الموروث الثقافي والتعريف به ونقله للأجيال باستغلال كل الوسائط المساعدة على ذلك وتوسيع دائرة الترويج له من أجل استقطاب السياحة الثقافية، مؤكدا أن رقمنة التراث الثقافي يجعل منه مادة علمية للباحثين قصد التعمق فيه وإثرائه كل على حسب تخصصه عن طريق النقد والتمحيص.
وأكد المتحدث أن عملية الرقمنة بالنسبة لقطاع الثقافة بورقلة قد تم الشروع فيها منذ سنوات، كما تم تغطية محاور كبيرة من خلال عمليات سابقة في الإحصاء، الجمع، التدوين إلا أن النشر الالكتروني على المنصات الالكترونية زاد أكثر بسبب جائحة كورونا التي شجعت على الاندماج جديا في مسار رقمنة التراث الثقافي المحلي، وهي عملية مازالت متواصلة، حيث يتم العمل على إثراء المواد الثقافية بشكل دوري، بحسبه، حتى تكون متاحة سواء على موقع الوزارة أو على موقع فيس بوك أو يوتيوب.
وأوضح في سياق ذلك أن عملية رقمنة التراث الثقافي اللامادي هي محصلة عمليات تسبقها، إذ تتكون من أربعة عناصر أساسية وهي الإحصاء، وبالنسبة لإحصاء التراث الثقافي لولاية ورقلة فقد تم تقسيمه على محاور منها محور التعابير الثقافية المتمثلة في الأغاني الشعبية، الآلات الموسيقية المستخدمة فيها والرقصات المعروفة محليا، كما تم إحصاء 20 زيارة سنوية وتدوين 63 حكاية شعبية وإحصاء 37 طبقا تقليديا خاصا بمنطقة ورقلة، أما خطوة الجمع، فتعد بحسب ما ذكر أصعب مرحلة، يتم فيها جمع المعطيات واستقاء المعلومات عن طريق الاتصال الشخصي بأعيان وشيوخ المنطقة وباحثين في التراث وبالاعتماد على مراجع تاريخية، وكذا بالمعايشة بالواقع وتتبين صعوبتها في التعامل مع بعض الأشخاص الحاملين لرصيد معلوماتي قيم في مجال التراث ولكنهم يرفضون أحيانا تزويد الباحثين فيه بالمعلومات الكافية، يليه التدوين الذي يعد مرحلة يتم من خلالها تدوين كل المعطيات في بنك معلوماتي جد ثري وبالنسبة لمرحلة النشر الالكتروني والتي تعد المرحلة الأخيرة فتبدأ بعد الانتهاء من عملية الإحصاء والجمع والتدوين ويتم من خلالها استخدام منصات التواصل الاجتماعي. وبالعودة للصعوبات التي قد تؤدي إلى تعطيل مسار رقمنة التراث الثقافي فيعتبرها الباحث تتلخص في تنوع التراث الثقافي اللامادي وشساعة المنطقة بالإضافة إلى صعوبة التعامل مع بعض حاملي التراث، حيث يرفض البعض منهم التصريح أو التوثيق والتسجيل عبر التصوير، ناهيك عن اختلاف في الروايات والتسميات، مما يستلزم البحث أكثر والنقد والتمحيص للحصول على المعلومة الدقيقة.
وهنا أبرز عبد الحميد غرياني، الإطار بمديرية الثقافة، أن التراث اللامادي يعد جزءًا مهماً من الذاكرة الشعبية والوطنية والإنسانية، ينبغي الاهتمام به وتوثيقه وحمايته من الضياع والنسيان وهذا لا يتأتى إلا بتضافر الجهود، كأفراد حاملين لهذا التراث، مختصين وجمعيات ومؤسسات حكومية وتتمثل مظاهر التراث اللامادي في علم الموسيقى العريقة والأغاني الشعبية والتقليدية الأناشيد والألحان، فن الرقص والإيقاعات الحركية، الاحتفالات الدينية، فنون الطبخ، القصص والحكايات، الأمثال والحكم، الأقوال المأثورة، الألغاز والألعاب التقليدية كما أنه مادة قابلة للإثراء بمشاركة كل المهتمين بالتراث الثقافي المحلي وذلك من أجل الوصول إلى إحصاء كل مميزات التراث الثقافي اللامادي التي تخص منطقة ورقلة وتدوينه وحفظه.