يمشي لا رأس له ولا وجه..لعلعل صوت كالرعد:
- أمسكوه
ارتاب، عبّس ثم فزع:
- أكيد لست أنا
ضم إليه بشدة ثيابه البالية:
- لن أسمح لهم ..
تحسس بحركة خاطفة تريبة صدره:
- هي لها ..
توقف أحدهم أمامه وعيناه تقدحان بالشّرر ..ازدادت نبضات قلبه انقباضا أوشكت أن تعصف به نوبة قاتلة:
- هل رأيته ..؟
قبل أن يرد عليه في تلعثم ..جاهد كي يمنع جسده المتهالك من السقوط، فهول وقع أقدامهم زلزل الأمكنة:
- من ؟
- الذي فرّ من المستشفى
- لم أر أحدا..
- تجزم؟
- ليس لي إلا الله
رمقه طويلا ثم أسرع إلى أصحابه ..وهو يرغي ويزبد:
- الخبيث..
جلس بمشقة فوق الإسفلت ثم تنهد طويلا رافعا عينيه إلى السماء ..
- لن يسرقوا أحلامي ..
خلفه ومن وراء ثقب صغير توسط جدار القمامة الموشم بلافتة «ممنوع رمي الفضلات» سمع صوتا حزينا متقطع الأنفاس يوشوش:
- هل ذهبوا؟
انتفض هاربا دون أن يلتفت:
- أعوذ بالله من شر ما خلق
لم تكن له تلك القوة والشجاعة كي يرى جدار القمامة وهو يتهدم.. ولم تكن له تلك الرغبة في أن يسترق إلى رجال الشرطة وهم يصرخون:
- حشرة أخرى تم القضاء عليها