تتمسك السلطات العمومية بمشروع السد الأخضر، المعتمد منذ سبعينيات القرن الماضي لمكافحة ظاهرة التصحر، ومنع امتداد الرمال على مساحات أخرى صالحة للرعي والزراعة، وحماية الأراضي الغابية من الانجراف والتعرية، حيث قامت بحظر الرعي على مساحة تقارب 3 ملايين هكتار بالسهوب، واستنجدت بالبحث العلمي لإعادة الغطاء الأخضر للغابات بغرس أكثر من 11 مليون شجيرة منذ انطلاق برنامج التشجير الوطني، منها الأشجار المثمرة على مساحة 300 ألف هكتار، وهو توجه لا مفر منه لجعل الغطاء الغابي موردا إقتصاديا هاما وليس غطاء للزينة فقط.
أكد وزير الفلاحة والتنمية الريفية شريف عماري، أول أمس، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للتصحر، تحت شعار «الغذاء، الأعلاف، الألياف»، بحضور الوزير المنتدب المكلف بالزراعة الصحراوية والجبلية فؤاد شهات، والوزير المنتدب المكلف بالبيئة الصحراوية حمزة آل سيدي الشيخ، أن الجزائر أدركت مبكرا آثار التصحر، ما جعلها تتخذ التدابير الكفيلة بمكافحة هذه الظاهرة من خلال اعتماد مشروع السد الأخضر في السبعينات، الذي أعيد بعثه من جديد بإطلاق برنامج وطني للتشجير تم استخدام فيه آليات جديدة ترتكز على الدراسات والبحث العلمي لتجديد الغطاء الغابي، وتثبيت الكثبان الرملية، وتشجيع النشاطات الغابية وتحسين الأراضي.
وسمحت عملية إعادة تأهيل السد الأخضر ضمن البرنامج الوطني للتشجير تحت شعار «شجرة لكل مواطن»، الذي يتم انجازه خلال الفترة الممتدة من شهر أكتوبر إلى نهاية مارس، بغرس أكثر من 11.5 مليون شتلة في الغابات وعلى ضفاف الوديان في إطار الحماية من الانجراف، وحماية البنية التحتية من الترمل في السهوب والمناطق الصحراوية، على مساحة 800 الف هكتار، منها 300 ألف هكتار من الأشجار المثمرة في إطار بعث التشجير المفيد لفائدة الساكنة.
وللوقاية من حرائق الغابات، أوضح عماري أن قطاع الفلاحة تجند من أجل تحسين جهاز الوقاية والمكافحة، من خلال تعزيز وسائل تدخل أولى وتوفير تجهيزات حماية أعوان الغابات، بالإضافة إلى وضع استراتيجية للتحسيس والتوعية بإشراك كل القطاعات المعنية ومساهمة كل التجمعات السكانية، لاسيما ما يتعلق بالإنذار واليقظة وإدماج الابتكار والتقنيات الحديثة.
ولأن الجزائر من البلدان الإفريقية الأكثر تعرضا للتصحر خاصة في المناطق السهبية والمناطق الجافة وشبه الجافة نظرا للتمركز الكبير لنشاط الرعي فيها، تم وضع برنامج لإعادة تهيئة وحماية والمحافظة على الموارد الطبيعية بهذه المناطق عن طريق الأغراس الرعوية على مساحة 422 ألف هكتار وحظر الرعي على مساحة تقارب 3 ملايين هكتار.
وأقر وزير الفلاحة أن المكافحة الفعالة لظاهرة التصحر والجفاف، لن تكون إلا بتكاتف الجهود والعمل المشترك مع الجامعة والكفاءات العلمية من الباحثين والخبراء والمهنيين والمتعاملين الاقتصاديين ومرافقة التعاون الدولي، وكذا الساكنة في المناطق الغابية، بتبني المناهج العلمية والتقنية واستعمال الاستشعار عن بعد وتقنيات الفضاء والرقمنة وتكريس الابتكار من أجل الحماية ومكافحة التصحر مع تشجيع المؤسسات الناشئة واستحداث مناصب شغل.
8 ملايين هكتار أراض جبلية مهددة بالانجراف
وقال الوزير المنتدب المكلف بالزراعة الصحراوية والجبلية، فؤاد شهات، إن تحديات مكافحة التصحر والجفاف «متناقضة» فمن جهة يجب وضع حّد لامتداد الرمال، ومن جهة يجب توسيع المساحات الزراعية لضمان الأمن الغذائي، مشيرا إلى أن المنطقة الصحراوية تمثل الجزء الأكبر من مساحة البلاد.
وأحصى شهات وجود أكثر من 8 ملايين هكتار مناطق جبلية، هي اليوم مهددة بانجراف التربة ما يقتضي حسبه تكثيف عمليات التشجير لمجابهة هذه الظاهرة.
وأكد شهات أن مكافحة التصحر هي مسؤولية الجميع، داعيا إلى نشر تربية بيئية صحيحة في جميع القطاعات وخاصة وسط الأجيال القادمة.
دعم السد الأخضر بحزام ثان
كما كشف الوزير المنتدب المكلف بالبيئة الصحراوية حمزة آل سيد الشيخ، عن سعي مصالحه لإنشاء وكالة وطنية للبيئة الصحراوية، ومرصد للتنوع البيولوجي مزود بنظام انذار مسبق.
واعتبر في كلمة له بالمناسبة، أن القضاء على التصحر يبدأ من المناطق الصحراوية وصولا إلى المناطق الأخرى بولايات الشمال، مشددا على ضرورة دعم السد الأخضر بحزام ثان لوضع حد لهذه الظاهرة.
جدير بالذكر أنه تم خلال هذا اللقاء إمضاء اتفاقية بين المديرية العامة للغابات والوكالة الفضائية الجزائرية، تسمح للهيئتين بتبادل المعلومات لقياس مؤشرات التصحر باستعمال تقنيات الاستشعار عن بعد ومسح الأراضي.