طباعة هذه الصفحة

الفنان السوري عبد الحميد خليفة

السينوغرافـيا عنصر محـوري في العمليـــة الإبداعيـة المسرحية

أسامة إفراح.

نزل الفنان والأكاديمي السوري عبد الحميد خليفة، سهرة أول أمس، ضيفا على منتدى «فضاء الركح» لمسرح بسكرة الجهوي. وتطرق خليفة إلى استخدام التقنيات في العرض المسرحي بين المفهوم وتطبيقه، مع تحديد المفاهيم الأساسية لهذه التقنيات. واعتبر خليفة أن السينوغرافيا ليست مجرّد عنصر مكمّل، بل هي في صميم العملية الإبداعية، وتؤدّي دورا محوريا في تراكم المعنى. كما رأى أن التوظيف الأمثل للسينوغرافيا يكون عبر دلالاتها الزماكنية.
ذكّر خليفة بتطور المسرح عبر العصور، وفي كل عصر منها كان هنالك تركيز على عنصر من عناصر بناء العرض المسرحي. ومن ضمن ذلك، تطور مفهوم الإخراج تطورا ملحوظا منذ القرن التاسع عشر، حيث كانت سلطة المخرج سلطة جزئية ثم تحولت تدريجيا إلى سلطة كاملة، وصار للمخرج القرار الأول والأخير في صناعة العرض المسرحي. ولكن مع بداية القرن العشرين، وتطور المفاهيم، بدأت تنتشر ثقافة موازية، وعاد عنصران مهمان للتأثير في صناعة العرض المسرحي، وهما مفهوما الدراماتورجيا (وهي كلمة إغريقية الأصل تعني صناعة المسرحية أو صناعة الدراما) والسينوغرافيا.
وتعتبر السينوغرافيا من المفاهيم الأكثر استخداما ومعاصرة، يقول خليفة، وهي عالم قائم بذاته وبعيد كل البعد عن الإخراج، ولكنه في صميم العملية الإبداعية وهو تصميم الفضاء المسرحي. وينقسم علم السينوغرافيا إلى علم الخشبة سواء كانت تقليدية من حيث التلقي أو بناء علاقات جديدة في التلقي، والحديث عن الفضاء يعني بناء المكان المسرحي بناءً كاملا وليس فقط الخشبة التي يتم عليها الفعل، «ففي المسرح المعاصر لم يعد الفعل المسرحي يقدم على خشبة المسرح فقط.. هذا البناء يقوم به شخص مختص لديه الخبرة والمعرفة، وهو السينوغراف».
أما القسم الثاني، يضيف خليفة، فهو مكان جلوس الجمهور، وزاوية الرؤية، وبناء علاقات جديدة مع العرض، ولم تعد مهمة السينوغراف مقتصرة على تصميم الديكور بقسميه، المناظر والإكسسوار، والملابس والتسريحة، والإضاءة، وتشكل كلها الرؤية البصرية للعرض.
ويرى خليفة أن التوظيف الأمثل للسينوغرافيا، يكون عبر دلالاتها الزماكنية: فالديكور مثلا يحمل الدلالتين، الزمان والمكان، وعلى سبيل المثال، إذا بنينا قصرا فيجب البحث عن نمط العمارة (المكان) وعن الفترة الزمانية (الزمان)، والإضاءة تحمل دلالة زمانية كالصباح أو المساء، والمكان كالصحراء.
وأشار خليفة إلى دور السينوغراف في تراكم المعنى، كما تحدث عن وجود «نظرة تقليدية لعناصر العرض المسرحي»، ونجد في هذه النظرة أن الإضاءة مثلا هي «عنصر مكمّل»، كما تعتبرها «جمالية»، بينما الإضاءة المسرحية هي «لغة فنية عالية تصاغ بشكل مدروس ومحدّد لإضفاء دلالة أو حالة نفسية مقصودة بحد ذاتها». وفي هذا الصدد، يؤكد المسرحي السوري على أن الإضاءة تحولت إلى عملية مشتركة بين الفن والتقنية، فهي ليست فنا خالصا ولا هندسة كهربائية خالصة، وذلك تمّ من خلال السينوغراف.
أما الديكور فهي كلمة فرنسية ذات أصل لاتيني، ويفضّل خليفة توظيف الكلمة كما هي، بدل استخدام كلمة «مناظر» لما فيها من التصوير أكثر من التحجيم، فاللوحة ثنائية البعد أقرب إلى المنظر منها إلى الديكور كقطعة الأثاث ثلاثية الأبعاد. ولهذا فالديكور المسرحي فن يتعايش مع الفنون الأخرى لخدمة العرض المسرحي والمساعدة على رفع دلالاته إلى مستوى أعلى.