صيف صعب على الأطفال الصحراويين لتوقف برنامج «عطل في سلام»
ألقت جائحة كورونا بظلالها على اللاجئين الصحراويين في المخيمات والمناطق المحررة من أراضي الصحراء الغربية، وتسببت في تأزم الوضع المعيشي داخل المخيمات بفعل الحجر الصحي المفروض للحد من انتشار وباء كوفيد- 19، وهوما فرض على المنظمات الدولية على غرار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العمل بجهد أكبر من أجل التخفيف من معاناة الصحراويين، وهوما أوضحه «عبد الحميد عثمان علي الفقي» رئيس المكتب الميداني للمفوضية بولاية تندوف في هذا الحوار الذي خص به «الشعب».
-«الشعب»: كيف تقيمون الوضع الإنساني للاجئين الصحراويين في ظل الحجر الصحي المفروض بسبب جائحة كورونا؟
رئيس المكتب الفرعي للمفوضية: ندرك التأثيرات والانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية الهائلة للأزمة على المخيمات، ونتيجة لذلك فقد اتخذت مجموعة من التدابير الوقائية ضد وباء (كوفيد 19) على الرغم من عدم الإبلاغ عن أي حالات في المخيمات.
العديد من الأشخاص كأصحاب المشاريع الصغيرة فقدوا مصادر دخلهم، والعديد من العمال كذلك فقدوا مناصب عملهم، بالإضافة إلى ذلك لم يعد من الممكن ممارسة أي مبادرة اقتصادية تعتمد بالخصوص على الإمدادات من خارج المخيمات، مثل التجارة في مدينة تندوف، مما أدى إلى فقدان تداول الأموال في المخيمات وبالتالي إضعاف القدرة الشرائية.
إن إغلاق المخيمات أثر بشكل واضح على الفئات الأكثر هشاشة وضعفا في أوساط اللاجئين وكذلك على عائلاتهم بسبب نقص الأغذية والمواد اللازمة لاحتياجاتهم الخاصة، كما سجل كذلك فقدان أكثر من 1200 رأس من الأغنام والماعز بسبب انتشار عدوى في الجهاز التنفسي، ونحن نسعى حاليا مع المصالح البيطرية الصحراوية والشركاء من أجل إستكشاف طرق دعم قطاع الثروة الحيوانية، كما نعمل على إيجاد طرقً لمعالجة مثل هذه القضايا وعرضها على الجهات المسؤولة عن أعمال التجارة في المجتمع الصحراوي.
- كم من الوقت يمكن للصحراويين تحمل آثار وباء كورونا في ظل الظروف التي يمرون بها؟
تقوم الدول في كل مكان بالموازنة الصعبة بين الاعتبارات الاقتصادية والاعتبارات الصحية، نفس المعضلة يواجهها الصحراويون، فلا أحد يعرف كم من الزمن ستستمر هذه الجائحة والإغلاق المصاحب لها، ونحن نأمل أن لا يستمر ذلك طويلاً بسبب حجم الأضرار المحتمل وقوعها في الوضعيات الهشة فعلا مثل الوضع الصحراوي، خاصة وأنهم في وضع انساني حساس جدا.
- في تقديركم، ما هي قيمة المساعدات التي قد يحتاجها اليها الصحراويون لتخطي الآثار الاقتصادية والإنسانية للوباء؟
في الشهر الماضي، قامت كل من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين واليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي، بالإضافة إلى خمسة شركاء من المنظمات غير الحكومية بإطلاق نداء مشترك لميزانية طوارئ قدرها 15 مليون دولار أمريكي من أجل تلبية إحتياجات الصحة العمومية والإستجابة الفورية للنتائج الإنسانية المترتبة عن جائحة كوفيد- 19 في مخيمات اللاجئين الصحراويين.
بغض النظر عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن الإغلاق علينا أن نعلم إن هذه الميزانية المطلوبة ستتجاوز حتما مبلغ 15 مليون دولار أمريكي.
- كيف ترون الخطوات التي قامت بها الحكومة الجزائرية لفائدة الشعب الصحراوي في ظل الجائحة؟
لطالما كانت الحكومة الجزائرية سخية للغاية في دعمها للاجئين الصحراويين، فقد استجابت فورا وتكيفت مع الوضع وحاولت تخفيف الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة الناتجة عن الإغلاق.
وفي هذا السياق أرسلت مؤخرًا ست طائرات شحن محملة بالمساعدات وأقامت مستشفى ميداني لتقديم الدعم الصحي للاجئين الصحراويين الذين يعيشون في المخيمات، ونحن بدورنا نشيد بكل هذه الأعمال والجهود التضامنية الإنسانية، التي ليست غريبة عن الدولة الجزائرية لكون أن العمل التضامني والانساني مع الشعوب من صلب عقيدتها.
- هل المساعدات كافية للتخفيف من المعاناة في المخيمات؟
برنامج المفوضية الإنساني بتندوف يعاني من نقص مزمن في التمويل، ولهذا السبب لا يزال هناك قلق بشأن تلبية المعايير الإنسانية الدنيا في جميع القطاعات، وعلى غرار الحكومة الجزائرية، تلتزم المفوضية ببذل كل ما في وسعها للتخفيف من معاناة الصحراويين في المخيمات بالقدر الذي تسمح به الأموال المرصودة.
تتم المحافظة على دوام الأنشطة الضرورية للحفاظ على حياة اللاجئين بالمخيمات في تندوف حيث ساهمت المفوضية في قفة الطعام الرمضانية من خلال توزيع أكثر من 402 طن من الأغذية الطازجة (البطاطس والبصل والجزر) والتمور عبر الهلال الأحمر الجزائري، وبالرغم من التأخير المسجل في خطوط الإمداد إلا أن جميع الخدمات الأساسية والقاعدية يتم تقديمها بشكل عادي.
وتواصل المفوضية توفير الحماية والمساعدة والخدمات الدولية للاجئين الصحراويين في المخيمات من خلال تقديم مساعدة خاصة للأشخاص ذوي الإعاقة، ودعم قطاع التعليم لضمان حصول الأطفال على تعليم جيد، بالإضافة الى دعم قطاعي الصحة والتغذية بما في ذلك دعم برنامج التغذية التكميلية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والحوامل أوالمرضعات، وتعزيز نظام إدارة المياه من خلال صيانة وإصلاح مرافق المياه القائمة، ناهيك عن دعم نظام إدارة النفايات في المخيمات الخمسة وتوفير مواد الإيواء لعائلات اللاجئين الأكثر ضعفاً وكذا معالجة احتياجات الطاقة من خلال إعادة ملء أسطوانات الغاز لعائلات اللاجئين وتحسين سبل عيش اللاجئين وطرق الاعتماد على أنفسهم.
وفيما يتعلق بالوقاية من الوباء، فإن المفوضية تقوم بالتنسيق بخصوص الوضع الصحي، المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في مخيمات اللاجئين الصحراويين مع خبراء الصحة الصحراويين والسلطات الصحية في تندوف.
كما قامت المفوضية بتجميع قائمة بالاحتياجات تتكون من الإمدادات الطبية وغيرها وتقوم بتحديثها ومشاركتها بانتظام مع جميع الجهات المعنية حيث تمت تغطية حوالي 50٪ من الاحتياجات المعتمدة حتى الآن لمدة ثلاثة أشهر، وتجري مشاركة هذه الإمدادات الطبية والاحتياجات الأخرى ذات الصلة مع المؤسسات الصحية الصحراوية.
وأنجزت مجموعة اللاجئين الصحراويين المسؤولين عن الصرف الصحي والنظافة في المخيمات، حملة تطهير لمدة 10 أيام قاموا خلالها بتنظيف وتعقيم جميع شوارع وأحياء المخيمات، وقد ساهمت المفوضية من خلال الشركاء في توفير كمية من معدات الحماية الشخصية ومعدات التنظيف والمحاليل (الماء والمبيض)، وكذلك إشراك الموظفين في تحقيق أهداف الحملة لتكملة الدعوة إلى غسل اليدين الوقائي .
كما ساهمت المفوضية من خلال بعض الشركاء في مجهود مشترك مع الهيئات الصحراوية المعنية بإنتاج المياه مع كل التدابير المناسبة لضمان استمرارية عمليات التوزيع على اللاجئين في المخيمات الخمسة حسب الطرق المعتادة.
فيما تم توزيع ألواح الصابون في جميع المخيمات من خلال شريك المفوضية «تريانقل» لتزويد جميع السكان بهذا المنتج الهام، بالاضافة الى أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من خلال مكتبه الفرعي بتندوف قد قدم ثماني شاحنات مياه جديدة لدعم قطاع المياه بمخيمات اللاجئين الصحراويين، وهوأمر مهم للغاية للمساعدة في اتخاذ التدابير الوقائية.
تلقينا مليون دولار أمريكي لدعم برامج المفوضية في مخيمات اللاجئين
- كيف تم التعامل مع النداءات الإنسانية التي وجهتها المنظمات من أجل تدعيم مخازن الهلال الأحمر الصحراوي؟
كانت هناك بعض النداءات مؤخرا للمساهمة في تمويل عمل الوكالات الإنسانية التابعة للأمم، وربما يكون نداء (كوفيد -19) المشترك قد ساعد هؤلاء، أما بالنسبة للمفوضية، فمنذ إعلان النداء تلقت المفوضية بالجزائر مساهمات سخية من الجهات المانحة على المستوى العالمي بلغت حوالي مليون دولار أمريكي، وبشكل عام، فقد تلقت المفوضية بالجزائر 16٪ فقط من احتياجاتها الإجمالية لعام 2020.
- في ظل الحديث عن تعليق برنامج «عطل في سلام» هذه السنة بسبب جائحة كورونا، ما مصير آلاف الأطفال الصحراويين داخل المخيمات، وهل سطرتم برامج بديلة عن العطل الصيفية؟
نحن ندرك أنه تم إلغاء برنامج «عطل في سلام» لآلاف الأطفال الصحراويين خلال أشهر الصيف، فقد كان من المحزن للغاية سماع ذلك، حيث كانت فرصة لهم للهروب من حرارة الصيف والاستمتاع بإسبانيا ودول أوروبية أخرى بصحبة «أسرهم الحاضنة» وأصدقائهم هناك.
نحن نعرف كم يتطلعون إلى ذلك وسيكون من الصعب عليهم البقاء في المخيمات هذا الصيف عندما يكون الطلب على المياه أعلى من المعتاد، ونحن في المفوضية ندرس حالياً بالتعاون مع اليونيسف وشركائها إمكانية تنظيم أنشطة ترفيهية بديلة في المخيمات فضلا عن الدعم الفعلي لبرامج تعلم الأطفال عن بعد.
- نظمت المفوضية قبل سنوات رحلات للعائلات الصحراوية بين المخيمات والأراضي المحتلة، ولقي إشادة كبيرة من كلا الجانبين، الى أين وصل هذا البرنامج، لماذا توقف، وهل تخططون لإعادة بعثه من جديد؟
قبل بضع سنوات، طورت المفوضية برامج بناء الثقة بما في ذلك الزيارات العائلية، وتم تطوير هذا البرنامج والاتفاق عليه من الطرفين.
لكن لسوء الحظ، تم إيقاف هذا البرنامج وتعليقه، وستكون المفوضية مستعدة دائمًا لإعادة بعثه من جديد لتعزيز بناء الثقة متى وافق الطرفان على ذلك.