طباعة هذه الصفحة

تيمقاد، شروفات غوفي، ضريح إمدغاسن..تنتظر الاستغلال

انحصار عمل الوكالات في تنظيم رحلات العمرة والحج غير مقبول

استطلاع: لموشي حمزة

يعتبر قطاعي الثقافة والسياحة بولاية باتنة، من  أهم القطاعات التي تعول عليها الولاية لدفع عجلة التنمية، خاصة وأن الولاية تتوفر على مواقع سياحية وثقافية على غرار المدينة الأثرية بتيمقاد، وشروفات غوفي، ضريح إمدغاسن.. وغيرها من المواقع الأثرية والتاريخية والطبيعية التي لو استغلت كما ينبغي لغيرت من وجه قطاعي الثقافة والسياحة بالولاية.

28 وكالة سياحية “لتصدير” السياح الجزائريين إلى الخارج

أكد عديد المواطنين الذين إلتقت “الشعب” بهم خلال زيارتنا لعديد الوكالات السياحية، أن هذه الأخيرة  تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية بسبب اقتصار عملها ودورها في تنظيم رحلات الحج والعمرة، وإهمال الجانب السياحي وهو ما يرفضه شعبان عمار رئيس وكالة “طيبا” للسياحة والسفر بولاية باتنة، في لقاء مع جريدة “الشعب”، حيث أكد لنا أن المسؤولية تتحملها السلطات القائمة على القطاع نظرا لغياب رؤية واضحة وإستراتجية حقيقية للنهوض بالقطاع، وأعطى مثالا بولاية باتنة  التي تتصدر ولايات الوطن من حيث الإمكانيات السياحية سواء كانت طبيعية أو أثرية كتيمقاد، غوفي، إمدغاسن، وغيرها .
مؤكدا أن ميزانية وزارة السياحة والثقافة بالجزائر هي الأضعف مقارنة بميزانيات الوزارات الأخرى، لذا نجد الوزارة لا تمول مشاريع إنجاز الفنادق باستثناء فندق “سليم” الذي مولته الدولة، واعترف ذات المتحدث أن وكالته السياحية من بين 28 وكالة معتمدة وناشطة بباتنة، تقوم بتنظيم رحلات سياحية خارج الوطن، بمعنى تصدير السياحة وأعطى لنا مثالا عن واقع السياحة ببلادنا، حيث أكد أن مطار هواري بومدين الدولي يكون شبه مغلق سنويا خلال شهر رمضان المعظم، عكس الجارتين تونس والمغرب، واللتان يشهد مطاريهما على مدار العام رحلات مكثفة، بفضل الخدمات المميزة التي تقدمها تلك الدول للسياح، مؤكدا أن الاهتمام بالسياحة في تلك الدول يبدأ من حدودها، حيث توجد على سبيل المثال مكاتب تابعة للديوان الوطني للسياحة التونسي دورها التعريف بالسياحة لبلدها.
وكحل للخروج من هذه المشكلة يرى شعبان عمار رئيس وكالة طيبا، أن تنظيم اجتماع صريح وجاد يجمع بين الفاعلين والشركاء والمهتمين وكذا الأخصائيين بالقطاع كفيل بتحديد مكامن النقص ومن ثمة معالجتها بشكل احترافي يجعل من الجزائر وجهة سياحية رائدة وهامة ليس فقط على المستوى الإقليمي بل عالميا وهو حلم ليس ببعيد المنال لو توفرت الإرادة لذلك.
إمكانيات الوطن السياحية
 فرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية
هذا وأكد بعض الأساتذة بجامعة العقيد الحاج لخضر بباتنة، أن الدولة الجزائرية بإمكانها أن تستفيد من القطاع الخاص السياحي كون الإمكانيات السياحية التي تملكها الجزائر تعتبر فرصة حقيقية لتحقيق مكاسب اقتصادية معتبرة خاصة في الفترة الحالية التي تشهد فيها

الدول المجاورة تراجعا في الحركة السياحية بسبب الأوضاع الأمنية التي خلفها ما يطلق عليه بالربيع العربي، لذا على بلادنا القيام بتدارك النقائص بدءًا بتطوير هياكل الاستقبال، تحسين صورة السياحة دوليا من خلال وسائل الإعلام والمعارض والملتقيات، وضع مخطط سياحي واضح ومدعم ماليا، توفير التسهيلات القانونية، إنجاز خريطة سياحية لأهم المناطق ومحاولة إيصالها لأكبر عدد من السياح، ناهيك عن توفير القوى البشرية المؤهلة في هذا الميدان، ونشر الوعي السياحي لدى المواطنين، وهذا في سبيل النهوض بهذا القطاع الهام.
ولأن المواطن أو السائح الحلقة الأهم في معادلة السياحة والاقتصاد، اقتربت “الشعب” من مجموعة من المواطنين لاستطلاع أرائهم في الموضوع، وبدى واضحا اتفاقهم جميعا على أن الإغراءات التي تقدمها الدول الجارة للجزائر لا تقاوم، خاصة ما تعلق بجانب الخدمات المتطورة والغير مكلفة، حيث أعتبر أحد المواطنين أنه يوفر سنويا 50 ألف دج لقضاء أسبوع مريح هو وعائلته بتونس، وهو المبلغ الذي لا يكفيه في إحدى الولايات الساحلية بالجزائر، وطبعا القريبة كجيجل وبجاية وليست البعيدة كوهران وتلمسان، أما سيدة أخرى جاءت للحجز من أجل زيارة دولة تركيا، فعند سؤالنا لها عن سبب عزوف المواطن عن السياحة الداخلية، أجابتنا بسرعة أن بلادنا أغني مناطق العالم ولكن عدم الاهتمام بإنجاز مرافق ومنتجعات حال دون استقطاب السياح الجزائريين إلى الولايات الجزائرية، شارحة الأمر بتفصيل أكثر بقولها أنها زارت الصالون الدولي للسياحة المنظم حاليا بالعاصمة، ولم تجد أي شيء يدل على السياحة الداخلية.  
المفروض أن قطاع السياحة
أكثر القطاعات جذبا للاستثمار الثقافي
وبدوره الدكتور صالح فلاحي أستاذ بجامعة باتنة، يعتقد أن للسياحة غايات من الممكن إدراكها بسهولة، فهي القطاع الأكثر جذبا للإستثمارات الأجنبية المباشرة، وهي القطاع الذي يمكن أن يسهم في تطوير قطاعات أخرى.
 ولذا يرى المتحدث أن السياحة في بعض الدول تحتل مكانة مرموقة من بين القطاعات الأخرى في الاقتصاد انطلاقا مما تدره من النقد الأجنبي.
وفي الحقيقة إذا كما أريد أن تكون للسياحة مكانتها اللائقة بها في الجزائر، فإن الطريق المؤدية إليها لا تزال في بدايتها، ومع ذلك فالوصول إلى الهدف ليس مستحيلا إذا تكاثفت الجهود واستمرت.
 ومن هذا المنطلق يقترح الدكتور فلاحي بعض الضوابط الواجب تبنيها لإرساء ثقافة سياحية فعالة، منها:
تسخير وسائل الإعلام للتعريف بالكنوز السياحية المتنوعة التي تزخر بها بلادنا.
وضع إستراتيجيات سياحية ترتكز على المنطق وتنبثق من واقع الجزائر وتنفتح على الثقافات السياحية في العالم تأخذ أحسنها وتترك أسوأها.
إنشاء معاهد متخصصة في السياحة تعمل على إرساء ثقافة سياحية لدى القائمين على المرافق السياحية المختلفة كل في موقعه ولدى المواطنين بواسطة الإشهار للتمكن من استمرارية الجهود وتجسيد الأهداف بتكلفة أقل وربح أكبر.
صياغة نموذج لكل منطقة من المناطق السياحية، بحيث ينفرد كل نموذج عن الآخر بما يتلاءم وطبيعة كل منطقة وما تزخر به من إمكانات سياحية.
إتقان اللغات الأجنبية الأكثر رواجا في العالم كاللغة الإنجليزية من طرف المرشدين لإمكانية التحاور والتفاهم وتجنب الحرج الذي قد ينجر عن استعمال لغة لا يفهمها السائح.
وجوب التحلي باللياقة الأدبية في التعامل مع السياح، محليين كانوا أم أجانب. ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا بالاختيار الدقيق للأشخاص إعتمادا على معايير موضوعية.
اعتماد الصدق في الكلمة والتفاني في العمل والحفاظ على الأمانة والرزانة في التعامل.
وأخيرا يمكن إبداء ملاحظتين أراهما على قدر من الأهمية:
 تتمثل الملاحظة الأولى، في وجوب توخي الحذر من بعض السياح إذ قد يكون من بينهم من يمتهن الجوسسة، ومنهم من يحمل أمراضا فتاكة وعن قصد، ومنهم من ينشر أفكارا هدامة. أما الملاحظة الثانية فهي أن السياحة كانت وما تزال حساسة أمام ظاهرة العنف المنظم وغير المنظم. ولعل ما تمر بالجزائر أحسن دليل على ذلك، إلا أن هذا الأمر على ما ينطوي عليه من آثار سلبية على مقدرات البلاد وآلام للعباد، فإن ذلك لن يحول دون المضي قدما لوضع إستراتيجيات مدروسة لتطوير السياحة على أن تسند المهمة إلى ذوي الكفاءات والإرادة الجادة لتجسيدها انطلاقا من الإمكانات المادية والبشرية والقيم الحضارية. وأي تجاوز لهذه المنطلقات سيصبح بمثابة القفز في المجهول.