تدخل الاحتجاجات والتظاهرات ضد العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة أسبوعها الثاني رغم تهديدات الرئيس دونالد ترامب باستخدام «آلاف الجنود المدججين بالأسلحة».
واندلعت هذه المظاهرات التي وصفت «بالتاريخية»، منذ أسبوع عقب مقتل مواطن أمريكي من أصول إفريقية، يدعى جورج فلويد اختناقا تحت ركبة شرطي، بمدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا.
وامتدت الاحتجاجات التي تخللتها أعمال شغب وعنف ونهب للعديد من المتاجر إلى مختلف الولايات الأمريكية، ووصلت إلى باحة البيت الأبيض، حيث كشفت صحيفة أمريكية شهيرة، أن أعوان الأمن السري نقلوا الرئيس دونالد ترامب إلى مخبئ سري الجمعة الماضية.
وتنفيذا لأوامر ترامب، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن استدعاء 1500 عنصر من الحرس الوطني من خمس ولايات بهدف نشرهم في العاصمة واشنطن وذلك.
وذكرت وسائل إعلامية أمريكية، أن وزير الدفاع مارك إسبر أمر بتحريك كتيبتين من الشرطة العسكرية والفرقة المجوقلة الـ82 إلى العاصمة واشنطن.
وأوضحت أن هذا التحرك جاء بعد أن هدد الرئيس دونالد ترامب باستخدام الجيش في مكافحة العنف، الذي يندلع غالبا في الليل بعد نهار من الاحتجاجات السلمية، التي ينضم إليها مختلف الأمريكيين.
واحتجت رئيسة بلدية واشنطن موريال باوزر على إرسال عسكريين «إلى الشوارع الأميركية ضد الأميركيين»، وهو موقف عبر عنه أيضا العديد من الحكام الديمقراطيين.
وفي غضون ذلك، أعلنت قيادة شرطة واشنطن، عن اعتقال أكثر من 300 شخص بسبب انتهاكهم حظر التجول ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، فيما رأى محتجون أن قرار حظر التجوال يهدف «لإيقاف المظاهرات وليس للقبض على المخربين».
من جانبه، رد آدم سميث رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي على هذا التحرك، بطلب إيضاح من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة مايك ميلي، حول كيفية استخدام الجيش في الداخل.
وقال سميث :»إنه من الخطأ أن يتعامل القادة العسكريون مع ما يجري على أنه حرب»، مشددا على أن مهمة الجيش ليست فرض الأمن والقانون في الداخل».
شرطيون يركعون تضامنا مع المحتجين
وفي محاولة لتخفيف التوتر والاحتقان، استجاب شرطيون أمريكيون في لوس أنجلس لهتافات المتظاهرين بالتعبير عن تضامنهم معهم عبر حركة الركوع، التي تحولت إلى رمز للتنديد بعنف الشرطة في الولايات المتحدة. ولقيت الحركة استحسانا من قبل الرأي العام الأمريكي.
فيما اصطف أطباء وممرضون، بمستشفى في نيويورك يتولون مكافحة فيروس كورونا، على الطريق لتحية المتظاهرين، في إشارة إلى التعبير عن دعمهم لهم في ناضلهم من ضد التمييز العنصري.
بايدن يهاجم ترامب
وفي ظل الانقسام الشديد الذي يعم الولايات المتحدة، تتخذ الأزمة منحى سياسيا بشكل متزايد حيث، اتهم المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، جو بايدن، الرئيس الجمهوري دونالد ترامب بتحويل الولايات المتحدة إلى «ساحة معركة» بهدف الفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل.
وقال بايدن، في خطاب في فيلادلفيا، إن مقتل جورج فلويد، كان بمثابة «صدمة لبلادنا. لنا جميعا»، واعدا بفعل كل ما بوسعه من أجل «معالجة الجروح العنصرية».
وبعدما كان المرشح الديمقراطي غائبا عن وسائل الإعلام التي ركزت في الآونة الأخيرة تغطيتها على فيروس كورونا المستجد وطريقة تعامل ترامب مع الأزمة الصحية، ضاعف بايدن تصريحاته ولقاءاته بعد مقتل فلويد، في حادث أشعل مظاهرات واحتجاجات تخللتها أعمال عنف وتخريب في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وأدان بايدن مرارا مقتل فلويد و»العنصرية المؤسسية» التي تعيشها الولايات المتحدة، لكن بايدن نائب الرئيس السابق باراك أوباما دعا أيضا إلى الهدوء منددا بأعمال العنف.
واتهم، الرئيس دونالد ترامب بأنه منشغل بإعادة انتخابه أكثر من انشغاله بلم شمل البلاد.
شعور بالعنصرية
أظهر استطلاع حديث للرأي، أن غالبية الأمريكيين يرون أن الشرطة تعامل المواطنين البيض عموما بشكل أفضل من نظرائهم السود.
وبيّن الاستطلاع- الذي أجرته شبكة «سي.بي.إس. نيوز» الإخبارية الأمريكية، ونُشرت نتائجه الثلاثاء، أن 57 بالمائة، من الأمريكيين بوجه عام يعتقدون أن الشرطة تعطي معاملة تفضيلية للمواطنين البيض عن حساب السود، فيما يعتقد 78 بالمائة من الأمريكيين السود بالأمر ذاته.
وزارة الدفاع تدافع
سعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) المتهمة بالسماح لدونالد ترامب باستخدامها لغايات سياسية، إلى النأي بنفسها عن الرئيس الأميركي بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها وزير الدفاع مارك اسبر ونشر تعزيزات عسكرية حول البيت الأبيض.
وفي بلد يبجّل العسكريين، أثار اسبر قلقا بقوله الإثنين إن قوات حفظ النظام يجب أن «تسيطر على ساحة المعركة» لإعادة النظام بينما يحتج مئات الآلاف من الأميركيين على وحشية الشرطة والعنصرية والتفاوت الاجتماعي الذي تفاقم مع وباء كوفيد-19.
وظهر اسبر ورئيس الأركان الأميركي مارك مايلي إلى جانب ترامب عندما توجه سيرا على الأقدام إلى كنيسة سانت جون المبنى الذي يرتدي طابعا رمزيا بالقرب من البيت الأبيض وتعرض لتخريب قبل يوم على هامش تظاهرة.
وأكد مسؤول كبير في البنتاغون أن إسبر لم يكن يضمر شيئا عندما تحدث عن «ساحة المعركة»، بل استخدم عبارة من «اللغة العسكرية المتداولة».
أما بشأن وجود الجنرال مايلي خلف الرئيس خلال خروجه من البيت الأبيض لسبب من الواضح أنه سياسي، فقد برره المسؤول نفسه الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، بأنه لم يكن طوعيا.