طباعة هذه الصفحة

إجبارية ارتداء الكمامة

خطوة مهمة للتعايش مع الوباء

فتيحة كلواز

كما كان متوقعا، ومنذ أول أيام عيد الفطر، وجد المواطن نفسه مجبرا على ارتداء الكمامة التي أصبحت الرهان الذي تلعبه الجزائر من أجل الخروج من الأزمة الصحية الاستثنائية التي تعيشها على غرار بقية العالم، بحيث يدفع كل شخص لم يلتزم بارتدائها غرامة مالية قد تكون السبيل لإجبار المواطنين على حماية أنفسهم ومحيطهم من فيروس كورونا المستجد، الوباء الذي فرض خياراته الصحية على كل بلدان العالم.
لكن هل سيكون ارتداء الكمامة سهلا على مواطن يرفض أن يكون طرفا فاعلا في استراتيجية مجابهة كورونا. وهل استوعب الدور المحوري المنوط به في الحد من انتشار كوفيد-19؟، خاصة وان المختصين ومنذ بداية انتشاره في الجزائر أكدوا على أن المواطن هو الورقة الرابحة للخروج من الحالة الاستثنائية التي كانت لها اثار صحية واقتصادية كبيرة، بسبب طول مدة الحجر وكل تلك الإجراءات الوقائية والاحترازية التي اتخذتها الجزائر في اطار سياستها لمجابهة الفيروس، خاصة ما تعلق بمنع التجمعات ووقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية وغلق المساحات الكبرى، ما تطلب تسخير الكثير من الإمكانات المادية والبشرية للسهر على تطبيقها.
ورغم أن الجزائر لم تدخر جهدا في إطار مكافحة انتشار الوباء، بل ثمنها المختصون، لأنها ومنذ ظهور الحالة الأولى أواخر شهر فيفري، لم تتوان عن اتخاذ أي قرار بإمكانه المساهمة في الحد من العدوى، بل أكدوا ان الاستباقية في التعامل مع الجائحة سبب مهم في السيطرة عليها، ولولا ذلك لكانت الأرقام أكبر بكثير. لكن يبقى الرهان الأكبر هو العودة الى الحياة العادية، ولن يكون السبيل الى ذلك بعيدا عن الكمامة، التي يعتبرها المختصون والأطباء الوسيلة الأمثل للحد من انتشار العدوى، لأنها تسد الطريق أمام الفيروس من خلال حماية أهم منافذه الى الجسم الفم، الأنف والعينين.
رؤية المواطنين يلتزمون بارتدائها أيام عيد الفطر، يوحي باقتناعهم بضرورة ارتدائها للمصلحة العامة، التي تقتضي إشراك المواطن كطرف مهم ومحوري في وقف المنحنى التصاعدي لعدد الإصابات والوفيات، وكذا الخروج من الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي اللذين أثرا سلبا على حياة الافراد النفسية، بسبب البقاء في المنزل لفترات طويلة. ولعل الدراسات الأخيرة تؤكد على ضرورة استرجاع الحياة العادية من خلال نتائج بحثها التي أثبتت ارتفاع ظاهرة العنف المنزلي منذ تطبيق الحجر الصحي. ولن تكون ظاهرة مقتصرة على الجزائر بل هي عالمية بسبب الضغط العاطفي الذي يعيشه الفرد عند بقائه في البيت لفترات طويلة.
إلزام ارتداء الكمامة خطوة مهمة نحو التعايش مع الوباء والعودة التدريجية الى الحياة العادية، لكن وكما كان الأمر مع كل التدابير الوقائية المتخذة من قبل بدون صرامة التطبيق وانخراط المواطن، ستذهب كل الجهود المبذولة أدراج الرياح، لأن الوعي وإدراك متطلبات المرحلة هما أكبر رهان سيحدد مصير الأيام القادمة.