أشرف الوزير الأول عبد العزيز جراد، أمس، على إطلاق البث التجريبي لقناة تلفزيونية موضوعاتية عمومية، خاصة بالتعليم عن بعد، تبث عبر القمر الصناعي الجزائري ألكومسات-1 وذلك تزامنا والاحتفال بذكرى اليوم الوطني للطالب. وحضر مراسم إطلاق هذه القناة السابعة «المعرفة» المستشار برئاسة الجمهورية عبد الحفيظ علاهم وعدد من الوزراء.
وتهتم هذه القناة، الأولى من نوعها، بتقديم الدروس في كل التخصصات لصالح تلاميذ كل الأطوار، خاصة أقسام الامتحانات النهائية.
وتم تحديد يوم الطالب موعدا لبداية بث هذه القناة، لما يكتسيه هذا التاريخ من دلالة رمزية بالنسبة للجزائر.
وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أعلن، الأسبوع الماضي، خلال اجتماع استثنائي بتقنية التواصل المرئي عن بعد لمجلس الوزراء، عن إطلاق هذه القناة التلفزيونية المختصة.
وأكد جراد، عزم الدولة على تعزيز الدور المنوط بالمدرسة والجامعة، استجابة لمتطلبات التنمية وحاجيات الاقتصاد، أن «الدولة عازمة على تعزيز دور المدرسة والجامعة من أجل الاستجابة لمتطلبات التنمية وحاجيات الاقتصاد، فضلا عن المهام الأكاديمية والبحثية».
ومن أجل بلوغ هذه المقاصد، شدد على أنه يتعين على المنظومتين التربوية والجامعية على السواء، «مواكبة التطور في مناهج التحصيل العلمي» وهذا من خلال «الاعتماد على الطرق والوسائل التي تتيحها تكنولوجيات الإعلام والاتصال، بما يمكن مدارسنا وجامعاتنا من مسايرة التطور السريع للعلوم في عالم اليوم».
في هذا الإطار، عرّج جراد على قرار رئيس الجمهورية بإنشاء قناة تلفزيونية جديدة، بالتزامن مع إحياء اليوم الوطني للطالب، بهدف «تلقين المعارف والثقافة العامة وتقديم دروس في كل التخصصات لفائدة الطلبة وتلاميذ مختلف الأطوار، لاسيما أقسام الامتحانات النهائية. وتمثل قناة «المعرفة» المفتوحة على العالم «الفضاء الذي تتمحور فيه وتتعزز المعارف والثقافات العالمية وتتبلور الأفكار حول الإطار المعيشي للمجتمع ورهانات المستقبل وتحدياته».
وتتلخص المهام المنوطة بهذه القناة الجديدة، في «السماح بتعميم المعارف ونتائج البحث وخيارات الخبراء ورفع مستوى الالتحاق بالدراسات الجامعية»، بالإضافة إلى «تقديم محتوى بيداغوجي مرجعي لمختلف الشعب وطرح استجوابات حول رهانات المجتمع»، يقول الوزير الأول.
وعلاوة على كل ما سبق، تحمل القناة المذكورة بعدا جواريا، في نقلها للمعارف، حيث من شأنها السماح بتبادل الأفكار بين رجال العلوم والثقافة والباحثين والمقاولين. وفي هذا السياق، حرص جراد على الإشادة بجهود كل من ساهم في إطلاق هذه القناة المعرفية في «وقت قياسي».
استلهام القيم التي آمن بها السلف وضحوا من أجلها
وبخصوص اليوم الوطني للطالب، 19 ماي، ذكر الوزير الأول بأن هذا التاريخ من أهم المحطات التاريخية للكفاح الوطني من أجل استعادة الاستقلال، فضلا عن كونه «تعبيرا عن المشاركة القوية والفعالة للشبيبة الجزائرية في مجريات حرب التحرير الوطني والتزامها الكامل بمبادئ ثورة اول نوفمبر المجيدة».
كما استذكر المسار الذي قطعه الطلبة الجزائريون الذين أقدموا عام 1956 على ترك مقاعد الجامعات والثانويات ومقاطعة الدروس، مضحين بذلك بطموحاتهم وآمالهم الشخصية من أجل الالتحاق بصفوف الثورة، إلى جانب المجاهدين من شتى فئات المجتمع.
ويعد هذا التاريخ، مثلما أكد جراد، «فرصة بالنسبة لطلاب اليوم، لاستلهام القيم التي آمن بها أسلافهم وضحوا من أجلها بالنفس والنفيس»، وهذا حتى يؤدوا بدورهم، ما عليهم لصنع مستقبل الجزائر وبناء الاقتصاد الوطني وتأطير الدولة الجزائرية، من خلال المثابرة على اكتساب المعارف والعلوم العصرية والتكنولوجية».
كما تعد هذه الذكرى مناسبة للتذكير بأن المعرفة تعد «عاملا أساسيا وجوهريا للنماء المعرفي والتقدم والتطور الاقتصادي الدائم».
وانطلاقا من ذلك، دعا جراد مجموع الطلبة إلى الحرص على التمكن من مفاتيح العلوم والتحكم في اللغات الأجنبية من أجل الانخراط «بجدية وفاعلية» في مسار التنمية الشاملة للبلاد من أجل الارتقاء بالبلاد إلى أعلى مراتب النماء والتقدم في جميع القطاعات والمجالات.
ويمر كل ذلك عبر الاقتداء بالطلبة الجزائريين الذين لبوا النداء يوم 19 ماي 1956، داعيا طلبة اليوم إلى جعل طلب العلم نصب أعينهم، لكونه «السبيل الوحيد للنهوض بالوطن؛ وطن يؤمن جميع أبنائه بأن تقدمه ورقيه يكمن في تبني قيمة العلم والعمل».
وقفة ترحم على أرواح الشهداء بجامعة الجزائر-1
وأشرف الوزير الأول عبد العزيز جراد، أمس، على مراسم إحياء الذكرى 64 لليوم الوطني للطالب بجامعة الجزائر-1 بن يوسف بن خدة»، حيث ترحم بالمناسبة على أرواح شهداء الثورة التحريرية المجيدة، حيث قام جراد مرفوقا بعدد من أعضاء الحكومة، بوضع إكليل من الزهور وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواح الشهداء، أمام نصب تذكاري شيّد تخليدا لذكرى يوم الطالب (19 ماي 1956- 19 ماي 2020).
كما وقف جراد عند معرض للصور أقيم بذات المناسبة، تم خلاله عرض صور ووثائق خلدت ذكرى الإضراب الذي شنه الطلبة الجزائريون آنذاك، وكذا تناول الصحافة الاستعمارية والأجنبية لهذا الحدث البارز في تاريخ الثورة الجزائرية. وبهذا الصدد، أكد على ضرورة كتابة تاريخ الطلبة الجزائريين الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الجزائر «حتى تستلهم منهم الأجيال الجديدة وتأخذ منهم العبرة وتستلم منهم المشعل»، داعيا إلى «تخصيص دراسات ومذكرات الماجستير والدكتوراه لهذا الموضوع» وإلى التنسيق بين الجامعة ووزارة المجاهدين وذوي الحقوق في هذا الشأن.
يذكر أن جامعة الجزائر-1 (الجامعة المركزية سابقا)، كانت معقلا للثورة الطلابية، حيث قرر الطلبة الذين آثروا عزة البلد ومصلحته العليا على تحصيل شهاداتهم العلمية، الالتحاق بمسار الثورة التحريرية.
ويذكر المؤرخون، بأنه أياما قليلة بعد إضراب الطلبة في 19 ماي 1956 عن الدروس والامتحانات، التحق أزيد من 150 طالب بصفوف جيش التحرير الوطني بالولاية الرابعة التاريخية، لتتدعم الثورة الوطنية بطاقات علمية وفكرية ساهمت في نقلة نوعية في مسارها، مع نقل صوتها إلى العالم والتصدي للدعاية الاستعمارية.
وساعد التحاق الطلبة بالثورة بإعطاء بعد سياسي وإعلامي للقضية الجزائرية التي كانت بأمسّ الحاجة للكفاءات التنظيمية، لتكون المحطة الموالية بعد ذلك هي استخلاف المساعدين الفرنسيين سنوات 1971 و1973 بالجامعة الجزائرية.
كما أن الإطارات الأولى للسلك الدبلوماسي الجزائري بعد الاستقلال، كانوا من الطلبة الذين قاطعوا الدراسة واستجابوا لنداء الإضراب الذي دعت إليه جبهة التحرير الوطني سنة 1956.
تطوير واستغلال التكنولوجيات الحديثة خدمة للوطن
كما أبرز عبد العزيز جراد، الأهمية التي يوليها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وإرادته في تطوير واستغلال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال «في أقصى حد» حتى تكون في خدمة الوطن.
وقال الوزير الاول، لدى إشرافه على إطلاق قناة «المعرفة» السابعة، وهي قناة موضوعاتية عمومية خاصة بالتعليم عن بعد، بحضور المستشار برئاسة الجمهورية عبد الحفيظ علاهم وعدد من أعضاء الحكومة بمقر الوكالة الفضائية الجزائرية ببوشاوي غرب الجزائر العاصمة)، إن «التكنولوجيات العصرية هي التي تمكننا من رفع مستوى الأداء لوسائل الاتصال والعالم وصل الى مستوى متطور جدا في هذه التقنيات والمجالات»، مضيفا بأن الجزائر منذ سنين «شرعت في العمل والآن هناك إرادة لرئيس الجمهورية لتطوير واستغلال هذه التكنولوجيات في أقصى حد، لكي تكون في خدمة الوطن وبالخصوص في خدمة الطلبة والتلاميذ».
وحث جراد على ضرورة «إيصال المعلومة والمعرفة لكل أبناء الجزائر أينما كانوا فوق التراب الوطني وبصفة مجانية وبدون مقابل»، بالنظر الى أن الجزائر -كما قال- «تعتبر قارة ومساحتها كبيرة وهي أكبر دولة في افريقيا»، لافتا الى أن «ليس كل التلاميذ أو الطلبة لديهم إمكانات مادية لاستعمال هذه التكنولوجيات».
تدريس اللغات الأجنبية بما فيها الإنجليزية والصينية
ولدى مخاطبته المهندسين الذين أوكلت إليهم مهمة الإشراف التقني على بث وإرسال ما تنتجه قناة «المعرفة»، أكد جراد على «أهمية تدريس اللغات الأجنبية، بما فيها اللغتان الانجليزية والصينية على وجه الخصوص»، لافتا الى أن الصين ستكون في القرن 21 «أكبر قوة في العالم وبالتالي فإنه من اللازم التحكم في اللغة الصينية». كما شدد في نفس الوقت على الاهتمام باللغات الوطنية وتدعيمها والرفع من مستواها».
وعند تتبعه لشرح مستفيض حول هوائيات الإرسال التي تتوافر عليها الوكالة الفضائية الجزائرية ببوشاوي، ثمن ما تقوم به أدمغة الجزائر في هذا المجال، مشيرا إلى أن البلاد «لا بد من أن تسترجع مكانتها ودورها على المستويين الجهوي والعالمي، بفضل التكوين الجيد العالي لطاقاتنا ونخبتنا العلمية».
وأضاف جراد، وهو يطلع على مجسمات الأقمار الصناعية للوكالة، بأن استعمال التكنولوجيات الحديثة في مجال التعليم بواسطة التلفزة «لابد من توسيع نطاقه الى الإذاعات، لكون المواطنين في الجنوب يميلون كثيرا إلى استعمال المذياع في حياتهم اليومية، وبالتالي فإنه من الضروري اللجوء الى التعليم عن طريق البث الإذاعي».
«التكوين المتواصل» أول جامعة افتراضية
وفي ثاني نقطة من زيارته الميدانية التي قادته إلى جامعة التكوين المتواصل بدالي ابراهيم، أين يوجد مقر قناة «المعرفة» السابعة للتعليم عن بعد، جدد جراد التأكيد على أن هذه القناة «هي منطلق جديد مهم من ناحية المقاربة البيداغوجية، بالنظر إلى التطور الكبير للقدرات التكنولوجية في العالم»، مشددا على أن الوسائل البيداغوجية الكلاسيكية «لم تعد لها تقريبا مكانة في مواكبة العلوم، وبالتالي فإن مثل هذه القناة مهم في تبليغ العلم والمعرفة لكل التلاميذ الجزائريين والطلبة عبر كل الوطن».
ولم يفوت الوزير الأول الفرصة ليعلن بأن جامعة التكوين المتواصل «ستصبح أول جامعة تكوّن في الجانب البيداغوجي الافتراضي وستكون لها مكانة مهمة جدا في تبليغ العلم والمعرفة في أي مكان يتواجد فيه الطالب أو التلميذ وحتى المواطن العادي، الذي سيتمكن من استعمال هذه الوسائل وخدمات هذه الجامعة بالوصول الى مستوى معين من المعرفة ومن الثقافة العامة التي تمكن المجتمع الجزائري من رفع مستواه ووعيه والاطلاع على ما يجري في العالم».
وفي تصريح متلفز، في ختام زيارته، جدد جراد التصور الشامل «الذي يتضمنه برنامج رئيس الجمهورية حول استعمال التكنولوجيات الحديثة في كل المجالات وخاصة في المجال التربوي وهو ما تمخض عنه قراره الأخير بإنشاء عدة قنوات، منها قناة لتاريخ الجزائر وقناة «المعرفة» السابعة التي هي في بداية بث برامجها تجريبيا.
وبالنسبة للمسؤول الاول عن الجهاز التنفيذي، فإن قناة «المعرفة» ستمكن عائلات عديدة عبر مناطق في الجزائر من برامج هذه القناة المعرفية التي ستصل الى كل بيت ومدينة أو قرية عبر الوطن.
وزير التربية: القرار السديد للرئيس تبون
من جهته ثمن وزير التربية الوطنية محمد واجعوط، القرار السديد للرئيس تبون بإطلاق عبر النظام الفضائي ألكوم سات-1 القناة التلفزية السابعة «المعرفة»، موضحا، أن إطلاق مثل هذه القناة في هذا اليوم (19 ماي، يوم الطالب) «له رمزية كبيرة لدى الجزائريين والذي لولاه لما رأت هذه القناة النور في ظل الظرف الصحي الصعب جراء تفشي جائحة كورونا».
وتأتي هذه الخطوة - بحسب واجعوط - «كخيار إضافي للمتعلمين، بعد أن اتخذت وزارة التربية الوطنية في وقت سابق، إجراءات تضمن استمرارية مرفق التربية من خلال تقديم حصص تعليمية عن بعد، إذ سطرت الوزارة خطة طوارئ عملية اعتمدت فيها كل الامكانات البشرية والمادية والتقنية المتوفرة والاستعمال الأمثل والعقلاني لها لمجابهة تعليق دوام التعليم في المراحل التعليمية الثلاث، مع مراعاة مبدإ الإنصاف بين فئات التلاميذ دون إقصاء وإعطاء العناية الخاصة للتلاميذ المقبلين على امتحانات نهاية السنة».
«إننا نسعى من خلال هذه القناة الموجهة لأفراد المنظومة التربوية ككل، بمركباتها الثلاث: تربية وطنية وتعليم عالي وتكوين وتعليم مهنيين - يضيف ذات المسؤول - الى نقل الأفكار والمعارف والخبرات التعليمية بإنتاج وبث برامج تدريبية وتأهيلية متطورة تسهم في رفع مستوى المتعلمين وكذا إنتاج وبث برامج تعليمية موجهة إلى التلاميذ والطلبة في مختلف المراحل الدراسية وفق المناهج الدراسية، إلى جانب برامج تعليمية موجهة لذوي الاحتياجات الخاصة».