جاء موقف حركة الإصلاح الوطني، أمس، مؤيدا للتعديلات المتضمنة في مسودة تعديل الدستور، بعدما وصفتها بـ «العميقة والنقلة النوعية التي سيعرفها دستور الجزائر». بالمقابل، دعت حركة مجتمع السلم، التي تنتمي إلى نفس التيار، «كل مكونات الطبقة السياسية والاجتماعية، إلى التعامل بجدية ومسؤولية مع مسار الإصلاحات»، وذلك «بما يحقق تطلعات الانتقال الديمقراطي».
لا تزال ردود فعل الأحزاب السياسية، التي تبعت تسلمها وثيقة مسودة تعديل الدستور، وإن كانت أولية، تتوالى وتتأرجح بين تأييد وانتقاد، مقدمة مواقفها في انتظار مقترحات تتوج قراءة متأنية من قبل الخبراء في سبيل إثرائها.
في هذا الإطار، أكدت حركة الإصلاح برئاسة فيلالي غويني، في تصريح إعلامي، أمس، تثمينها «إنجاز رئيس الجمهورية وعده، بإصلاح دستوري عميق يحقق طموحات عموم الجزائريين والجزائريات ويستجيب للتطورات الحاصلة في المجتمع والدولة».
وجددت الحركة، التي أعلنت عن الشروع في مناقشة مسودة المشروع بكل مسؤولية على مستوى مؤسساتها، لتقديم المقترحات التي تسهم في تقويته، «إلتزامها كحزب جاد ومسؤول، بالانتصار دوما للمصالح العليا للوطن والتجند في أوقات الشّدة لدفع كل المخططات والمؤامرات، التي تحاك ضد مؤسسات الدولة وثوابت الأمّة وتستهدف قيمنا الأخلاقية».
وشددت على «هبّة جماعية في البلاد لإنجاح ورشة الإصلاح الدستوري وكل الورشات الكبرى في مختلف الملفات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، بأكبر انخراط ممكن وبأوسع تجنيد لكل ألوان الطيف السياسي المجتمعي».
وبالنسبة لقيادة الحركة، فإن «التعديلات العميقة والنقلة النوعية التي سيعرفها دستور الجزائر»، تأتي قياسا إلى عدة نقاط في مقدمتها «دسترة الحراك الشعبي المبارك وتحصين عناصر الهوية الوطنية»، إلى جانب «توسيع مساحات الحقوق والحريات وتكريس كرامة المواطن وتحصين الصحفي وحماية المرأة».
وترى الحركة، أن التعديلات المقترحة من قبل اللجنة التي عملت على مدار شهرين كاملين برئاسة أحمد لعرابة، كرست «استقلالية القضاء بمستوى غير مسبوق بإقرار المحكمة الدستورية، مراجعة تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء والعضوية فيه».
إلى ذلك، راعت «إحداث توازن بين مختلف السلطات ومراجعة المهام والصلاحيات، من خلال استحداث منصب نائب الرئيس وتعزيز صلاحيات رئيس الحكومة والبرلمان وترقية دور مجلس المحاسبة». كما كرست «تثبيت الطابع الاجتماعي للدولة وتثمين المكاسب المحققة واستحداث شروط تحقيق إقلاع اقتصادي وطني حقيقي»، وإلى ذلك «تم إعادة ضبط معايير الوظيفة العمومية وفتح الباب أمام الكفاءات».
من جهتها دعت حركة مجتمع السلم، في بيان توج اجتماعا استثنائيا لمكتبها التنفيذي، كل مكونات الطبقة السياسية والاجتماعية، إلى التعامل بجدية ومسؤولية مع مسار الإصلاحات»، وذلك «بما يحقق تطلعات الانتقال الديمقراطي»، معلنة بأنها «ستتحمل مسؤوليتها من جهتها كاملة في التعامل مع الموضوع لتعديل ما يستحق التعديل، بما يوصل الوثيقة الدستورية لنصاب التغيير الحقيقي وحلم الجزائر الجديدة الذي ينشده الجميع».
وأكدت قيادة التشكيلة في السياق، أنها «ستحدد موقفها وفق ما يحقق المصلحة الوطنية وتطلعات الشعب الجزائري ومطالب الحراك الشعبي، الذي هي جزء منه»، و»بما يضمن التوصل إلى تحول دستوري حقيقي يضمن التداول والشفافية والرقابة على الشأن العام»، جازمة بأن «مسار نضالها سيظل مستمرا في كل الأحوال والظروف، من أجل حماية الجزائر وضمان استقرارها وحماية ثرواتها، وتحقيق الرفاهية والازدهار للشعب الجزائري، وفاءً للشهداء وتضحيات شعبنا».
وفي تقييم أولي للوثيقة، اعتبرت «حمس» أن «ما توصلت إليه اللجنة التي كلفت بإعداد الأرضية بعيد عن الطموحات المرجوة»، مشيرة إلى أن المسودة المقترحة «لم تفصل في طبيعة النظام السياسي»، وحرمانها «الأغلبية من حقها في التسيير، ولا تُلزم تسمية رئيس الحكومة من الأغلبية»، كما انتقدت «حالة الغموض المتعلقة بمنصب نائب الرئيس، من حيث دوره وصلاحياته وطريقة تعيينه».
واستنادا إلى ما أفضى إليه المكتب التنفيذي برئاسة عبد الرزاق مقري، فإن الوثيقة «لم تعط الصلاحيات الكافية للهيئات المنتخبة»، فيما «أبقت على الدور الكبير للهيئات المعينة وخاصة الإدارية منها على حساب المنتخبة، مما يمثل عائقا أساسيا للتنمية المحلية وإخلالا بالديمقراطية التشاركية والتوجهات اللامركزية».