يتجه العالم للتعايش تدريجيا مع فيروس كورونا المستجد، من خلال رفع إجراءات العزل بدءا بالقطاعات الاقتصادية، بعدما تكبدت خسائر فادحة لحد الآن، في وقت لا يتوقع إنتاج لقاح أو علاج فعال للوباء قبل منتصف الصيف المقبل.
وتفيد آخر إحصاءات جامعة جونز هوبكنز الأميركية، أن الجائحة أصابت أكثر من 3 ملايين شخص في العالم، وبلغت الوفيات جراء المرض أزيد من 217 ألف، في حين تعافى أكثر من 932 ألف.
وقررت عديد الدول السماح لمواطنيها باستئناف جزء من الحياة العادية، شريطة اتخاذ إجراءات التباعد الاجتماعي والوقاية وارتداء الكمامات بشكل إجباري في الأماكن العامة ووسائل النقل.
أرقام قياسية في أمريكا
وعادت الحصيلة اليومية لضحايا فيروس كورونا في الولايات المتحدة إلى الارتفاع، أمس، إذ سجل أكثر من 2000 وفاة بالمرض في الساعات 24 الماضية، مقابل نحو 1300 وفاة في اليوم السابق، وفق إحصاءات جامعة جونز هوبكنز.
وقالت الجامعة نفسها -التي ترصد على مدار الساعة إحصاءات الجائحة- أن عدد المصابين بفيروس كورونا في الولايات المتحدة تجاوز المليون، وهو ما يمثل ثلث عدد المصابين في العالم، بينما تخطت الوفيات حصيلة القتلى الأميركيين في حرب فيتنام.
كما أعلنت تسجيل أكثر من 21600 إصابة و2200 وفاة في يوم واحد، ليصل إجمالي الوفيات إلى نحو 57 ألفا.
من ناحية أخرى، يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب حثّ حكام الولايات على اتخاذ قرارات تعيد فتح المرافق الاقتصادية مرة ثانية، شريطة أن تكون مدروسة ومبنية على معطيات علمية.
التعايش مع الوباء
وفي القارة الأوروبية، وهي أكثر قارات العالم تضررا من أزمة كورونا، بدأت دول تنفيذ خطط للتخفيف التدريجي لإجراءات العزل من أجل التعايش مع واقع المرض المعدي الذي لا يوجد له علاج لحد الساعة، وذلك عقب انخفاض أعداد الإصابات والوفيات.
ففي النرويج، وبعد أن أعلنت السلطات سيطرتها على تفشي انتشار الفيروس قبل أيام، فتحت المدارس الابتدائية أمس، أبوابها أمام الطلبة، بالإضافة إلى فتح ما تبقى من رياض الأطفال، معلنة بذلك استئناف الحياة تدريجيا وسط إجراءات وتدابير احترازية شديدة، مع متابعة دقيقة للدولة وأجهزتها المختصة.
الكمامة إجبارية في ألمانيا
وفي ألمانيا، أصبح ارتداء الكمامات الواقية في وسائل النقل العمومي والمحلات التجارية إلزاميا اعتبارا من أمس، في كافة أنحاء البلاد. ودعت السلطات السكان إلى التزام الحذر في مواجهة الجائحة.
وأظهرت بيانات لمعهد «روبرت كوخ» للأمراض المعدية في ألمانيا، رصد 1304 حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا في البلاد يوم أمس، بينما ارتفع إجمالي الوفيات بواقع 202 حالة وفاة مقارنة باليوم السابق، وناهز العدد الإجمالي 157641 حالة إصابة مؤكدة، وعدد الوفيات 6115.
وأعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أمس، أن بلاده مددت توصيتها بعدم السفر في رحلات إلى الخارج بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد حتى منتصف جوان المقبل.
بينما في فرنسا، قدم رئيس الوزراء إدوار فيليب، أمس، خارطة طريق لإعادة تشغيل البلاد تدريجيا اعتبارا من 11 ماي المقبل، وهو موعد كان حدده الرئيس إيمانويل ماكرون من قبل.
ووافق أغلبية أعضاء البرلمان الفرنسي على الخطة التي انتقدتها المعارضة، معتبرة العديد من نقاطها «غامضة».
وتشمل الخطة إجراء فحوصات واسعة، إعادة فتح المدارس تدريجيا، إعادة فتح المحلات التجارية (دون المقاهي والمطاعم)، وفرض ارتداء كمامات واقية في وسائل النقل العام. فيما ستبقى الشواطئ ودور السينما والمتاحف الكبيرة والمسارح مغلقة، وستكون التجمعات لأكثر من عشرة أشخاص محظورة.
وحذر رئيس الوزراء الفرنسي أمام البرلمان، من أنه سيكون على البلاد أن تتعايش مع الفيروس، موضحا أن «الإفراط في عدم الإكتراث سيؤدي إلى انتشار الوباء مجددا، والإفراط في الحذر سيجعل البلاد بأكملها تغرق» بسبب التبعات الاقتصادية للمرض.
إيطاليا وإسبانيا تعلقان الدراسة
وفي إسبانيا، حيث عاودت الحصيلة اليومية الارتفاع، أمس، بتسجيل وفاة 325 مصاب، مقارنة بـ301 حالة، الثلاثاء، تم الشروع في التخفيف التدريجي لإجراءات العزل.
وقدمت الحكومة خطة للخروج من العزل بشكل تدريجي وعلى مراحل إلى غاية نهاية جوان المقبل، وذلك تبعا لتطورات الحالة الوبائية.
وكانت السلطات الإسبانية خففت إجراءات العزل، وسمحت للأطفال دون سن الرابعة عشرة بنزهة يومية، واعتبارا من السبت المقبل سيسمح بممارسة الرياضة، شرط أن تكون فردية أو التنزه لأفراد الأسرة نفسها، لكن المدارس الإسبانية ستبقى مغلقة حتى سبتمبر المقبل.
وفي إيطاليا، أكبر بؤرة لوفيات كورونا في أوروبا، حددت السلطات، يوم الأربعاء المقبل، موعدا لبدء تخفيف إجراءات العزل، مع استمرار حظر التجمعات والتنقل بين المناطق وفرض وضع كمامات واقية في وسائل النقل، بينما ستفتح المدارس أبوابها قبل سبتمبر المقبل.