تنامت الإشاعة بتنامي وباء كورونا. وانسحاب الأفراد إلى الواقع الافتراضي والالتزام بإجراءات الحجر الصحي، دفع إلى البحث عن أي معلومة للتكيف معه، يضاف إليه مشاعر الحذر. كل هذه الأسباب عمقت من تتبع كل المعلومات على مستوى شبكة الأنترنت، لتتنامى الإشاعات مثل الفطريات. لمعرفة هذا الإشكال، اقتربنا من أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة محمد الشريف مساعدية، الأستاذ «منصوري فوزي» فكان لـ «الشعب» هذا الحوار معه.
الشعب»: تنامت الإشاعة بتنامي تطور وباء كورونا، بحسب رأيكم ما الذي يغذيها؟
الأستا منصوري فوزي: الإشاعة باختصار وباء معلوماتي، فهي إما أن تكون معلومات كاذبة أو مغلوطة أو مضللة أو موجهة. وغالبا ما تجد وسطا خصبا للانتشار والتوسع عند وجود الاضطرابات، سواء السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية أو الصحية، كما هو الحال مع جائحة كورونا. وهنا قد تختلف الدوافع بين من يطلقها والذي له أغراض، وبين من ينشرها والذي يعتقد بأنه يتصرف بدافع النفع المشترك وبنية حسنة غالبا.
أزمة كورونا وقلة المعلومات والواقع الافتراضي بيئة خصبة للإشاعات، كيف نواجه هذا الوباء المعلوماتي؟
أعتقد أننا نعيش فوضى المعلومات. فبين وسائل الإعلام التقليدية والأنترنت يجد الفرد نفسه في زوبعة لا تنتهي من الدراسات المنشورة وكمّ من التدابير والتعليمات الوقائية التي يناقض بعضها بعضا.
فالواقع الافتراضي اليوم، يعج بفيض من المنشورات المكتوبة والسمعية والسمعية البصرية التي تدار بشكل سريع جدا ويتم تداولها على نطاق عالمي. وللأسف الشديد، فإنك تجد الكثيرين ممن يدلون بدلوهم في موضوع كورونا، بطرح وصفات علاجية سحرية أو أرقام مغلوطة أو تكذيب الأرقام الرسمية أو فبركة صور وفيديوهات أو نشر معلومات عن نقص في المواد الغذائية، الأمر الذي أثار الهلع والخوف ودفع المواطنين إلى الإقبال بقوة على اقتناء السلع الأساسية ومن ثم إلى خلق ندرة في بعض المواد.
مواجهة الوباء المعلوماتي تأخذ عدة أبعاد ومستويات، لعل أهمها قيام مواقع التواصل الاجتماعي بإجراءات تقنية، على غرار ما قامت به منصة واتساب مؤخرا مع جائحة كورونا، من تعطيل جزئي لمشاركة المحتويات، تفاديا لانتشار الشائعات.
إلى جانب الإستعانة بالتطبيقات المعلوماتية المتخصصة والمواقع الإلكترونية ومحركات البحث الخاصة بكشف الأخبار الكاذبة والمغلوطة، للتأكد من مصداقية المحتوى المنشور على الشبكة والتعرف على تاريخ أول نشر له وكذا مكان وزمان المنشور الأصلي سواء كان صورة أو فيديو أو تسجيلا صوتيا.
ومن بين خطوات مواجهة هذا الوباء أيضا، رفع درجة وعي الأفراد وتنمية قدرتهم على الفرز والانتقاء والتحقق والتدقيق وإخضاع المحتوى للمحاكمة العقلية قبل إعادة نشره أو تمريره.
ما الأهداف التي تدفع بصاحبها إلى الترويج للإشاعات؟
من بين أهم الأهداف التي تدفع صاحبها إلى الترويج للإشاعة في الفضاء الافتراضي عديدة ولا حصر لها منها التأثير في الرأي العام وجعله يتبنى عن قصد أفكارا وآراء معينة.
كذلك تحقيق الرواج لموقع أو صفحة أو حساب إلكتروني أو شخص عبر نشر محتوى مثير يلقى متابعات كبيرة من طرف الجمهور، مع العمل على التأثير في معنويات الأفراد والجماعات ومشاعرهم إيجابا أو سلبا. كما أن هناك فئات مرضى النفوس أعداء النجاح، الإشاعات تؤدي لتحقيق إشباع نفسي عبر خلق الإثارة والتهويل.
بين الإشاعة والمعلومة خيط رفيع وهو المصدر، بحسب رأيكم، كيف نفرض إلزامية ذكر المصدر في المعلومات المنشورة؟
يجب التفريق هنا بين مواقع المؤسسات الإعلامية والمواقع الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الصفحات والمجموعات لمستخدمين عاديين. فالضابط في الحالة الأولى هو القانون وأخلاقيات النشر. أما في الحالة الثانية فالضابط هو الوعي والمسؤولية. وبمناسبة جائحة كورونا، فإن بعض المختصين في الإعلام يطرح ضرورة إعادة النظر بشأن المصطلحات المتداولة مثل صحافة المواطن، المواطن الصحفي، إعلام المواطن وغيرها... لأن الصحفي له تكوين في مجال الصحافة والإعلام عما ينشره وله إلتزام تجاه مؤسسته الإعلامية وتجاه المجتمع تترتب عنه مسؤولية قانونية وأخلاقية بخلاف المواطن الذي لا يتقيد بأية ضوابط فيما ينشره.
تواجه الجزائر بصرامة محاربة الأخبار المغلوطة، هل ترى الإجراءات الأخيرة المتخذة كافية؟
أصبحت مواجهة الأخبار الكاذبة والمغلوطة ضرورة ملحة، بالنظر إلى تزايد تأثير شبكات التواصل الاجتماعي في الرأي العام. وبالرغم من الإجراءات القانونية المتخذة مؤخرا، إلا أنها تبدو غير كافية وذات أثر محدود. ولذا باشرت الدولة، بالموازاة مع تلك الإجراءات، العمل على كسب ثقة المواطن في الإعلام الرسمي، إذ أن الرهان الأساسي هو جعله يتقبل أكثر المعلومة الرسمية أمام هذه الفوضى في المعلومات التي لايمكن التحكم فيها ولا معرفة مصدرها في أحيان كثيرة.
اقتراحات عملية
ماذا تقترح كأستاذ في الإعلام لمواجهة الإشاعة في ظل هذه الجائحة العالمية؟
كمختص في الإعلام، فإن مواجهة الإشاعات في هذه الأزمة «جائحة كورونا» يتطلب عدة إجراءات:
أولا: إيلاء الاهتمام الكافي بالإعلام ضمن فريق مكافحة الجائحة.
ثانيا: تقديم المعلومة الرسمية في الوقت المناسب والحرص على صحة البيانات المنشورة ودقتها.
ثانيا: الحرص على الشفافية وعدم إخفاء الحقائق المتعلقة بتطور الوباء.
ثالثا: إصدار بيانات صحفية بشكل دوري وكلما دعت إليه الحاجة لشرح، توضيح أو تفسير أو تكذيب ما ينشر من شائعات.
رابعا: الحرص على عدم التضارب في الأرقام الرسمية المقدمة، لأن من شأن ذلك زرع الشك والريبة في نفوس المواطنين.
خامسا: استحداث منصات تواصل مع المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتكليف فريق لإدارتها.
سادسا: إطلاق حملات توعية وتحسيس بخطر الأخبار المغلوطة والشائعات والتحذير من تداعياتها.
سابعا: تنظيم مؤتمرات صحافية دورية وزيارات للصحفيين إلى المؤسسات الاستشفائية.
إلى جانب إيلاء الأهمية القصوى لعنصر الوعي الشعبي، يجب إشراك الجميع في إيصال رسالة الحجر والالتزام بتعليمات الجهات الوصية، كما يجب إشراك الجميع في إيصال رسالة الحجر والالتزام بتعليمات الجهات الوصية وتحسيس المواطنين بالإبلاغ عن الصفحات والمواقع التي تروج للإشاعات والأخبار المغلوطة.